العدوان اللدودان: البطالة والإسكان

آراء

البطالة والاسكان هما أكبر تحديان يواجهان اي اقتصاد، وهما ايضا يواجهان الاقتصاد السعودي كأكبر التحديات التي تعمل الحكومة على حلهما. ولا يمكن للحكومة حلهما الا بتعاون القطاع الخاص، وتعاون المواطنين أنفسهم في التأقلم مع السياسات والحلول التي تقدم. لم يحدث أي تحسن يذكر على معدلات البطالة حسب بيانات مصلحة الاحصاءات العامة الأخيرة، وهي تتحدث عن نحو 629 ألف عاطل عن العمل، بينما يتجاوز هذا الرقم 1.5 مسجلين لدى برنامج حافز. وحسب بعض أعضاء مجلس الشورى هناك أكثر من 150 ألف وظيفة شاغرة في القطاعات الحكومية. ويجدر التنويه أن نسبة البطالة بين الاناث هي الأعلى وهي من يرفع من مستويات هذه الأرقام. فالاحصاءات العامة تقول ان أكثر من 34% من العاطلين هم من الاناث، و برنامج حافز يقول ان 85% من المتقدمين للبرنامج هم من الاناث. اذا فالخلل واضح حيث يتمثل في صعوبة توظيف مزيد من الاناث، وهو خلل هيكلي له عوامله الدينية والاجتماعية التي تجعل من الصعوبة القضاء أو خفض نسبة البطالة وخصوصا بين الاناث ما لم يتكاتف المجتمع بكل أطيافه.

وبالنسبة للشاغر في اروقة وزارة الخدمة المدنية فإن من الصعوبة تحديد علاقتها بسوق العمل، خصوصا للداخلين الجدد للسوق (بين عمر 20-29 عاما) وهي الفئة التي تشكل أكبر نسبة من العاطلين حيث تشكل 72.6% من اجمالي العاطلين.

ان ارتفاع نسبة العاطلين في الفئة السنية حتى حدود الثلاثين قد يفسر عدم قدرة امتلاك المسكان لمن هم في هذه السن. فكلما تقدم الانسان في العمر -أعلى من 40 عاما مثلا- كلما زادت نسبة تملك المساكن. ولذلك فإن تقديم مساكن ملائمة للفئة السنية حتى الأربعين عاما يجب أن يكون هدفا استراتيجيا للحكومة، وهدفا مهما للقطاع الخاص. فالمفترض أن تقدم المساكن الملائمة لهذه الفئة السنية. فالشقق السكنية والأدوار المتعددة، و كذلك الدبلوكسات قد تكون هي الأشد ملاءمة لهذه الفئة. ويمكن تقديم مثل هذه المنتجات في مجمعات سكنية تحوي مئة عائلة مثلا، بحيث تكون متفرقة داخل المدن أو أطراف المدن التي تصل اليها كامل الخدمات مع سهولة قربها من المصالح المجتمعية الأخرى داخل المدينة مما يجعل من تلك الوحدات أكثر جاذبية للداخلين الجدد لسوق العمل.

ان ربط سوق العمل بسوق المساكن ايضا سيساهم بشكل كبير في الوصول الى حلول أكثر عملية. ويمكن تشجيع القطاع الخاص (الشركات والمؤسسسات) على تبني مشاريع اسكانية تنتهي بالتمليك لمنسوبيها، وخصوصا الداخلين الجدد لسوق العمل كعامل مهم في الاستقطاب والديمومة في نفس المؤسسة. ويمكن للمؤسسات العامة فعل نفس الشيء لمنسوبيها مما يساهم بشكل كبير في حل مشكلة البطالة والاسكان معا. ولا يجب أن يكون برنامج الاسكان لمنسوبي تلك الشركات والمؤسسات العامة عن طريق تقديم وحدات سكنية جاهزة، فيمكن تبني برامج اقراض طويلة الأمد لشراء المساكن بالتعاون مع شركات التمويل والبنوك.

إن علينا تبني حلولا خلاقة تناسب بيئة مجتمعنا وتسرع من عملية التوظيف وبناء المساكن مما يسهم في تقديم حلول عملية لهذين التحديين (البطالة والاسكان)، وبالتالي نكون انموذجا في تقديم الحلول، لا ناسخين فقط لما تم في دول أخرى.

المصدر: صحيفة الرياض