عبدالله الشويخ
عبدالله الشويخ
كاتب إماراتي

«تكبير..!»

آراء

يبدو أن منزلاً واحداً في الوطن العربي الكبير لا يخلو من وجود إحدى الفئات الثلاث.. الفئة الأولى وهي الفئة المتعاطفة مع الشرعية.. الشرعية.. الشرعية.. الشرعية.. وتكرر هذه الكلمة باستمرار.. والفئة الثانية وهي الفئة المتعاطفة مع الأمن والأمان والقوة والحنكة السياسية.. والفئة الثالثة هي التي تلتقط الريموت لتغير القناة من الإخبارية إلى مسلسل «فاطمة» الجزء الثاني، ولا يعنيها من وما وكيف، لكنها تحب تشجيع اللعبة الحلوة.. فإذا خف صوت المناقشات الحامية في المجلس.. رمت بـ«نغزة» للبقية، كي يستأنفوا الحوار الذي يسليها.

أنا لا أتحدث في السياسة هنا.. فذاك مبحث آخر! لكني أنظر إلى الموضوع من زاوية اجتماعية بحتة.. فلاشك في أن بعض الظلال السياسية قد تلقي أو ألقت فعلياً بأثرها على بعض العلاقات الاجتماعية، رغم أن التماسك في الأسرة الصغيرة هو عماد تماسك الأسرة الكبيرة.

تدور هذه الأفكار مع صحون الغداء والأسرة تجتمع لتشاهد المناظر التي قيل عنها إنها أول مشاهد من نوعها منذ أكثر من 122 عاماً على مصر الحبيبة، وقبة الصخرة الشريفة.. بل وحتى في هذه اختلفوا، ففريق يقول إنها المرة الأولى منذ 122 عاماً، وفريق آخر يقول إنها منذ 112 عاماً.. المهم أن آخر مرة شوهدت فيها القاهرة البيضاء في الحالتين كانت مصر المحروسة تحت حكم الخديوي عباس حلمي الثاني.. حيث افتتح المتحف المصري بشكله الأول، وتم عمل مشروع خزان أسوان، وكانت مصر تسير فيها شرقاً وتبتعد غرباً.

ولكن بالله عليكم، إذا كانت الثلوج قد تساقطت في الشتاء الماضي فقط.. قبل عام واحد من الآن، هل كان الفريق «ألف» سيقف متفرجاً ومصوراً للقطات الجميلة فقط، أم أن الخلط التقليدي سيعمل وبكل طاقته؟! ألم تكن الأخبار ستبدأ بـ«نصر من الله.. الثلوج تؤيد المسيرة المباركة».. أو ربما «ثلوج الخير تتساقط لغسل ذنوب المؤمنين».. وستبدأ عبارات الغيث والخير المديد والوفير، وجند السماء، والقيادة الحكيمة التي فتحت أبواب كل شيء وغيرت المناخ والطقس، وتمكنت من استمالة «محور دوران الأرض» لدرجة تسببت فيها بتساقط الثلوج وعموم الخير الوفير؟!

نحن هكذا دائماً نستخدم ما يقدره الله من خير وبهجة أو من أمور هو سبحانه أعلم بها لمصلحتنا في حال كان الميزان معنا.. لكننا نستخدمها بطريقة أخرى في حال كان الميزان مع الآخر.. فالريح هي ريح سقيا إذا جاءت لنا، وهي ريح عذاب حين تمر على أعدائنا.. رغم أن الريح ذاتها وربما كانت ليست لنا ولا لهم.. وهي فقط ريح مأمورة بالسير لكي تسقي بعض البهائم في منطقة ما.. فهي أحق بالرحمة من أشقاء يختلفون!

«ونشرب إن وردنا الماء صفواً ويشرب غيرنا كدراً وطينا».. حين نمحو هذا البيت السخيف من كروموسوماتنا.. عندها فقط يمكننا أن نتحدث حول الأسباب الحقيقية لتساقط الثلوج.. وقدرة المولى الأبدية في كل شيء.. وعلى كل شيء!

المصدر: الإمارات اليوم