عقل العقل
عقل العقل
كاتب وإعلامي سعودي

الشباب العربي.. السعودية أكبر حليف لهم

آراء

بلغ سكان العالم العربي حوالى 370 مليون نسمة، نسبة الشباب العربي منهم حوالى 70 في المئة، وهذه النسبة مرتفعة جداً، وهي خطيرة بالوقت نفسه، ولاسيما أن الشباب وفي أي مجتمع يعتبرون الأكثر حيوية وتفاعلاً مع قضايا مجتمعاتهم.

وفي عالمنا العربي لا يختلف وضعهم عن حال المجتمعات الأخرى، بل إن الشباب العربي قد حصل على درجة مرتفعة من التعليم مقارنة بالأجيال السابقة، وهذا باعتقادي يخلق مشكلة كبيرة لمعظم الدول العربية في استيعاب الشباب ببرامج واستراتيجيات وطنية في التعاطي مع مطالبهم وحقوقهم، وكلنا يراقب المشهد العربي في وضعنا الراهن وما عبروا عنه من مطالب أصيلة لأوطانهم من خلال مطالب سياسية بالدرجة الأولى، إضافة إلى المطالب الأخرى والتي تشمل القضايا الاقتصادية والاجتماعية، ولكن هناك نسبة مرتفعة من البطالة بين الشباب العربي وهذه قضية خطيرة جداً إذا لم تُحل بشكل جذري.

الشباب العربي هو من قاد ما يسمى «الربيع العربي» في الدول التي عاشت ولا تزال تمر بظروف تغير عسرة، وقد طالب هؤلاء بإسقاط الأنظمة الشمولية في بعض الدول العربية، وفي ظل عدم وجود قوى معارضة مؤسساتية من أحزاب ونقابات طلابية وعمالية تخلق وتعمل على رؤيا واضحة ومحددة نجد أن تضحيات الشباب العربي في تلك الأقطار قد أهدرت، بل إن ما كان يطالب به الشباب العربي من حرية وديموقراطية قد كفروا بها بعد أربع سنوات من بداية «الربيع العربي» لأسباب عدة سأسلط الضوء عليها من خلال استطلاع تم أخيراً في عام 2015.

هذا الاستطلاع الذي قام به مركز بيرسون-مارستليو وهو أحد المراكز الرائدة في منطقة الشرق الأوسط والذي يعنى بمثل هذه القضايا، وهذه النسخة السابعة من استطلاعات الخاصة بالشباب العربي، وقد غطى في نسخته السابعة قضايا الشباب العربي في 16 بلداً عربياً، وكل دول الخليج العربي مضمنة فيه، إضافة إلى دول عربية أخرى، واعتمد على إجراء المقابلات الشخصية المعمقة لـ 3500 شاب وشابة عربية.

ففي جزئية إمكانية وقدرة «الربيع العربي» على تغير الأوضاع في العالم العربي عبَّر فقط 37 في المئة منهم بإيجابية عن ذلك، مقارنة بما اعتقدوه وعن السؤال نفسه في استطلاع عام 2012 وكانت نسبة من اعتقد منهم بقدرة «الربيع العربي» على التغير قد وصلت إلى 72 في المئة، وهذا دليل على أن الشباب العربي فقدوا ثقتهم في «الربيع العربي»، وقد تكون استطلاعات الأعوام المقبلة صادمة، بل رافضة لهذه الطريقة بالتغير، ولاسيما بسبب ما جلبه «الربيع العربي» من دمار وفوضى لمجتمعاتهم على رغم الأمنيات والصورة الرومانيطية والوردية لمن عولوا على «الربيع العربي».

تنظيم داعش كان حاضراً في هذا الاستفتاء، إذ عبَّر 73 في المئة من الشباب العربي من مخاوفهم من تمدد ما يسمى «الدولة الإسلامية» ورأى 37 في المئة منهم أن هذا التنظيم يمثل العقبة التي تواجه المنطقة العربية، فيما عبَّر 47 المئة منهم عن قدرة بلدانهم على التعامل مع هذا التهديد الجديد. هذه الأرقام جديرة بالملاحظة؛ ولاسيما إذا عرفنا أن معظم من يتعاطفون مع «داعش» أو ينخرطون في صفوفه هم من فئة الشباب، ويعطي أملاً للحكومات العربية لسحب البساط من تحت أقدام مثل هذه التنظيمات الإرهابية من خلال برامج جادة تستوعب الشباب العربي، وأن تكون هناك تنازلات من هذه الدول العربية في إشراك الشباب في عملية المشاركة السياسية.

وقد اعتبر 1 من كل 3 من الشباب العربي في هذه الدراسة أن السعودية هي الحليف الأكبر لبلدانهم، وهذا باعتقادي نسبة مرتفعة وتؤكد مكانتها (السعودية) كمحور رئيس في المنطقة والعالم، وأرجع الشباب العربي موقفهم هذا بسبب الموقف الحازم للمملكة من قضية الملف النووي الإيراني، بعد توصل القوى الغربية إلى اتفاق معها حياله، إضافة إلى التردد الأميركي من اتخاذ موقف حازم لما يجري في سورية، ولا أتصور كم ستكون النسبة لو أجريت هذه الدراسة بعد عاصفة الحزم التي لا أشك أنها ستكون كاسحة.

قضايا كثيرة شملها هذا الاستطلاع، لا تقل أهمية عما ذكرت، مثل: قضايا البطالة، ونظرة الشباب العربي إلى المستقبل، ونظرتهم إلى اللغة العربية، ووسائل التواصل الاجتماعي. كم نحن بحاجة إلى مثل هذه القراءات العلمية؛ لمعرفة واقع الشباب العربي، وهذا يخدم الدول العربية في إيجاد حلول وتغير لهذا الواقع إذا كانت جادة في المحافظة على سلمها الاجتماعي.

المصدر: الحياة

http://alhayat.com/Opinion/Akel-Il-Akel