تشاك هاغل: مشكلات المنطقة تحتاج إلى تدخل.. والتحالف العربي السبيل الأمثل

أخبار

شهد محمد أحمد البواردي الفلاسي، وزير الدولة لشؤون الدفاع مساء أمس الأول، محاضرة وزير الدفاع الأمريكي الأسبق تشاك هاغل حول السياسات العالمية والسياسة الخارجية الأمريكية، والتي نظمتها أكاديمية الإمارات الدبلوماسية بقاعة المؤتمرات في مركز أبوظبي الوطني للمعارض. 

أكد تشاك هاغل، أن الإمارات حققت الكثير من الإنجازات بفضل حكمة قيادتها وشعبها، حيث استفادت الدولة من خبرات الآخرين ومن تطور التكنولوجيا المعاصرة بشكل يضاهي أفضل دول العالم.

وثمّن جهود التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات لمحاربة الإرهاب، مؤكداً أن المشكلات التي ظهرت في دول عدة في المنطقة تحتاج إلى تدخل قادة الشرق الأوسط، إذ إنه لا رغبة لأحد بوجود تدخلات خارجية سواء من الولايات المتحدة الأمريكية أو غيرها، وإن هذا التحالف هو السبيل الأمثل للمضي قدماً، لافتاً إلى أنه لن يتم الوصول إلى عالم ترفل شعوبه بالأمن والسلام إلا من خلال التركيز على المصالح المشتركة، وبتعاون قادة المنطقة.

وقدم هاغل خلال المحاضرة نظرة معمقة حول التطورات والتغيرات المتسارعة التي تطرأ على مجال الأمن العالمي، إلى جانب المنظور الواسع حول الواقع المستقبلي، لتأكيد أهمية اعتماد نهج متكامل بخصوص القضايا الأمنية ومواجهة تحديات النظام العالمي الأمني الجديد.

وقال: «لطالما شكل الأمن تحدياً مهيمناً ومتجدداً، لكنه أصبح اليوم أكثر تعقيداً، حيث إن عالم المصالح الأمنية والاقتصادية هي واقع القرن الواحد والعشرين، وإن أقدم حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية وأقواهم، لا يتفقون معها في كل شيء، لأن كل دولة لها مصالحها الخاصة وستقوم بحمايتها، مع أنها تعلم أنها تعيش في عالم كبير يتخطى سيادتها».

أما في الشأن الأمريكي- العراقي، أكد هاغل أن بلاده أخطأت في غزو العراق ولم يكن عليها القيام بذلك، لافتاً إلى تجاهل وسائل الإعلام التام للأحداث التي سبقت عام 2003 في العراق، حيث كان الرئيس العراقي آنذاك صدام حسين مشلولاً ومكبلاً بالحصار الاقتصادي الذي كان مفروضاً على العراق في عهده، إضافة إلى العجز الذي استشرى في صفوف قواته، لافتاً إلى أن أمريكا كانت مسيطرة وسلطات صدام حسين كانت ستتلاشى بأي حال من الأحوال، وكان بمقدور الشعب العراقي التعامل معه، فضلاً عن أنه لم يكن يشكل تهديداً لأمريكا.

وبين هاغل أن الغزو الأمريكي للعراق أدى إلى تداعيات سلبية عدة في المنطقة، مع الأخذ بعين الاعتبار أنه لم يكن المتسبب الوحيد المؤدي للأحداث التي عاشتها دول في المنطقة، إذ كان هناك بعض الجذور الثقافية السابقة له، لكن الغزو ساعد على إشعال جذوة هذه العناصر الكامنة، مشدداً على أنه لم يكن يتعين على بلاده فرض الديمقراطية الأمريكية على العراق وشعبه، إذ بإمكانها دعم حقوق الإنسان والقيم الإنسانية إلا أنها لا تستطيع فرضها على الآخرين.

وبما يرتبط بمسألة حل الدولتين بين الفلسطينيين و«الإسرائيليين»، وموقف الولايات المتحدة الأمريكية بهذا الشأن من ناحية، والعلاقة الإيرانية – «الإسرائيلية» من ناحية أخرى، لفت هاغل إلى أن «إسرائيل» كانت معارضة للاتفاق النووي مع إيران، إذ ذهب رئيس الحكومة «الإسرائيلية» بنيامين نتنياهو إلى الكونغرس الأمريكي للاعتراض، واصفاً ذلك بالخطأ الدبلوماسي على حد تعبيره، مؤكداً أن تاريخ العلاقة بين الجانبين على مدى التاريخ سيئ للغاية، وأن توقع أي تغيير إيجابي فيها مناف للواقع.

ولفت إلى أن مبدأ حل الدولتين هو الوحيد المتاح أمام الجانبين الفلسطيني و«الإسرائيلي»، وأن هذا الأمر ليس مرهوناً بالموقف «الإسرائيلي» فحسب، وإنما قادة كثر يدعمونه، مضيفاً: «كان موقفنا واضحا وما نعتقده صحيحاً في مسار الحل هو حل الدولتين، لكن تأثيرنا كما تأثير أي دولة من الخارج محدود، وعندما يكون هناك تغير في الحكومة «الإسرائيلية» ربما يتبدل هذا الموقف، ودعونا لا ننسى تغير الأجيال في الدول، وعندما يزداد وعي الشباب بالفرص الجديدة ويتبنون تكنولوجيا جديدة، هذا يفرض متغيرات مجتمعية على أوسع نطاق».

وفيما يتعلق بتوجه السياسة الخارجية الأمريكية نحو آسيا، قال: «على امتداد التاريخ هناك علاقات بين دول العالم كافة، وهناك حالات تغير وإعادة توازن، أو «إعادة تمحور» نحو إقليم آسيا والمحيط الهادئ، وهذا كان مثار عدم فهم، مثل إثارة احتواء الصين، وهي دولة عريقة لها تاريخ عريق، وأعقاب الحرب العالمية الثانية كان للولايات المتحدة الأمريكية 7 التزامات أساسية، 5 منها في آسيا والمحيط الهادئ ترتبط بالتجارة كون أكبر أسواق العالم في هذه المنطقة، إلى جانب إعادة توازن الأحوال العسكرية وغيرها»، لافتاً إلى أنه لم يكن لدى أمريكا أي نية للانسحاب من أي جزء من العالم، وهي لن ولا تستطيع القيام بذلك، لأن لها مصالح في الشرق الأوسط ودول العالم، مشدداً على أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تعمل كشرطي للعالم، وليست دولة تفرض قيمها عليه.

وأضاف: «أخطأنا في الماضي، ونحاول تصحيح أخطائنا، ولدينا التزامات عالمية سنواصلها وسوف ندعم مصالح حلفائنا».

وفيما يتعلق باحتمالات تغير السياسية الخارجية الأمريكية بعد تسلم الرئيس الجديد المنتظر لسدة الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية، قال وزير الدفاع الأمريكي الأسبق: «نحن لسنا على علم بمن ينجح في الوصول إلى البيت الأبيض، لكننا نرى المرشحين الذين اقتربوا من الفوز بالترشح من قبل أحزابهم، مثل هيلاري كلينتون ودونالد ترامب، ولكن السياسة الخارجية دائماً لها أسلوبها في فرض نفسها على رئيس الولايات المتحدة، لأنها بمثابة عالم له متغيراته التي لا نستطيع التحكم بها ولا نعلمها، وهذا أصعب مكون يفرض نفسه على جدول أعمال أي رئيس، وستكون هناك أحداث جديدة في السنوات الأربع القادمة لا نستطيع التكهن بها، وهذا من شأنه أن يشغل الرئيس الأمريكي المقبل حتى لو كان لديه سجل واضح مثل المرشحة هيلاري كلينتون».

وأشار في هذا السياق إلى أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما قبل توليه الحكم كان يعد بسحب الجيش الأمريكي من العراق وإلى الآن لم يفعل، مرجحاً أن يكون رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي قد أرغم الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش على توقيع اتفاقية سحب القوات الأمريكية من العراق بحلول عام 2021 مقابل استمرار العمل باتفاقية حماية القوات الأمريكية في العراق، منوهاً بأن حربي أمريكا على العراق وأفغانستان هما أسوأ حربين قامت بهما، مؤكداً أن تغير السياسة الخارجية الأمريكية بات مرهوناً بالأحداث المقبلة والمرشح الذي سيفوز بالانتخابات، وبمن يحيط به من المساعدين.

وبدوره، قال برناردينو ليون، مدير عام أكاديمية الإمارات الدبلوماسية: «تبذل دولة الإمارات جهوداً مشهوداً لها عالمياً لتعزيز السلام في العالم، كما أنها مساهم رئيسي في تعزيز الأمن الإقليمي والازدهار الاقتصادي، وإن محاضرة تشاك هاغل، أوجدت منصة جديدة للأكاديمية لتبادل الأفكار والمعارف حول أحدث تطورات واتجاهات العلاقات الدولية، وإن مثل هذه الفعاليات من شأنها تسليط الضوء على الدور المهم للأكاديمية كمركز بحثي رائد في مجال الدبلوماسية والعلاقات الدولية، ودعم صناعة القرار وتعزيز حضور دولة الإمارات على الساحة الدولية».

في جانب آخر، يتصل باستخدام الطائرات دون طيار في الحروب، أشار إلى أنها تتعارض مع حقوق الإنسان، لأنها لا تميز بين الإرهابيين والمدنيين، ووقع ضحيتها الكثير من المدنيين الأبرياء، وأنه إذا كان لدى أي دولة تستخدم هذه التكنولوجيا علم بوجود مدنيين في مكان الهجوم، يجب إيقافه لئلا يدفع المزيد من الضحايا الأبرياء الثمن.

هاغل: أمريكا لم تقدم دعماً مالياً لإيران

أبوظبي: «الخليج»

أكد وزير الدفاع الأمريكي الأسبق تشاك هاغل عدم ثقة بلاده بالإيرانيين، إضافة إلى وجوب التحقق من مدى التزامهم، لافتاً إلى أن الضمانات في مسألة التزام الجانب الإيراني بالاتفاق النووي من عدمه موجودة، خاصة أن العقوبات الدولية أثبتت جدواها في هذا الصدد، نافياً ما يتم تداوله بشأن تقديم الولايات المتحدة الأمريكية دعماً مالياً لإيران، موضحاً أن هذه المزاعم لا أساس لها من الصحة، إذ إن العقوبات الدولية ليست حكماً مؤبداً يستمر إلى اللانهاية، فضلاً عن أن بلاده لا تدعم إيران ولم تقدم لها دعماً بأية صورة كانت، حيث إن ما حصل في هذا الخصوص هو الإفراج عن الأصول المالية الإيرانية التي كانت قد جمدت في أمريكا بعد الثورة الإيرانية، كونها ليست ممتلكات أمريكية.

وأردف قائلاً: «نحن لا نقدم دعماً مالياً لإيران، والإفراج عن هذه الأصول كان بهدف دفع إيران إلى الالتزام بالاتفاق النووي الذي لا أقول عنه إنه جيد وهو بالتأكيد ليس كاملاً وذلك لأننا وفقاً للمنطق لن نصل إلى اتفاقية مناسبة لجميع الأطراف».

وأضاف: «إن التوصل إلى اتفاق مع إيران وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين، مثير للإعجاب، وهذا الاتفاق هام بكل المقاييس لكن ذلك لا يعني أنه جيد»، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة بذلت كل ما في وسعها للتأكد من عدم وصول إيران إلى القدرة التي تتيح لها صناعة قنبلة نووية. 

وتابع قائلاً: «الولايات المتحدة تعارض امتلاك أي دولة أخرى لأسلحة نووية بغض النظر عن ماهية هذه الدولة».

وقال هاغل: أعتقد أننا مسؤولون عن سوء تصوير الإسلام في أوروبا، ولقد ارتكبنا أخطاء سياسية وربما تسببنا بهذه المشكلات لأنفسنا، إذ هناك مرشحان عن الحزب الجمهوري، هما دونالد ترامب وتيد كروز يسهمان في ذلك، فالأول قال: على أمريكا عدم السماح للمسلمين بدخول أراضيها إلى أن تنتهي الحرب على الإرهاب، والثاني طالب بوجود دوريات شرطية في أماكن سكن المسلمين في أمريكا، وفي هذا إساءة للمجتمعات الإسلامية والمسلمين.

وأكد أن هذا ليس موقف أمريكا لأن كل دولة لديها عناصر في مجتمعها تتسم بالنزعة الوطنية المفرطة والمبالغ فيها، وهو ما تشهده أوروبا اليوم وهو أمر سيئ جداً ومؤسف لأنه يؤثر على نظرة الإسلام لأمريكا.

المصدر: الخليج