عبد الله الشمري
عبد الله الشمري
عبد الله الشمري كاتب و باحث سعودي متخصص في الشؤون التركية

العراق في مفترق طرق

آراء

يعيش العراق حاله عدم الاستقرار السياسي منذ اكثر من عقد، وقد انعكس ذلك على الداخل العراقي وعلى علاقات العراق الخليجية والعربية والاقليمية، ورغم تحسن الوضع الامني وانعقاد القمة العربية في بغداد في نهاية شهر مارس 2012م ، الا ان الوضع الداخلي لا يزال متشنجا بسبب تجاهل الحكومة الحالية لمطالب السنة وكل من يختلف معها ، كما ان علاقات العراق تدهورت حتى مع سوريا بعد تفجيرات (اغسطس 2009م) وكذلك مع الجارة الشمالية تركيا كما ان اقليم كردستان يظل (دولة امر واقع) وحتى اشعار آخر .

ولعل اخطر ما انتجه الاحتلال الامريكي للعراق وسقوط بغداد في التاسع من ابريل 2003م مرورا بتوقيع الاتفاقية الامنية مع امريكا في نوفمبر 2008م ، وانتهاء باكتمال الانسحاب الامريكي من العراق في ديسمبر 2011م ، هو تزايد النفوذ الايراني في العراق بل وسيطرته على القرار السياسي، ولم يعد الحديث يدور حول التغلغل إلايراني في العراق أو عدمه بل انتقل إلى البحث عن تقدير حجم هذا الامتداد ومدى تأثيره السلبي ليس فقط على الأوضاع العراقية بل وعلى دول الجوار، وسط صمت امريكي وممارسة سياسة (غض الطرف) والاعتراف احيانا بزخم هذا الدور وحقيقة اختراقه للداخل العراقي خاصة وان الأهداف الاستراتيجية التي تتوخى إيران تحقيقها في العراق كثيرة وبالتالي فإن «استقرار العراق قد لا يخدم المصالح الإيرانية بالضرورة».

وبعد انتشار موجة احداث الربيع العربي ابتداء من تونس مرورا بمصر واليمن وليبيا وانتهاء بسوريا ،حدثت احتجاجات شعبية في فبراير 2011م لكن هدأت الاوضاع حتى بدء التظاهرات بداية العام 2013م والتي شهدتها عدد من المحافظات العراقية لتدق ناقوس الخطر من جديد، وسط مطالبات بإجراء إصلاح شامل في البلاد يشمل إطلاق سراح المعتقلين والمعتقلات وإلغاء قانون المساءلة والعدالة والمادة الرابعة من قانون مكافحة الإرهاب، وخلال الاسابيع الماضية بدأ تشّكل رأى نخبوبي يطالب بحل الحكومة وحل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة في ظل حكومة انتقالية مؤقتة يتم الاتفاق عليها لكي تأتي بقيادات جديدة تكون اكثر وطنية واقل طائفية.

وذهبت بعض القوي السياسية الى رفع سقف مطالبها ليصل الى الدعوة لإسقاط حكومة رئيس الوزراء الحالي «نوري المالكي» وخاصة ان الحكومة الحالية في موقف مهزوز فالمالكي لم يستكمل طاقم حكومته واحتفظ بمعظم الوزارات السيادية، فضلا عن عجز الحكومة عن التصدي لمختلف الملفات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية، ويتلخص موقف رئيس الحكومة في ان حكومته لا تمانع من الاستجابة لبعض مطالب المتظاهرين والتي وصفها بالمشروعة لأنهم لا يحملون أجندات سياسية أو طائفية لكن اعترافه هذا بشرعية كل او بعض المطالب الشعبية لم يرافقه أي خطوات عملية تستجيب لها، كما ان المتظاهرين يشكون من المضايقات التى تمارسها قوات الأمن (والتى يغلب على عناصرها النفس الطائفي) ضدهم بينما تفسّر الحكومة ذلك بأنها تحركات تستند على بيان صادر عن مجلس الأمن الوطني الذي يترأسه رئيس الوزراء ويقضي بحماية المتظاهرين، وهي حجة لا يبدو أنها تقنع المحتجين الذين يرونها تشديدا لإجراءات متّبعة منذ انطلاق احتجاجاتهم ضد سياسات حكومة رئيس الوزراء واستمرارا لقمعهم بذريعة حماية ممتلكات الدولة والحقوق الدستورية للشعب.

ختاما العراق بكل تقاطعاته السياسية تتزايد تحدياته، فإلى أين يتجه؟ وخاصة ان المنطقة قلقة وتنتظرها تطورات خطيرة، والامور تحتاج الى قمة من الحكمة والمرونة والتفاهم للسيطرة على تفاعلات الاحداث. ودول المنطقة مترابطة مع بعضها، وأنسجتها متشابهة من حيث المكونات الشعبية.

المصدر: اليوم