يزيد بن محمد
يزيد بن محمد
كاتب سعودي

تغير السعوديين من “سم” إلى “أقنعني”

آراء

منذ 8 عقود والمؤامرات والمكائد والعواصف السياسية والفكرية تفشل أن تهز هذا الوطن. هذا الفشل يبهج النفس لبيان أن أساس هذه الدولة متين، ولكنه أيضاً يتحول إلى كارثة لو ركن إليه. فأكبر دعائم الاستقرار في عصرنا هذا هو رضا الناس. والرضا نسبي يصعد ويهبط حسب أداء الأجهزة التنفيذية للدولة، وأصبح الآن مرتبطا بما ينقله الإعلام الجديد ومتابعة المواطن اللحظية له.

عبور السعودية الأزمات بهذه الثقة لا يعمي العين عن تغير هائل في المجتمع، كونت مزاجه التقنية، وتصادف مع ظرف سياسي استثنائي.. الشأن العام ومناقشاته يتصدران المجالس، واستخدامات السعوديين للتقنية تدل على تغير فكرهم.. وبعيداً عن “ثورجية” أفشلهم الربيع فأصبحوا مصلحين، وبعيداً عن مداحين بطريقة العشرينات من القرن الماضي؛ يبني السعودي أحلامه لوطنه ولا تبنى له.. يناقش وينتقد ويقترح. أصبح عنصر تفكير ومراقبة وليس عنصر تنفيذ.. يستغرب المجتمع من لقطات لسعوديين في وسائل التواصل ويعتبرونها مضحكة وخارجة عن الأعراف الاجتماعية ولكن وراءها دلائل لا تخطئها العين. هناك جيل صاعد لا يعرف النفاق الاجتماعي، وهناك مئات الآلاف من المبتعثين قادمون ليقودوا المجتمع بنظرتهم هم لا بنظرة مجتمعهم، وبينما تبث ساعات البرامج التلفزيونية لتوصيل رسالة؛ تصل آلاف الرسائل للمجتمع في دقائق “يوتيوب”.

ثوابتنا واضحة، ديننا ثم وحدتنا ووطننا وملكنا، لا مساومة ولا مجاملة.. والمتغيرات كثيرة والتعامل معها معقد، وإذا تغير تفكير الفرد تغير المجتمع. وللسعودية تاريخ حافل.. أن تحاكي الدولة تغير المجتمع، وهذا ليس ضعفاً أو عيباً بل هو قمة السياسة.. خرجنا من عاصفة الربيع كما هبت علينا لأن أساسنا المتين هو الدين، ولحكامنا رصيد محبة لدى الناس، ولعلمائنا الربانيين توقير ومصداقية.. لكن السعوديين تغيروا، وستشهد السنوات العشر القادمة تصدر جيل لا يستهويه كثيراً ذكر منافع الاستقرار، بل يريد رؤية المنجزات، ولن يهتم بالقصص التاريخية وأيام الفقر والتشرذم، بل ينظر للحاضر والمستقبل.. وسيكون 80% من السعوديين ولدوا بعد الطفرة النفطية في السبعينات. فعلي الجميع الاستعداد لتغير السعوديين من “سم” إلى “أقنعني”..

المصدر: الوطن أون لاين