«بوكيمون» تغزو عقـــــول الشباب وتنتهك الخصوصية وتسيطر عــــــلى بيانات الهواتف

منوعات

حذّر قانونيون وخبراء تقنية وأمن معلومات من لعبة «بوكيمون جو»، التي غزت عقول الشباب، وانتشرت في دول عدة حول العالم، أخيراً، خصوصاً في دول منطقة الشرق الأوسط والخليج، وتجاوز عدد مستخدمي اللعبة ملايين الأشخاص من الأعمار كافة خلال يومين من إطلاقها، مؤكدين أن «البوكيمون» تنتهك خصوصية الأفراد، وتسيطر على بيانات الهواتف.

وأوضحوا أن اللعبة تطلب من المستخدمين ملاحقة «البوكيمون» وتصويره، ما يدفع المستخدمين إلى التصوير في الأماكن العامة، ما قد يوقعهم في جرائم انتهاك الخصوصية المجرّمة قانوناً، كما أن اللعبة تسيطر على بيانات الهواتف، ما يشكل خطراً على مستخدمي اللعبة، ويجعلهم عرضة للقرصنة، خصوصاً أصحاب الدخول المرتفعة، ما يجعل من سكان الخليج هدفاً رئيساً لقراصنة الإنترنت، خصوصاً أن انتشار باقات الإنترنت عالية السرعة، والخدمات الذكية، أسهم في زيادة المعاملات المالية التي تحمل الأرقام السرية للحسابات المصرفية وبطاقات الائتمان عبر الهواتف المتحركة.

وأشاروا إلى أن أغلب التطبيقات الذكية حالياً، خصوصاً الألعاب، تطلب من المستخدم ضمن شروط التحميل والاستخدام الموافقة على عدد من البنود التي تتيح الدخول إلى قاعدة بيانات الهاتف، والوصول إلى قائمة الاتصال والصور وملفات الفيديو المخزّنة فيه، وكذلك فتح واستخدام كاميرا ومسجل الصوت في الهاتف في أي وقت، لافتين إلى أن أغلب المستخدمين لا ينتبهون لهذا الأمر، ولا يطلعون على الشروط والأحكام الخاصة بالاستخدام، ويوافقون تلقائياً عليها، ما يسمح لهذه التطبيقات وبالشكل القانوني باختراق خصوصيتهم بالكامل.

وكانت شركة «ننتيندو» المطورة للعبة ذكرت على موقعها الإلكتروني، أن شروط اللعبة تسمح لها بالنفاذ إلى حسابات المستخدمين، والاطلاع على رسائلهم البريدية، ووعدت بتعديل هذه الصلاحيات مستقبلاً.

فيما أفاد خبير أمن المعلومات مدير إحدى شركات التكنولوجيا الرقمية العاملة في الدولة، المهندس معتز فراج، بأن إشكالية الاختراقات الأمنية للمعلومات على الهواتف المتحركة والأجهزة اللوحية الذكية، التي تشهد تزايداً يومياً تنبع من تدني مستوى وعي المستخدمين، فالتطبيقات المتاحة على متاجر أنظمة التشغيل كافة، لديها قائمة بشروط وأحكام الاستخدام المطلوب من المستخدم الموافقة عليها للسماح له بتحميل التطبيق واستخدامه، والنسبة الكبرى من المستخدمين يوافقون بشكل تلقائي عليها، دون قراءتها ومراجعتها جيداً.

وتابع أن النسبة الغالبة من شروط وأحكام هذه التطبيقات تسمح باختراق قاعدة بيانات الجهاز ونسخها واستخدامها، وتتيح فتح الكاميرا ومسجل الصوت في أي وقت، حتى وإن كان الجهاز غير مستخدم من قبل مالكه، وينطبق هذا الأمر على لعبة (بوكيمون جو)، التي شهدت انتشاراً كبيراً جداً خلال الأيام الماضية.

أقرّت شركة «ننتيندو» المطورة للعبة «بوكيمون جو»، على موقعها الإلكتروني، بأن شروط وأحكام استخدام التطبيق، تشمل السماح لها بالنفاذ إلى حسابات المستخدمين على «جيميل»، والاطلاع على رسائلهم البريدية، وهو الأمر الذي يعد سابقة في بنود الشروط والأحكام للتطبيقات الذكية، ووعدت بتعديل هذه الشروط والأحكام في استخدام التطبيق مستقبلاً.

وحذر خبير أمن المعلومات مدير إحدى شركات التكنولوجيا الرقمية العاملة في الدولة، المهندس معتز فراج، من الاختراقات الأمنية للمعلومات على الهواتف المتحركة والأجهزة اللوحية الذكية، عند تحميل الألعاب المتوافرة على متاجر أنظمة تشغيل الهواتف والأجهزة اللوحية الذكية، خصوصاً لعبة «بوكيمون جو»، موضحاً أن بنود شروط وأحكام استخدام اللعبة تشمل السماح بتفعيل خاصية تحديد المواقع (جي بي إس)، والدخول إلى قاعدة بيانات الصور ومقاطع الفيديو وأي بيانات مسجلة على الجهاز، واستخدام الكاميرا والمايكروفون في أي وقت، والدخول إلى حساب مستخدمي نظام التشغيل «أندرويد» الخاص بشركة غوغل (بريد جيميل)، وبالتالي الوصول إلى رسائله وقوائمه البريدية كافة.

وحول إشكالات أمن المعلومات الخاصة باللعبة، أوضح فراج، أن اللعبة وعبر تقنية تحديد المواقع، تسجل مكان سكن وعمل المستخدم، وكل المواقع التي يتردد عليها للتسوق والترفيه والعمل، وعبر اعتمادها على كاميرا الهاتف التي عبرها يتم تسجيل «البوكيمون» الذي يجده المستخدم، وتستطيع تصوير هذه الأماكن كافة، إضافة إلى المواقع الأخرى التي تطالبه بالذهاب إليها لاصطياد «البوكيمون».

خصوصية الإمارات

ولفت إلى أن الحصول على هذا الكم الضخم من المعلومات والبيانات يشكل تهديداً لخصوصية المستخدم، وينقسم التهديد هنا إلى نوعين، الأول يرتبط بأهداف اقتصادية، إذ يتم تحليل هذه المعلومات وإعداد تقرير عن شخصية المستخدم ورغباته التسويقية وأهم الأماكن التي يرتادها، وبيعها بشكل تجاري لمنتجي السلع المختلفة للتأثير فيه عبر الإعلانات، والنوع الثاني يرتبط بأهداف تجسّسية وأمنية، ما يشكل خطورة حقيقية على المستخدم ومحيطه بشكل عام.

وأوضح فراج أن دول الخليج تشكل حالة إغراء للقراصنة، نظراً لارتفاع مستوى الدخل فيها، وانتشار استخدام الإنترنت عالي السرعة، ونمو عدد الخدمات الحكومية والمصرفية الذكية التي تتم عبر الهاتف، فعبر تطبيقات الهاتف الذكي يمكن إجراء أغلب المعاملات الخاصة بالحسابات البنكية والحكومية للأفراد، ما يوفر قاعدة بيانات تشمل الأرقام السرية للحسابات.

وتابع أن الفراغ الذي يعانيه قطاع عريض من الشباب، خصوصاً في فترات الإجازات الدراسية، دفعهم إلى الإقبال بشكل لافت على تحميل لعبة البوكيمون، وهذا الأمر اتضح في الأيام الماضية، إذ يرتفع عدد مستخدمي لعبة البوكيمون في الدولة بشكل ملحوظ، وتمكن ملاحظة هذا الأمر من سيطرة اللعبة على حديث الشباب، سواء في عالم الواقع أو الافتراضي عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

تهديد الخصوصية

ومن جهته، قال مدير شركة تريند مايكرو العالمية، المتخصصة في أمن المعلومات لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إيهاب معوض، إن كم المعلومات الذي يدخل إلى قاعدة بيانات الشركة المطورة للعبة «بوكيمون»، يشكل تهديداً كبيراً على خصوصية المستخدم، موضحاً أن طبيعة تهديد اللعبة تحمل ثلاثة سيناريوهات، الأول استغلال المعلومات وبيعها للأغراض الإعلانية، وهذا عادة ما يحدث، والثاني وجود أهداف أمنية، التي يصعب التكهن بها، والثالث والأكثر خطراً على المستخدمين احتمالية تعرض قواعد بيانات الشركة للاختراق من قبل قراصنة إلكترونيين، واستخدام هذه البيانات في السرقة والابتزاز، إذ ستضم القاعدة صوراً شخصية ورسائل بريد إلكتروني، وربما أرقاماً سرية خاصة بالمستخدمين.

وتابع أن الاحتمالية الأكثر خطورة اختراق قاعدة بيانات الشركة المطورة وسرقة بيانات المستخدمين، فأغلب شركات التكنولوجيا العملاقة تعرضت لاختراقات أمنية، وأشهرها على الإطلاق تعرض حسابات «آي كلاود» الخاصة بشركة «أبل» للاختراق وسرقة صور شخصية ومحرجة لعدد من الفنانين العالميين، في وقت تصنف «أبل» كأفضل منتج للهواتف والأجهزة التقنية الذكية حفاظاً على أمن معلومات مستخدميها.

جرائم اللعبة

ومن الجانب القانوني، وحول انتهاك خصوصية المستخدمين، قال المحامي إبراهيم الحوسني، إن أي انتهاك لخصوصية الآخرين يُعدّ مجرّماً قانوناً، وإن لعبة «بوكيمون جو» تعتمد بالأصل على تصوير الأشخاص أو الأماكن للبحث عن الشخصيات الكرتونية الموجودة فيها، الأمر الذي من شأنه تعريض مستخدميها إلى المساءلة القانونية، نتيجة تعديهم على خصوصية أولئك الأشخاص.

وبيّن أن اللعبة قد تعرّض من يسيء استخدامها إلى الوقوع في جرائم تضمنها قانون العقوبات ومكافحة جرائم تقنية المعلومات، الذي لم يتهاون مع مرتكبيها، مشيراً إلى أن عقوبة تلك الجرائم قد تراوح بين الحبس لمدة لا تقل عن ستة أشهر والغرامة التي لا تقل عن 150 ألف درهم ولا تجاوز 500 ألف درهم، داعياً مستخدمي اللعبة إلى الحرص عند استخدامها، وعدم تصوير أشخاص أو أماكن حتى لو كان ذلك في الأوضاع العادية.

وأضاف أن سوء استخدام اللعبة قد يعرّض مستخدمها إلى جرائم ومخالفات، مثل تصوير مبان ومنشآت يحظر تصويرها، مشدداً إلى أنه في الوقت ذاته لا يمكن معرفة أهداف مثل هذه الألعاب أو غايات استخدامها لمثل تلك الصور التي تحصل عليها من المستخدمين.

ولفت إلى أنه بما أن طريقة اللعبة تعتمد على البحث عن الشخصيات الكرتونية، وتدفعهم إلى البحث عنها، حتى لو كان داخل مساكن أشخاص آخرين، ما يدفع المستخدمين إلى تعريض أنفسهم لارتكاب جرائم انتهاك الخصوصية.

وقال المحامي محمد التميمي، إن تجريم لعبة البوكيمون أمر غير ممكن، لكن طريقة استخدامها تحدد المسؤولية القانونية حيالها، مشيراً إلى أن اللعبة قد تكون مجرّمة في حال استخدام الكاميرا على جسد امرأة أو تصوير منشآت حسّاسة.

وتابع أن المادة (359) من قانون العقوبات تنص على «يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وغرامة لا تزيد على 10 آلاف درهم، أو بإحدى العقوبتين كل من تعرّض لأنثى على وجه يخدش حياءها بالقول أو الفعل في طريق عام أو مكان مطروق».

وأشار إلى أن «اللعبة تطلب من المستخدمين دخول بعض المحال والدوائر الحكومية والأماكن الأخرى، ومساكن الغير، من أجل تحقيق أهدافه في اللعبة، فهذا لو ثبتت صحته، فإننا سنكون أمام جريمة أخرى بنص المادة (434) من قانون العقوبات الاتحادي، حيث يعاقب مرتكبها بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بالغرامة التي لا تجاوز 5000 درهم، كل من دخل مكاناً مسكوناً خلافاً لإرادة صاحبه.

بدوره، قال المحامي محمد الهاشمي، إن فتح كاميرا الهاتف المحمول وتوجيهها إلى شخص دون إذنه يعتبر انتهاكاً لحرمة الحياة الخاصة، حيث يعتبر اعتداء على الحياة الخاصة، ولكل شخص الحق في الحماية من الاعتداء على شخصه وحياته الخاصة بالتصوير، كما يحدث في لعبة البوكيمون، التي انتشرت على الهواتف المحمولة في مختلف أنحاء العالم.

وأكد أن فتح كاميرا الهاتف المحمول وتوجيهها إلى شخص معين يعتبر بالفعل اعتداء على حرمة الحياة الخاصة، وتدخلاً في خصوصيات الآخرين، ويعتبر من أنواع التجسس، والقانون جرّم هذا النوع من الاعتداء، واعتبر الحياة الشخصية وحق الإنسان في الصورة من الحقوق الواجبة حمايتها من أي اعتداء أو مساس من قبل الآخرين.

دخول الأماكن الخاصة

المادة (434) من قانون العقوبات الاتحادي تنص على أن يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو غرامة التي لا تجاوز 5000 درهم كل من دخل مكاناً مسكوناً أو معداً للسكن أو أحد ملحقاته، أو محلاً معداً لحفظ المال أو عقاراً خلافاً لإرادة صاحب الشأن وفي غير الأحوال المبينة في القانون، وكذلك من بقي فيه خلافاً لإرادة من له الحق في إخراجه، أو وجد متخفياً عن أعين من له هذا الحق. وتكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنتين، إذا وقعت الجريمة ليلاً أو بوساطة العنف على الأشخاص أو الأشياء أو باستعمال سلاح أو من شخصين فأكثر أو بانتحال صفة كاذبة. وإذا كان القصد من الدخول أو البقاء منع الحيازة بالقوة أو ارتكاب جريمة عُد ذلك ظرفاً مشدداً.

المصدر: الإمارات اليوم