جاسر عبدالعزيز الجاسر
جاسر عبدالعزيز الجاسر
مدير تحرير صحيفة الجزيرة

الصفعة

آراء

الساعة: 9:33 مساء

اليوم: الاثنين 4 أيار (مايو)

الملك سلمان بن عبدالعزيز يغرد: «تمنياتي لسمو ولي العهد، وسمو ولي ولي العهد، وللوزراء الجدد، وأن يؤدي المسؤولون كافة مهامهم لخدمة شعبنا، الذي لن أقبل التقصير في خدمته».

في تلك الســــاعة كان الملك يستـــضيف الرئيــــس الفرنسي على العشاء، ومن اللافت أن تصـــــدر التغريدة في هذه اللحظات لولا أنها تضمنت إضافة إلى التهنئة رسالة شديدة اللهجة بملاحــــقة المــــقصرين في الخدمة من دون أن يكون لها مناسبة معينة في إطار التهنئة والحث على العمل الجاد.

في ما يبدو أن الملك اطلع على مقطع «الصفعة» قبل ذلك بقليل، فقضى أمره بإنصاف الصحافي، إلا أنه أراد من خلال التغريدة التي سبقت إعفاء رئيس المراســم أن يذكّر جميع المسؤولين بمهماتهم، وأن يحذّرهم من التقصير، لأن الأمر سيصدر حال وداع الضيف، أو على الأصح صدر منذ اللحظة الأولى التي وقف فيها الملك على المقطع، لكن الإعلان تأخر احتراماً للضيف وواجبه.

ساعات قليلة فقط بين إطلاق الوسم والأمر الملكي الذي يؤكد أن كرامة الإنسان أعلى من كل اعتبار، ولا حصانة لمسيء أو مقصر مهما كان، لذلك كانت التغريدة إعلاناً مبدئياً مستديماً لمصير كل من يختل عمله.

جاءت الصفعة من رئيس المراسم المفترض كونه سيد الديبلوماسية والبروتوكول، وفي لحظة استقبال الملك لضيفه، وقمعاً لحرية مصور في الحصول على صورة مميزة وهو المخول بحضور الاستـــقبال وتصويره، وإســـاءة بكل المقاييس، من هنا جاء التأكيد على أن الإعفاء جاء نتيجة هذا التعامل غير المقبول والمتجاوز لكل الأعراف والتقاليد.

الصحافي الذي تعرض للإهانة لم يضع حقه من دون أن يكون في حاجة لتقديم شكوى، وملاحقة القضية بيأس بحكم مكانة المعتدي ونفوذه، إذ نقلت وسائل التواصل الاجتماعي حالته فكانت عين الملك، وهو ما يدل على أن الملك يرصد كل شكوى، ويطلع على كل مقترح، ويستمع لصوت الناس في أي شكل جاء، وعبر أية وسيلة، فإذا اتضحت الحقيقة جاء الأمر الحازم ليعصف بالإساءة ويعيد للمواطن والمقيم حقه من دون تأخير.

ثلاثة أوامر ضد أمــير ووزير ومسؤول كبير حملت رسالة واحدة: أنتم في خدمة المـــواطن فلا تتـــهاونوا أو تتجاوزوا، ليس في إطار التعـــدي فقط، بل مجرد التقصير وضعف الأداء.

هذه الأوامر تعلن أن حصانة المواطن تفوق حصانة أي مسؤول، وهو ما استشــعره الناس الذين ســـهروا ليلهم يحتفلون بنصرة سلمان لهم في كل موقف، الذين نالوا حماية فورية تعجز عن تحـــقيقها كل القوانين وفي ظرف ساعات فقط.

ليلة الثلثاء كانت احتفالية ليس من باب الشماتة، بل للاطمئنان إلى يقظة العين التي ترعى شؤونهم وتقوم على خدمتهم، أما الذين سيسهرون قلقاً وجدية فهم المسؤولون الذين يخشون المواطن إن قصّر في خدمتهم بعدما كان يخافهم ويتهيب مواجهتهم.

مسؤولية الإعلام والناشطين في وسائل التواصل أن يكونوا عيناً صادقة وكلمة أمينة ونزيهة ناضجة تتحرى الدقة والأمانة، فالملك يمنحهم كل الشرعية وهذه أمانة ثقيلة.

المصدر: الحياة
alhayat.com/Opinion/Jasser-AlJasser/9015833/مخاتلة-(الصفعة)