أحمد أميري
أحمد أميري
كاتب اماراتي

تساؤلات قانون مكافحة الكراهية

آراء

قانون مكافحة التمييز والكراهية يعد في رأيي إطاراً لصورة التسامح في الإمارات، وهو ما يدفع للتفاؤل بالتزام الجميع به، ومع هذا فقد كان من المهم قطع الطريق على أفكار التمييز والكراهية التي قد تصل إلينا من الخارج.

وأثير تساؤل عمّا إذا كان القانون قد جرّم النقاشات الدينية بنصه على أنه لا يجوز الاحتجاج بحرية الرأي لإتيان أي قول أو عمل من شأنه التحريض على ازدراء الأديان أو تجريحها أو السخرية منها أو الإساءة إلى الكتب السماوية أو دور العبادة أو التطاول على الأنبياء أو الرسل أو زوجاتهم أو آلهم أو صحابتهم أو السخرية منهم أو الإساءة إليهم.

وأعتقد أنه ما من قانون يجرّم النقاش ما دام ملتزماً بمعايير البحث العلمي ويقوم على حسن النيّة وبغرض كشف الحقائق، وشتان بين الإساءة وإبداء الرأي، ولو لم يوفق صاحبه. وشتان بين من يحاول محاكاة الآيات القرآنية، ومن يجتهد في البحث حول مضامينها، فيصيب أو يخطئ. وشتان بين من يسبّ الرموز الدينية، ومن يتناول بالدراسة والتحليل مواقفهم وأدوارهم، مع المحافظة على الأدب والاحترام الواجبين لمكانتها.

وأثير تساؤل عمّا إذا كان القانون يعاقب من يسيء إلى دين غير سماوي، باعتبار أن القانون نفسه تحدث عن الأديان السماوية. وهنا ينبغي التفريق بين الإساءة إلى دين غير سماوي، وهو عمل لا معنى له أساساً، وبين الإساءة إلى أتباعه، إذ قد يعد مثيراً لخطاب الكراهية في الحالة الثانية.

وطُرح تساؤل عما إذا كان القانون يجرم وصف غير المسلم بـ«كافر»، وبرأيي أنه ينبغي العودة إلى الغاية من القانون، وهي مكافحة التمييز والكراهية، وما دام ذلك الوصف يستتبع غالباً التمييز ضد الموصوف، وكراهيته، فأعتقد أن الوصف مجرّم. وطُرح أيضاً تساؤل حول مفهوم المسلم، وأعتقد أن القدر المتيقن من هذا المفهوم قد ورد في «بيان مكة» الذي اعتبر مسلماً كل من يتبع أحد المذاهب الثمانية، ومن المهم التوسع أكثر في هذا المفهوم، اتساقاً مع روح القانون والغاية منه، ليشمل كل «من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا..»، كما في الحديث النبوي.

وأثير تساؤل عمّا إذا كان القانون يمنع إبداء الرأي في عموم الجماعات الدينية. وأعتقد أنه ينبغي هنا التفريق بين الجهات والتنظيمات الـ83 التي وضعتها الدولة على لائحة المنظمات الإرهابية، والجماعات الدينية الأخرى غير المسيّسة أو المسلّحة.

كما طُرح تساؤل حول تشديد العقوبة على من ينتهك مواد القانون إذا كان موظفاً عاماً أو شخصاً يحمل صفة دينية أو إذ وقع الفعل في دار عبادة. والعلة من تشديد عقوبة الموظف العام (وهو كل من يتقاضى راتبه من جهة حكومية) هي أنه يمثل الدولة وليس شخصه في أثناء أو بسبب أو بمناسبة تأدية عمله. والعلة واضحة في تشديد العقوبة على من كان يحمل صفة دينية، وذلك نظراً للمنزلة التي يحظى بها وسط جماعته والتأثير الذي قد يتركه عليهم. وجاء التشديد على العقوبة إذا وقع الفعل من أيٍّ كان في دار عبادة، وذلك للمحافظة على قدسية هذه الأماكن، وكونها دوراً لعبادة الخالق عز وجل، الذي لم يخلقنا إلا لأنه يحبنا.

المصدر: الاتحاد