حمد الماجد
حمد الماجد
كاتب سعودي

تأجيل خصوماتنا لدحر الخصوم

آراء

مضى قرابة العام على حكم الإصلاحيين في إيران، ما الذي تغير في سياسة إيران؟ لنتلمس الجواب في سوريا، وهي المعترك الأكثر خطورة وأشد التهابا، وهي التي تهدد كامل منطقتنا بالانفجار الشامل، لا شيء تغير، ما زالت إيران تدعم بلا هوادة النظام السوري، وما زالت براميل الموت تتساقط في عهد روحاني «الإصلاحي الناعم»، بنفس معدلات سقوطها أيام أحمدي نجاد، الرئيس «الراديكالي»، بل على العكس، فقد ارتفعت وتيرة انتصارات فيلق القدس الإيراني في ساحة سوريا مدعوما من الحرس الثوري الطائفي المتطرف، الفرق بين المتشددين والإصلاحيين في إيران، هو الفرق بين من يدفعك بالقوة ويزج بك في السجن وهو يسب ويشتم، ومن يدخلك في السجن وهو مبتسم ويلاطفك، النتيجة في النهاية واحدة، وهذا أحد أسرار قوة إيران ودهاء قادتها.

فارق القوة بين إيران والعالم السني بشقيه العربي والعجمي، ليس بسبب امتلاك إيران للقنبلة النووية فحسب، ولو كان الأمر كذلك لكان لباكستان، ذات النفوذ والقوة، القوة النووية الرادعة لا أقل ولا أكثر، سر القوة الإيرانية يكمن في تماسك سياستها المتناغمة مع آيديولوجيتها وثبات تحالفاتها المنطلقة من ذات الآيديولوجيا، تحالف قاوم كل التيارات والأعاصير، لم يختلف حول جوهره محافظوهم عن ليبرالييهم، ولا إصلاحيوهم عن متشدديهم، يقابله في العالم السني معسكر مهلهل مترهل متصارع في أغلب تكويناته وجبهاته، وهذا ما جعل إيران تنفذ من خلال هذا العالم المضطرب في تنفيذ سياساتها وأجندتها مستغلة صراعاته وتناقضاته.

إيران التي تساهم في هدم كيان سوريا وقتل شعبها وتمزيقه شر ممزق، وتضع لبنان كله تحت احتلال قاعدتها العسكرية في الجنوب اللبناني، وتهيمن على العراق من خلال رجالاتها المخلصين، وترفرف راياتها الحوثية السود على مشارف العاصمة اليمنية، وتهدد أمن المنطقة كلها، وتحتل جزرا عربية، هي إيران التي تُعقد معها هذه الأيام الصفقات الاقتصادية الضخمة التي بالتأكيد ستغذي آلة الحرب ضد الشعب السوري المكلوم.

وبدل أن يتحد صف العالم العربي لردع العدوان الإيراني الخطير وتحجيمه، نلاحظ أن بعض الدول العربية لم تستطع حتى الآن تجنب خلافاتها البسيطة بما يمكنها من الصمود أمام التحديات التي تواجهها في كل الجبهات.

وقل الشيء ذاته عن تركيا التي مهما اختلف الناس حول سياسة قادتها وتوجهاتهم الفكرية، فإنها تظل على الرغم من كل هذا، سندا قويا وحليفا متينا لبقية الدول العربية ضد خطر إيران الداهم، حقيقة يؤكدها التاريخ والواقع، ومع ذلك تأثرت علاقات بعض الدول العربية في المنطقة مع تركيا لأسباب ومبررات غير مقبولة مقارنة بالتهديد الإيراني، وكان بالمقدور تأجيل هذه المناكفات وتصفية الحسابات والتلاوم السياسي حتى تنتهي معارك العرب مع إيران على الجبهات السورية واليمنية واللبنانية والعراقية.

المصدر: الشرق الأوسط