ماجدة موريس
ماجدة موريس
ناقدة فنية

«حديث الخليج» والحوار الممتع

آراء

أن يفاجئك برنامج مفاجأة سارة، ويخــرجك من حالة من حالات الشجن والقلق وربما الـغــضـب، فهذا ما فعله برنامج شاهدته من دون ترتيب، أثناء البحث في القنوات عن الجديد في الصراع الدائر حالياً من أجل إرساء قواعد القانون في مصر.

البرنامج هو «حديث الخليج» على قناة «الحرة» الذي يستضيف مقدمه غالباً كُتاباً رجالاً يناقش معهم قضايا الخليج بهدوء ومن دون انفعال، لكنّ ضيفته هذه المرة كانت امرأة خليجية شابة، هي الكاتبة السعودية منال الشريف التي أزاملها في الكتابة لجريدة «الحياة»، من بُعد. لكنّ الفارق شاسع بين أن تقرأ لكاتبة أو كاتب ما تجود به قريحته من أفكار، وبين أن تراه وتدرك ملامح شخصيته ورؤيته للحياة وأيضاً قدرته على التعبير عن نفسه من خلال الحوار وتبسيط أفكاره للمشاهد وليس فقط القارئ. وهذه قضية شديدة الأهمية، فكثيرون من الكتاب والمفكرين والمفكرات لا يجيدون التعاطي المباشر مع الشاشة بمقدار قدرتهم على الكتابة، بالتالي يفقدون كثيرين من القراء حال ظهورهم على الشاشات، بينما يحدث العكس إذا استطاع الكاتب أو الكاتبة أن يقتنص الشاشة أيضاً. من هنا بدت أهمية هذا اللقاء الذي لم يغير فيه صاحب البرنامج سليمان الهتلان أسلوبه وطريقته في التعامل مع ضيفه من خلال إعداد جيد للملفات، وهدوء في طرح الأسئلة، وصبر على الضيف من أجل الحصول على إجابة وافية أو معبرة أو مقنعة له وللمشاهد. وربما يكون سبب هذا كون مقدم البرنامج كاتباً بالأساس، غير أن عملية التحول من كاتب أو صحافي إلى مقدم برنامج تلفزيوني لا بد أن تتم من خلال فهم الفروق بين «الأنا» و»الآخر» وتعظيم هدف تعريف الضيف بالمشاهد كما هو ومن دون ضيق بأسلوبه في الإجابات أو تدخل في الصياغة… من هنا كان الحوار ممتعاً في الحلقة، وجديداً بالنسبة إلى مشاهدين كثر وأنا منهم، إذ تعرفنا إلى مسيرة امرأة مفكرة وشجاعة حكت ببساطة ما واجهته في حياتها وكيف تعرضت للحبس لقيادتها السيارة رغم الحظر في بلدها وصولاً لعملها الآن في دبي وما يتيحه لها من فرص لتطبيق ما تعلمته عن الحرية والمسؤولية والالتزام. وبهذا طرح البرنامج آلاف الأفكار لدينا من دون مباشرة أو صراخ وإنما بهدوء وإيقاع متوازن أدخل المشاهد في حال جديدة من اكتشاف قيم الحياة الأصيلة التي تتجسد عبر هذه النوعية من الحوارات.

المصدر: صحيفة الحياة