القوة الناعمة

آراء

هنا في هذا البيت الكبير تبدو الصفحات مضاءة بمصابيح لا تطفئ بريقها، لأن الذين يمسكون المشاعل هم من اختزلوا الطريق الوعرة، وطوقوا المعضلات بأشعة الوعي مستنيرين بإرث من كتب قصيدة الوطن الخالدة على لوح الذاكرة المحفوظ وسار بالركب هيابا، مستجاباً لا يكف عن البذل ولا يخفف من الوثب باتجاه الأحلام الزاهية.

هو القائد، السائد في ضمير أبنائه، هو المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وعلى أثره تذهب القيادة الرشيدة في المنحى، والمسرى، ولا تتوقف الجياد عن الوثب نحو المستقبل مستعينة بمهج أرهف من أجنحة الفراش، وعقول أنصع من در الأعماق، وجواهر اللج الغزيرة.

هنا في هذه الغرفة الوسيعة بين مخمل جدران زانها الله برؤى قيادة لم تتوقف يوماً عن بذل يروي الحقول ويشفي العقول ويمنح الإنسان أجنحة النوارس كي يمضي في الحقب ريانا، جذلاناً لا تعرقله عقبة، ولا تعيقه معضلة هو في الدنا ديدن وفي الحياة ديوان لقصيدة عصماء.

الإمارات اليوم تتقدم ركب الذاهبين إلى الحياة وسلاحهم كلمة طيبة جذرها في الأرض وفرعها في السماء.

الإمارات اليوم تقف عن خط الاحتواء، تضم بين أضلع أهلها حب الإنسانية، وعشق الوجود، ووحدة التي تطوق الكائنات بأذرع أدفأ من خيوط الشمس، وأحن من النخلة على ساقي جذورها.

هذه هي الإمارات التي زهت ونمت وترعرعت أزهارها واتسعت حقولها وتربعت على عرش المجد منتمية إلى الناس جميعاً، حاملة بيارق طموحاتها، ذاهبة إلى أفق النهايات القصوى، وذرة النصوع، جامعة حطب وقود التألق بإرادة الأوفياء، والذين لا يرهقهم كثير الحب، لأنهم من الحب نما زغب أجنحتهم ومن الصدق طوروا نسل أفكارهم، ومن الشفافية نسجوا حرير وعيهم.

هذه هي الإمارات اليوم تقع في قلب المراحل المتقدمة لوعي الحضارة الحديثة بأهمية أن نكون بملمس الحرير، ودفء المخمل، وصفاء العيون التي في طرفها حور وعذوبة عيون الماء.

هذه هي الإمارات لها في ضمير العالم مكان، وفي فكره مكانة، وفي مشاعره مكمن التقدير، والاحترام.

ومن يقرأ المشهد السياسي ويتابع عن قرب ما يحدث في علاقة الإمارات والآخر، يلمس ذلك الرمش المظلل الذي يطرف شغفاً ويهتف لهفاً إلى إنسانية ليس لها مثيلاً في العلاقات الدولية، بل إن الإمارات تضرب نموذجاً للتواصل مع الآخر كما هو التواصل بين الأنهار والروافد، كما هو التواصل بين الرمش والرمش.

هذه هي الإمارات تسطع في الوجود نجماً مكللاً بأحلام العفوية، متوجاً بأمنيات عشاق الحياة، والمنتمون إلى الوجود من دون أفكار مسبقة، ولا نوايا تعطل سير الأفكار نحو جداول النمو والارتقاء.

هذه هي الإمارات تخيط معطف الحضارة البشرية من خيط الحرير، وتبني قلاع السلام من طين السلاسة في التعاطي مع الغير، ومن دون محسنات بديعية تبدو جملتها فياضة بالجمال غزيرة بالمعنى، لأنها الجملة المنتمية إلى غافة الأمس الثرية بالود، الغنية بالانتماء إلى الوجود.

المصدر: الاتحاد