مازن العليوي
مازن العليوي
كاتب سوري في صحيفة الرؤية الإماراتية، ويعمل حاليا في مجال إعداد البرامج الحوارية الفضائية ، رئيس قسمي الثقافة والرأي في صحيفة "الوطن" السعودية اعتبارا من عام 2001 ولغاية 2010 ، عضو اتحاد الكتاب العرب (جمعية الشعر)، واتحاد الصحفيين العرب، بكالوريوس في الهندسة الكهربائية والإلكترونية، وبكالوريوس في اللغة العربية وآدابها، لديه 3 مجموعات شعرية مطبوعة

الصوت وطن.. “كيفو” نموذجا

آراء

حمل الموسيقي والمطرب السوري “إبراهيم كيفو” صوته الأصيل وارتحل به في كثير من الدول العربية والأوروبية حتى أصبح علامة فارقة في مهرجان مورغن لاند الألماني. ومن يعرف “كيفو” عن قرب يدرك مدى إخلاصه للفن الأصيل وللتراث الموسيقي لمنطقته، ولعل ذلك من أسرار نجاحه الباهر على المستوى الأوروبي، بالإضافة إلى الوجه المشرق الذي قدمه في مهرجان بيت الدين في لبنان وغيرها من المهرجانات والسهرات الفنية مثل “الكرين” الكويتي، ومسرح ملتقى أسرة جامعة الإمارات في العين.

في ثمانينات القرن العشرين أيام الدراسة في جامعة حلب، كثيرا ما تحاورت مع “إبراهيم كيفو” – الذي كان صديقا وأخا – حول من يتكسبون عبر الهبوط بالفن إلى سوية منخفضة من الذائقة، وكان يرفض ذلك حتى لو عرضت عليه الملايين – على حد تعبيره -، مؤكدا أن الفن رسالة. والجميل فيه أنه أصر على موقفه بعد أن كبرنا، وصبر حتى صار يقطف ثمار إخلاصه في السنوات الأخيرة.

تمكن “كيفو” في حفلاته الموسيقية الراقية من توظيف الإرث الموسيقي الهائل لمنطقة الجزيرة السورية، التي يعشقها ويتقن لغاتها كالعربية والسريانية والكردية والأرمنية والمردلية والآشورية، ولأنه “موسوعة” في موسيقى ومقامات وإيقاعات الشرق فقد ارتقى بالأداء والتوزيع الموسيقي حتى قطع مسافات يحلم بما هو أبعد منها. ففي آخر مهرجانات بيت الدين عزف “كيفو” مع الفرقة الموسيقية المرافقة بإبداع، وغنى بست لغات وأدى رقصات تراثية فحرّك الجمهور وأثار شجونه، وفي ألمانيا بث التلفزيون الألماني حفلته في “مورغن لاند” كاملة، فأمتع الجمهور بأغانيه ومنها “صبيحة” التي يبدع بالتلوين الغنائي فيها.

الموسيقي “إبراهيم كيفو” ولد في قرية دوكر في “عامودا” الواقعة شمال “الحسكة” في سورية، وفي الثمانينات أقام في حلب للدراسة وتخرج في معهدها الموسيقي عام 1987. ونال كثيرا من الجوائز مثل “أورنينا” لأفضل أداء تراثي في مهرجان حلب الثالث عام 1987، وجائزة “أورنينا” الذهبية عن أغنية “مسا الخير” من كلماته وألحانه في مهرجان حلب الخامس عام 1998ـ وهو حائز على جائزة تقدير من إدارة مهرجان بيت الثقافة العالمي في باريس وغيرها، ولمن يريد استكشاف الفن السوري الراقي ما عليه إلا أن يبحث في اليوتيوب أو الإنترنت عن اسم Ibrahim Keivo ليجد إبداعات موسيقية راقية غابت عن إعلامنا العربي المرئي لأسباب غير مبررة.

إن فرّقت الأحداث المجتمع السوري فإن “كيفو” يجمع بحنجرته وطنا جريحا بلغاته وتنوعه العرقي والديني، وينقله بأحاسيس فنان إلى العالم، حتى غدا صوته وطنا للمغتربين، الذين يجدون فيه ذاكرة المكان الذي أحبوه.

المصدر: الوطن أون لاين