خفض رسوم استقدام العمالة ورخص الإقامة.. المقترح المنسي في الشورى السعودي !

أخبار

تفصلنا نحو 225 يوما فقط عن نهاية السنة الأخيرة من دورة مجلس الشورى السادسة لتمضي دورة شورية ثالثة دون حسم مقترح خفض رسوم استقدام العمالة المنزلية والمزارعين والرعاة المقدم من عضوي المجلس السابقين محمد القويحص وعبدالله الدوسري سنة 1429، رغم أنه حظي في البداية بتأييد اللجنة المالية التي رأت بعد أن درسته من كافة جوانبه وجاهته مبينة أن الاقتراح على نقاط من أهمها الارتفاع الكبير في رسوم التأشيرات أرهق كاهل

المواطنين، والحاجة إلى العمالة المنزلية أضحت حاجة ماسة لكثير من الأسر وخاصة عند وجود كبار سن أو معوقين، وكذلك تعدد وانشغال أفراد الأسرة بالعمل أو الدراسة يتطلب وجود خادمة، وأيضاً عدم توفر عمالة سعودية تقوم بعمل الخدمة المنزلية مع كبر حجم المنازل، والحاجة للسائقين مع عدم وجود وسائل مواصلات عامة جيدة أو نقل مدرسي، كما أن تبعات استقدام العمالة لاتتوقف عند رسم التأشيرة بل يتعداه إلى تكاليف الاستقدام واستخراج

الإقامة وغرامات التأخير، وأشارت اللجنة في تقريرها أن غلاء المعيشة وارتفاع كثير من أسعار السلع الاستهلاكية إضافة إلى ما تعرض له عموم المواطنين من خسارة في سوق الأسهم أثرت على مستوى المعيشة كل ذلك جعل المواطن غير قادر على مواجهة الرسوم المتعددة والمتكررة، وأكدت اللجنة أن ارتفاع الرسوم وتعددها قد يخلق مشكلة التحايل على الأنظمة والفساد والتزوير للرخص والإقامات وقالت إن الغاية من فرض الرسوم خفض نسبة الاستقدام إلا أن الواقع يشهد بأن ذلك لم يحدث، ويعالج هذا المقترح المشكلة بالتدرج في الرسوم فكلما انخفض العدد قل الرسم والعكس.

وأكدت اللجنة المالية بأن المقترح قد اهتم برسوم تأشيرة دخول العمالة المنزلية والسائقين والرعاة والمزارعين ورسوم إصدار رخصة الإقامة لهم وبين الوضع القائم حالياً والملاحظات الواردة عليه تم عقد مقارنة لرسوم الاستقدام مع بعض الدول المجاورة، وخلص إلى أن رسوم الاستقدام في المملكة من أعلى الرسوم في المنطقة.

التأييد يتحول إلى رفض

مع تشكيل اللجنة المالية في بداية أعمال السنة الثالثة لأعمال الدورة الرابعة تحول رأي اللجنة بشأن مقترح تعديل رسوم تأشيرات الاستقدام ورخص الإقامة لعمالة المنازل والرعاة والمزارعين من التأييد إلى الرفض والتوصية بعدم ملاءمة دراسته لكنها أيَّدت التوصية بقيام شركات متنافسة لاستقدام العمالة المنزلية على أن تكون عليها مسؤولية سكنهم وتنقلاتهم وإعارتهم للمواطنين الراغبين في الاستفادة منهم بشكل مؤقت بأسعار مخفضة، وعارض رفض اللجنة المالية عضوها خليفة الدوسري مشكلاً رأي أقلية يؤيد الخفض، لينتقل الحسم تحت قبة الشورى وتكون كلمة الفصل للتصويت.

اللجنة تبرر معارضتها

في تقرير اللجنة الجديدة الذي خضع للمناقشة في الثالث والعشرين من ربيع الآخر سنة 1430 بررت لجنة المجلس المالية رفض تخفيض رسوم التأشيرات والإقامة بتغير الظروف الحالية عن الوقت الذي عرض فيه العضوان مقترحهما ومن ذلك تخفيض رسوم تجديد الإقامة للعمالة المنزلية من 600 إلى 350 ريالا سنوياً، مشيرةً حينها إلى أن وزارة العمل رفعت لمجلس الوزراء لائحة شركات الاستقدام بحيث تقوم هذه الشركات باستقدام العمالة المنزلية وتأجير خدماتها على المواطنين بالساعة أو اليوم أو الشهر وتقوم هذه الشركات بتحمل تكلفة رسوم الاستقدام وتقدم الخدمة للمواطن وفق ترتيبات وشروط معينة .

وباستعراض جميع العناصر الواردة في المقترح فقد وجدت اللجنة وفق تقريرها بأنها شبه متحققة وفي طريقها للتحقيق لذلك رفضت المقترح وأخذت فقط بما يخص شركات الاستقدام محذرةً من الآثار الاجتماعية والاقتصادية والأمنية التي تترتب على استقدام العمالة المنزلية إضافة إلى العديد من السلبيات مما يتطلب الحد من العمالة وليس زيادتها، مبينة أن المقترح ليس موجهاً لذوي الدخل المحدود وإنما هو لجميع مستقدمي العمالة المنزلية بغض النظر عن مستوى الدخل، كما انه يعمق المشاكل المالية لذوي الدخل المحدود بتشجيعهم على استقدام العمالة.

ودعمت اللجنة موقفها الرافض بما كشفته لها وزارة العمل وصندوق تنمية الموارد البشرية من توجه الدولة لرفع هذه الرسوم لا خفضها لاعتبارات اقتنعت بها اللجنة، منها الحد من الاستقدام وتوقع إفلاس صندوق تنمية الموارد البشرية الذي يعتمد على هذه الرسوم، وما أظهرته الإحصائيات الأخيرة من وجود نحو نصف مليون سعودي عاطل عن العمل بحسب اللجنة، كما احتجت اللجنة بالتأثيرات التي باتت واضحة على الأبناء، مشيرةً إلى أن مسؤولا كبيرا في وزارة العمل – كان ضمن الضيوف الذين ناقشتهم – تمنى زيادة الرسم إلى خمسة آلاف ريال وقال إن أفضل طريقة للتعامل مع الاستقدام هي رفع الرسوم وليس خفضها.

الأقلية تتهم المالية

جاء في مقدمة تقرير الأقلية تشديدها على وجاهة المقترح وحاجة فئات المجتمع له وتأييد التدرج الواقعي في رسوم التأشيرات حيث تبدأ ب500 ريال للمرة الأولى الواحدة ويزداد بزيادة العدد عند الاستقدام، كما أن رسوم إصدار رسوم الإقامة تبدأ بمائة ريال للمرة الأولى وتزداد تدريجياً .

وأكدت الأقلية ويمثلها خليفة الدوسري أن المقترح لن يكون له تأثير على صندوق الموارد البشرية كما أفادت وزارة العمل في ردها على استفسارات اللجنة بل إن رافد الصندوق الأكبر هو الشركات والمؤسسات الخاصة وهذا المقترح لا يتعرض لها لا من قريب ولا من بعيد، عدا أن نصف قيمة التأشيرات المقترحة سيذهب إلى الصندوق كما هو الشأن حالياً ومع نقص معقول يتوازى مع خفض قيمة التأشيرة كما أن وضع الصندوق مطمئن للغاية بل إن لديه فائضاً كبيراً بدأ مؤخراً في استثماره كما بين تقرير حديث له .

ورأت الأقلية أن الأغلبية في لجنة الشؤون المالية لم تقدم دراسة مقنعة رغم أن المقترح لديها منذ حوالي ثلاث سنوات وكل ما هنالك أنها اجتمعت بمندوبي وزارة العمل والذين يعرف موقفهم غير المقنع ، إضافة لإحالة الموضوع للمستشارات في المجلس حيث لم يحظ بدراسة وافية وإنما كان هناك رأي لمستشارة واحدة وخلال فترة وجيزة وهي عبارة عن وجهة نظر لا ترقى لتكون دراسة بالمعنى المعروف .

واستنكرت الأقلية ماذهبت إليه الأغلبية في أسباب رفضها للمقترح من أنه مؤثر على المجتمع والأخلاق والأمن وقالوا” هذا شيء غريب فهو يجعل رأي الأقلية كأنه يقطع دابر الاستقدام بالكلية وهذه مغالطة أخرى فالعمالة في البيوت سواء خادمات أو سائقين أو مزارعين أو رعاة ضريبة الحياة العصرية فنحن نتعامل مع أمر واقعي وليس أمراً متوقع الحدوث حتى نتذكر مساوئ الاستقدام ونسهب في سردها ” أما ماذكره رأي الأغلبية من أن نظام شركات الاستقدام الخاصة وإلغاء نظام الكفيل سيعالج فنحن والحديث للأقلية نستغرب من اللجنة المجازفة والمصادرة للرأي فأين هي هذه الشركات ..؟ وهل ستلغي نظام الكفيل بالكلية ..، وهل سيتقبلها المجتمع..؟ ومتى ترى النور ؟ وإذا كان نظام العمل والعمال الصادر عن مجلس الشورى منذ سنوات عجاف لم ير النور حتى هذه اللحظة فكيف بمجرد مقترح يدرس في هيئة الخبراء …؟

المناقشة تشير إلى تأييد

مقترح الخفض

أظهرت مناقشة تقرير اللجنة المالية الرافض لخفض رسوم الاستقدام تأييداً كبيراً وواضح لدراسة تعديل الرسوم مما يعني سقوط توصيتها التي تقول بعدم مناسبته، ووصف أعضاء تقرير اللجنة المالية انه هش وغير منطقي ومبرراته غير واقعية وجاء متحيزاً لرأي وزارة العمل الذي عرضته على اللجنة، ولم يعارض جميع الأعضاء المداخلين المقترح بل شددوا على رفض توصية اللجنة برفضه وقالوا “إن كثيراً من المواطنين ينتظرون قرار المجلس في هذا الخصوص وهم يعتبرونه صوتهم المسموع لدى الحكومة وولاة الأمر”.

التصويت يسقط الرفض

ولجنة خاصة للدراسة

في جلسة الشورى التي عقدت في الثامن عشر من شهر جمادى الأولى سنة 1431 أسقط التصويت رأي اللجنة المالية الرافض لدراسة خفض رسوم الاستقدام العمالة المنزلية والمزارعين والرعاة وأقر المجلس تشكيل لجنة خاصة لدراسة المقترح ومنذ ذلك الحين حتى إعداد هذا التقرير وذكر أن المقترح غائب تماماً عن أعمال اللجان واجتماعات الهيئة العامة وجدول أعمال الجلسات الأسبوعية أي منذ ست سنوات لتنتهي مسيرة المقترح التي بدأت منذ العشرين من ربيع الثاني سنة 1429 دون حسم.

بانتظار رد الشورى

لعل مجلس الشورى عبر إدارة الإعلام والنشر يرد بعد الإطلاع على هذا التقرير ليبين مصير هذا المقترح ومبررات تغيبه وإلى أين وصلت اللجنة الخاصة التي شكلت بناء على نص المادة73 من قواعد عمل المجلس واللجان المتخصصة ورد المجلس كذلك على مدى تطبيق حكم المادة 43 على هذا اللجنة الخاصة، كما تواصلت” الرياض” مع المتحدث الرسمي للمجلس وطرحت تساؤلاتها عن أسباب تأخير دراسة اللجنة الخاصة للمقترح وماهو مصيره وتفسير مخالفة اللجنة الخاصة قواعد عمل المجلس خاصة المادة ٤٣ والمادة ٧٣ وهل هناك نص نظامي يتيح للمجلس إلغاء مقترح تم تشكيل لجنة خاصة لدراسته، وحال وصول الإجابات ستقوم الصحيفة بنشرها.

مقدِّما المشروع: رسوم الاستقدام لم تفرق بين القطاع التجاري والعائلي والأفراد

أبرز مقدما المشروع المقترح لخفض رسوم استقدام العمالة المنزلية والمزراعين والرعاة محمد القويحص وعبدالله الدوسري عدداً من الملاحظات على الوضع القائم لرسوم الاستقدام مثل توحيد الرسم على جميع القطاعات والفئات وعدم التفريق بين القطاع التجاري والقطاع العائلي والأفراد، كما أن الرسم لم يؤد إلى الحد من الاستقدام وطبقا لبيانات وزارة العمل فإن إصدار تأشيرات الاستقدام ارتفع بنسبة 100في المئة، وأكدا أن حد وزارة العمل من إصدار الاستقدام أدى إلى ارتفاع تكلفة العمالة الموجودة لدى الأفراد والشركات وقامت أعداد كبيرة منهم بالهروب من الكفلاء للعمل عند الغير براتب أعلى، إضافة إلى ظهور سوق سوداء لتشغيل العمالة الهاربة وخصوصا السائقين وخدم المنازل، وأيضا يتم التفريق بين من يستقدم عاملة واحدة وبين من يستقدم العشرات حيث الرسم واحد، وبذلك لا توجد أي ميزة لترشيد الاستقدام.

وانتهى عضوا المجلس إلى اقتراح تعديل رسوم الاستقدام ورسوم الإقامة بالنص المقترح التالي : ” يستمر العمل في تطبيق رسم تأشيرة الدخول من اجل العمل على الشركات والمؤسسات الخاصة السعودية وغير السعودية، ويتم تعديل رسم تأشيرة الدخول من اجل العمل للأفراد لتكون 500ريال للتأشيرة الأولى، 1000ريال للثانية، 1500للثالثة، 2000ريال للرابعة وما بعدها، ويتم تطبيق الرسم المشار إليه على تأشيرات الأفراد من عمالة منزلية وسائقين ورعاة ومزارعين، وتكون رسوم إصدار رخصة الإقامة للرخصة الأولى 100ريال وللثانية 200ريال وللثالثة 300ريال وللرابعة وما بعدها 500ريال، كما شدد مقترح المشروع على إطلاق برامج التوعية لترشيد الاستقدام وتقليل الاعتماد على العمالة المنزلية الأجنبية.

العتيبي : بطء أمانة الشورى وتأخر المستشارين وراء تعثر تقارير اللجان المتخصصة

أعاد م. ناصر العتيبي رئيس لجنة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات في الشورى تعثر وتأخر عرض رأي اللجان المتخصصة على المجلس إلى بطء أمانة المجلس وتأخير المستشارين القانونيين للرد فى هذا الجانب وأخذ الوقت الطويل لديهم، وكذلك الوقت الذي يستغرقه طلب حضور مندوبين من جهات ذات اختصاص وهذا يتم بعد إعداد خطابات وإرسالها للجهات المرجع مما يؤخر حضور المندوبين واعتذارهم، إضافة إلى عدم وجود الرصد الوطنى الذى يحتوى على المعلومات المطلوبة والذى يساعد لتقديم الإحصاءات والأرقام لدراسة المواضيع.

وأكد العتيبي عدم إيقاف المجلس لأي مبادرة من الاعضاء تخص تعديل نظام قائم او اقتراح آخر جديد، وقال إن هناك العديد من المقترحات التى رفعت بهذا الشأن وما زالت قائمة تم إدراج العديد منها والآخر ينتظر، بالإضافة الى إضافة مواد جديدة وإلغاء أخرى، قائلاً “هذا الحق ما زال يمارس”.

وقال العتيبي ليس للمجلس الحق ان يهمش مقترحات الاعضاء، مستدركاً القول” وليس هناك دليل قاطع على ما ذكرت وليس هناك مقترح تم تهميشه حسب علمى” مؤكداً أن الاعضاء دائما فى حراك للمزيد من الصلاحيات التى تخدم المجتمع والصالح العام .

وحول كثرة الحديث أثناء وقت الشأن العام الذي يستهل به الشورى جلساته ومدى فاعلية ذلك، اعتبر العتيبي الشأن العام قناة يستطيع العضو من طرح ما يريده صوتيا وكتابة، وحسب الأحداث الزمنية التى لا تتواكب مع جلسات المجلس، وتمنى العضو أن تكون هناك لجنة خاصة لدراسة ما يتم تقديمه فى هذا الشأن بالإضافة الى التوصيات التى يتم تقديمها عن التقارير السنوية ، وهو ما اعتبره زيادة فى العطاء.

المصدر: الرياض