عبد الله الشمري
عبد الله الشمري
عبد الله الشمري كاتب و باحث سعودي متخصص في الشؤون التركية

الغزل البريطاني لطهران

آراء

“طهران تبدو الآن أقرب إلى مدريد وأثينا أكثر مما تبدو شبيهة بالقاهرة أو مومباي”، بهذه الإشارة التفاؤلية –التى تصلح كإعلان تسويقي للاستثمار الأجنبي- دعا وزير الخارجية البريطاني الأسبق جاك سترو -ضمن مقال له نشرته صحيفة الأندبندت البريطانية يوم الجمعة 17 يناير 2013م- الغرب لفتح صفحة جديدة مع إيران.

مؤكدا انه لمس عن قرب أثناء زيارته طهران مدى التغيير الذي أحدثه الرئيس الإيراني حسن روحاني خلال فترة قصيرة من تسلمه الرئاسة في أغسطس 2013م، وأن “في إيران حسن روحاني، تشعر برياح التغيير”.

الوزير السابق سترو ذكر في مقاله: “إنه الوقت المناسب للغرب كي يعيد التفكير في العلاقات مع إيران”.

ويصف سترو للقارئ الأوروبي كيف شعر شخصيا بالتغيير في إيران خلال زيارته الأخيرة للعاصمة طهران ضمن وفد برلماني بريطاني قبل أسبوع.

وهنا لا بد من التأكيد على أن التغيير الذي حصل في إيران بعد انتخاب د. حسن روحاني رئيسا من الجولة الأولى في انتخابات يونيو 2013م في الانتخابات الرئاسية في ايران مثّل فرصة وذريعة للكثير من الغربيين لاستثماره في سرعة إعادة الدفء مجددا للعلاقات مع طهران، خاصه أنه مع مرور الزمن أيقنت دول غربية عديدة أن سياستها في دعم بعض الثوار السوريين لم تنجح في الإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد.

بل أدت الى زيادة خطر المجموعات المتطرفة المرتبطة بـ (القاعدة) التي باتت تهيمن أحيانا على أجزاء من الحدود السورية التركية والعراقية، وهنا اتفق الموقف الإيراني مع الموقفين الأمريكي والأوروبي في مواجهة شبح القاعدة.

يقول الوزير سترو: “بينما كانت السيارة التى تقل الوفد تخرج من المطار في طهران فوجئت بحجم ما تم إنجازه في مجال البنية التحتية خلال الأعوام التسعة المنصرمة منذ زرت إيران أخر مرة كوزير للخارجية.

وقد شاهدت الكثير من التطور في البنية التحتية طوال الطريق من المطار حتى فندق الإقامة”.

ويذكر سترو إن انتخاب روحاني في منصب الرئاسة في إيران كان مفاجئا، لكنه يؤكد أن هذا التطور لا ينبغي تقديره بشكل أكبر من حجمه الطبيعي بالنسبة لمعسكر الإصلاحيين في إيران.

ويؤكد الوزير في مقاله: “أمام روحاني مجال واسع للتفاوض والتوصل لحلول وسطى مع كل من أية الله علي خامنئي والحرس الثوري والبرلمان الإيراني”.

وهنا ربما يؤكد الوزير السابق ما ذهبت اليه مصادر دبلوماسية بأن الرئيس حسن روحاني بحاجة لكسب مزيد من الاوراق الإقليمية والدولية، لمواجهة معارضة قائمة وقوية من المحافظين لسياسته الخارجية.

فيما يتعلق بالعقوبات يقول سترو: “إنها قد لا تصمد كثيرا، حيث تبتعد روسيا والصين تدريجيا، كما أن إيطاليا وألمانيا ستزيد حجم صادراتهما لإيران “.

ويضيف سترو ليستشهد على توقعه قائلا: “طائرة لوفتهانزا -الألمانية- التى أقلتنا في رحلة العودة كانت تعج برجال الأعمال الألمان العائدين من إيران”.

تعلم إيران جيدا بأن كثيرا من الشركات الأوروبية كانت تنتظر بفارغ الصبر رفع العقوبات الدولية المفروضة على إيران بأسرع وقت بسبب برنامجها النووي ما سيعني إعادة تدفق إليها مجددا، لأن العقوبات المفروضة على إيران تسببت في تراجع كثير من الصادرات الأوروبية إلى إيران.

ويحذر سترو في مقاله قائلا: إن استمرار العقوبات سيفتح المجال أمام إيران لمواصلة البرنامج النووي الخاص بها دون رقابة أو ضمانات دولية وهو الأمر الذي لن يكون في صالح العالم أو إسرائيل.

طهران تُتابع -بكُل ارتياح- بزوغ فُرصة تاريخية لتتحول كبوابة اقتصادية جديدة، يمكن أن تتجه لها أوروبا، والملاحظ أن طهران تستقبل العودة الأوروبية إليها بواقعية سياسية (لكن هذا لا يعني أن طهران ستنسى بعض مواقف هذه الدول).

يذّكر الوزير سترو أوروبا بموقف الرئيس الأسبق خاتمي المشرف من الوقوف ضد الارهاب، حيث يقول: “أخر زيارة لي لطهران كانت بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر مباشرة، وأتذكر كيف كان موقف الرئيس محمد خاتمي واضحا وأخلاقيا في الالتزام بمحاربة تنظيم القاعدة الارهابي”.

تحولات العلاقات الإيرانية الأوروبية يجب أن تُدرس خليجيا بواقعية وعقلانية، وربما التاريخ يُعيد نفسه فيتعاون الغرب مع إيران للحرب على ما يسمى القاعدة، وهذه المرة ستكون المعركة في سوريا.

المصدر: اليوم السعودية