تدوينة لطالب ثانوي تكشف الجانب المظلم لـ «وادي السيليكون»

أخبار

يمثل وادي السيليكون بأميركا «درة التاج» في صناعات التقنية العالية، كالاتصالات والبرمجيات والالكترونيات ونظم المعلومات، والمقصد الأول للباحثين عن ريادة الأعمال والحلول الإبداعية، والثراء المبني على الإنجاز والقيمة المضافة، والعلم في أعلى مستوياته، وأعمق درجاته. وهذه الصورة الذهنية البراقة حول الوادي تعرضت أخيراً للطمة مؤثرة على يد تدوينة كتبها طالب ثانوي مراهق، بواحدة من المدارس الثانوية بـ«وادي السيليكون»، كشف فيها الطالب عن الجانب المظلم لهذا الوادي البراق، الذي يمارس القسوة على الباحثين والدارسين ورواد الأعمال بثلاثة أوجه، هي المنافسة المستمرة بلا انقطاع، وجداول العمل الزائدة على الحد دوماً، والخوف من الفشل الذي لا يستطيع أحد الفكاك منه، وهي ثلاثية تسحق إنسانية الإنسان على حد تعبيره، ولا تدع للمرء فرصة لأن يشم الزهور أو يتمتع بالحياة.

الخوف الدائم

وكتب هذه التدوينة طالب يدعى كالفين لام، بمدرسة «إيفرغرين فالي» بـ«وادي السيليكون»، ونشرها على مدونة «كوارا»، كإجابة عن السؤال: «ما هو الجانب المظلم في (وادي السيليكون)؟»، قال فيها إن «(وادي السيليكون) هو موطن أفضل وألمع المهندسين، وأكثر التقنيات حداثة، وأعلى المرتبات في العالم، لكنه أيضاً موطن المدارس الثانوية التنافسية الراقية، وهذا عظيم لكن بأي ثمن؟».

وذكر لام أن الثمن ثلاثة أشياء: الأول هو الخوف الدائم من الفشل، وهذا يبدو غير متوقع على حد قوله.

وأضاف: «(وادي السيليكون) مميز، وموطن ريادة الأعمال والمخاطرة وحل مشكلات العالم، فكيف نخاف من الفشل؟ الحقيقة نحن عالقون بما نعتقد أنه الأفضل، وهذا الأفضل لا يجعلنا نفعل ما نحب، ونستمتع به، بل دائماً علينا أن نفعل ما يفترض أنه يصل بنا إلى الأفضل من وجهة نظر (سيليكون فالي)، والثقافة السائدة به، فإذا كنت تعزف على البيانو جيداً فلن يكون بوسعك أن تستمر في ذلك، بل عليك أن تجرب وتعيش أشياء أخرى، افترض آخرون أنها تقودك للأفضل». وتابع لام: «عليك أن تنضم إلى أي نشاط من أجل أن تضعه في طلبك للكلية، وليس متاحاً لك أن تجرب الأشياء الجديدة وتفشل، بل عليك أن تعمل باجتهاد وجد وتنجز الأشياء العظيمة أو الجيدة، لأنها النقطة التي تجعلك تدخل إلى الكلية».

المنافسة الخانقة

وأوضح لام أن الأمر الثاني هو المنافسة الخانقة الماحقة بلا انقطاع، فهناك دوماً منافسة شرسة حول من يستطيع الحصول على أفضل فترة تدريب، ومن يستطيع اختيار أفضل جدول، ومن يستطيع التقدم للأفضل، وأكثر برامج الصيف احتراماً وقيمة، ومن يستطيع أن يؤدى أصعب الأعمال، ومن يستطيع النوم أقل ويحافظ على نشاطه واستقامته، ومن يستطيع أن يكون جزءاً من معظم النوادي، بل من يستطيع أن يفعل كل شيء.

الجداول المزدحمة

وواصل لام وصفه للجانب المظلم بمجتمع (وادي السيليكون)، متحدثاً عن الأمر الثالث، وهو «الجدولة الزائدة المثيرة للسخرية»، مشيراً إلى أنه في «وادي السيليكون» يمكن أن يجد المرء أطفالاً في الثانوية مثقلين بجداول مشحونة أكثر من جداول المديرين التنفيذيين في المؤسسات العالمية الكبرى، فالجداول تقول إن اليوم يبدأ بالفصول الدراسية، وبعد المدرسة اذهب إلى تدريباتك الرياضية لما يراوح بين ساعتين وثلاث ساعات، وبعد التدريبات الرياضية اذهب للتدريب على أدواتك اليدوية ما بين ساعة وساعتين، والآن هو وقت العشاء، وعليك أن تأكل لمدة ساعة، ثم تأدية واجبك المنزلي لمدة ساعة، وهذا ليس حقيقياً حينما يكون لديك خمس كورسات بها الكثير من الأحمال الشاقة.

السعادة مؤجلة

وتساءل لام: «أين وقت الراحة والمتعة؟ إننا في مستنقع هذه العقلية التي تجعل السعادة مؤجلة دائماً، إنها العقلية التي تقول: سأعمل بجد الآن، حتى أستطيع أن أستمتع بحياتي في وقت لاحق. لا بأس، ولكن متى ينتهي ذلك؟ في مجتمع (وادي السيليكون) لا ينتهي ذلك أبداً، فالمنافسة المستمرة والخوف من الفشل يجعلان الحمولة الزائدة لا تخف، والوقوع في هذه الحلقة المفرغة يجعل من الصعب أن نرى ما الذي يجعل الحياة تستحق هذا العناء». وأكد أن الشيء الذي يريد قوله للمراهقين في (وادي السيليكون) هو: «استمتع بوقتك، وكن طموحاً واعمل بجد، وكن أي شيء تريده وأكثر، ولكن لا تنس أن تتوقف وتشم الزهور، فبعد كل شيء ما هي الحياة إن لم تستمتع بها؟».

وحظيت تدوينة لام بعد نشرها باهتمام واسع النطاق من قبل مواقع وشركات التقنية وقطاع كبير من المجتمع الأميركي نفسه، ورغم أنها تصف الضغوط الكبيرة التي يتعرض لها طلاب المدارس الثانوية بـ«وادي السيليكون»، إلا أن الكثيرين رأوا أنها تصف الجانب السلبي أو المظلم للحياة ليس في المدارس الثانوية بـ«وادي السيليكون» فقط، ولكن في عموم المؤسسات والكيانات العاملة به، كمراكز الأبحاث، وتجمعات الشركات الناشئة والرائدة، والشركات الكبرى، والمعاهد والمؤسسات التعليمية قبل الثانوية وبعدها.

المصدر: الإمارات اليوم