الصين تعمل لإبعاد أميركا عن بحر الصين الجنوبي

أخبار

يواجه العالم بصورة مستمرة احتمال سيطرة الصين القوية، في أحد أكثر الممرات المائية أهمية في العالم، وهو بحر الصين الجنوبي، وربما أن السيطرة الأميركية على البحار في آسيا، التي استمرت منذ عقود كما نعرفها، تنتهي قريباً، حيث يتوقع أن ترث الصين هذه السيطرة على المنطقة. وعلى الرغم من أنها ضعيفة نسبياً اقتصادياً، إلا أن بكين تستفيد من كونها مطلة على هذا الممر، وفي غضون شهرين تمكنت من إقامة بنية تحتية في عدد من الجزر.

وبدأت الصين العام الجاري بمفاجأة كبيرة، إذ إنها قامت برحلات عدة لاختبار مهابط الطائرات، التي أنشأتها في سلسلة الجزر المذكورة المعروفة باسم باراسيل، وتلا ذلك قرار الصين بناء منصة تنقيب عن النفط في منطقة بحرية، تطالب فيتنام بأحقيتها في امتلاكها في بحر الصين الجنوبي. وعندما حاول الرئيس الأميركي باراك أوباما، حشد الدعم الدبلوماسي للضغط على الصين في قمة قادة جنوب شرق آسيا في صانيلاند، ردت عليه الصين بنشر صواريخ «إتش كيو9» أرض ــ جو، على الجزر المتنازع عليها.

وبعد مرور أيام عدة، أرسلت الصين مقاتلات إلى منشآت عسكرية في المنطقة، والمثير للقلق أن الصين استخدمت منظومة رادار متطورة جداً عبر أربع جزر اصطناعية، الأمر الذي سيسمح لبكين بالسيطرة الفعالة على البحر والجو في منطقة بحر الصين الجنوبي. وذلك كما قال مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية. ولكن المسؤولين الصينيين خففوا من الأهمية الاستراتيجية لهذه التطورات، في تلك المنطقة. ووصف وزير الخارجية الصيني وانغ يي هذه التطورات بأنها «منشآت محدودة هدفها الدفاع الضروري عن النفس»، في حين رفضت وزارة الدفاع الصينية جميع الانتقادات الموجهة، التي قالت إن الإعلام الغربي يجمعها. وقامت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية هوا تشانيانغ بخطوة إضافية، حيث قارنت بين المناورات الأخيرة للصين باعتبارها روتينية ولا تختلف عن قيام الولايات المتحدة بحماية جزيرة هاواي.

وفي حقيقة الأمر حاولت الصين تبرير هذا الانتشار العسكري، باعتباره رداً على حرية أميركا في عمليات الإبحار التي تقوم بها في المنطقة، والتي كان آخرها يستهدف السيادة الصينية في جزر باراسيل. وما يبدو جلياً أن ما قامت به الصين يتناقض مع تعهد الرئيس الصيني تشي جيبنيغ خلال زيارته إلى واشنطن العام الماضي، لتجنب عسكرة النزاع على الجزر.

ولكن على الرغم من التعتيم إلا أن الهدف مما تقوم به الصين جلي تماماً، فبالنظر إلى أنها أقامت شبكة كبيرة من المنشآت ذات الأغراض المزدوجة، إضافة إلى إرسال منصات عسكرية متطورة إلى جزر صناعية تحت سيطرتها، من الواضح أن الصين تضع الأسس اللازمة من أجل قاعدة جوية لتحديد المنطقة، وفي الحقيقة فإن الصين لا تعمل على إضعاف التفوق الأميركي البحري في شرق آسيا، بفضل تقدمها المتسارع الذي تعمد من خلاله إلى السيطرة على بحر الصين الجنوبي، وإنما إلى تحويله إلى بحيرة صينية وطنية.

وحاولت إدارة الرئيس باراك أوباما، وان بنجاح محدود حتى الآن، لجم الطموحات الصينية البحرية، عن طريق حشد ائتلاف دبلوماسي وعسكري في المنطقة. ولكن أميركا وحلفاءها ليس لديهم الكثير من الخيارات الآمنة والسهلة. وسيتعين عليهم قريباً اتخاذ مزيد من الإجراءات المضادة الحاسمة.

ويتمثل المكون الحاسم في استراتيجية إدارة أوباما للجم طموحات الصين البحرية في حشد الدعم الدبلوماسي المحلي، بشأن قضية بحر الصين الجنوبي. وعلى الرغم من أنها كانت تاريخياً عبارة عن الباحة الخلفية للصين، إلا أن منطقة جنوب شرق آسيا أصبحت حالياً مسرحاً للمنافسة الشرسة بين القوى العظمى التي تتنافس في ما بينها للسيطرة على آسيا. وساهمت نهاية الحرب الباردة في تعبيد الطريق أمام ما بدا أنه سيطرة أميركية شاملة في المنطقة، ولكن الاقتصاد الصيني الذي ينمو بسرعة كبيرة، ساعدها على التحرك نحو فرض وجودها.

وكان أوباما الذي زار منطقة جنوب شرق آسيا أكثر من ست مرات، انخرط في علاقة قوية مع دول معاهدة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، أكثر من أي رئيس قبله.

المصدر: صحيفة الإمارات اليوم