دير الزور.. أرض النفط والجوع!

أخبار

من يعرف دير الزور وغناها بالثروات يصيبه الأسى لحال ما وصل إليه حالها، هي منبع النفط في سوريا بإنتاج يبلغ 550 ألف برميل، وفيها أكبر حقول الغاز، إلى درجة أنّ تقاسمت قوات سوريا الديمقراطية والقوات الحكومية في أعقاب معركة الرقة في العام 2017، السيطرة على على منابع الطاقة، إلا أن كل هذه الصراعات حولت دير الزور إلى أفقر مدن سوريا.

رصدت «البيان» أوضاع المحافظة، وجابت الصحراء في شرقي الفرات ووقفت على كيف آلت الأوضاع بعد نهاية تنظيم داعش، في الوقت الذي تتصدر فيه تلك المدينة المشهد السياسي على المستوى العالمي، بعد أن انتهى التنظيم في آخر معاقله في قرية الباغوز على حدود العراق.

لقد كان الدامار هو الصفة الطاغية على هذه المدينة، لاسيّما الشطر الشرقي الذي تسيطر عليه قوات سوريا الديمقراطية، بينما باتت حقول النفط نهباً لكل من يريد العمل بهذه التجارة.

مكّن «داعش» خلال سيطرته أربع سنوات في دير الزور، المدنيين من العبث بالثروات، فكانت «الحراقات»، وهي صهريج يتم من خلاله تكرير النفط بطريقة بدائية، متاحة لدى الجميع وهي أحد استراتيجيات التنظيم من أجل إسكات الأهالي عن سيطرته.

ودمّرت هذه الطريقة البدائية في استخراج النفط معظم الحقول في شرقي الفرات، حتى حقل العمر الضخم بات مدينة من الخراب، بعد أن غادره التنظيم وأحرق كل ما فيه حتى المباني السكنية.

غنى وفقر

يقول رئيس المجلس المدني في دير الزور غسان اليوسف لـ«البيان»، إن دير الزور مدينة غنية جداً، بل هي أغنى محافظات سوريا، حيث الطاقة النفطية وحقول الغاز، فضلاً عن وجود نهر الفرات والحقول الزراعية الضخمة، إلا أنّ هذه المدينة الأفقر من بين المحافظات السورية. ويعلل اليوسف سبب فقر هذه المحافظة، كونها من غير إدارة مدنية قادرة على توزيع هذه الثروات، فضلاً عن تعاقب القوى الإرهابية عليها وحجم التخريب الذي حل بهذه المدينة بدءاً من جبهة النصرة إلى تنظيم داعش.

تحسّن نسبي

ويمضي يوسف إلى القول إنّ المدينة تتحسن شيئاً فشيئاً، لاسيّما بعد انخفاض خطر التنظيم، ووجود كوادر محلية وإدارية قادرة على إعادة الأمن والاستقرار إلى المدينة، والتعامل مع البنية الاقتصادية.

ولا يتوقّف ثراء هذه المحافظة على الثروات النفطية والزراعية، بل هناك الثروة البشرية الضخمة، حيث الآلاف من الشباب العاطل عن العمل، وجيش المغتربين في دول الإقليم والذي يقدر عددهم بنحو عشرة آلاف مغترب يضخون الكثير من الأموال إلى ذويهم، وهذا العامل الوحيد الذي أنقذ المدينة طوال السنوات الماضية.

تداعيات حرب

واستنطقت «البيان» عدداً من الأهالي الذين أكدوا أنهم الآن بلا حول ولا قوة ولا فرص عمل بسبب تداعيات الحرب، حتى العمل بمجال النفط بات ضئيلاً بعد أربع سنوات من استنزاف الطاقة النفطية حتى النهاية.

ويقول خالد الخليف من أهالي البصيرة لـ«البيان»: «كانت الفرصة الوحيدة لنا للعمل والربح السريع هو العمل في مجال تكرير النفط بطريقة بدائية لكسب الربح السريع، إلا أنه بعد سيطرة قوات سوريا الديمقراطية تراجع هذا العمل بسبب انحسار العمل على الشركات الرسمية، واليوم العديد من الشباب لا عمل لهم في هذه المدينة».

تحد مقبل

أما الحاج سالم الصواج فيقول: «لا مصدر لنا للعيش سوى أبنائنا العاملين في الخارج، فهم الذين ينفقون علينا وعلى أخوتهم الشباب، فالكل هنا بلا عمل ولا خيار لهم إلا البطالة أو الانتساب إلى قوات سوريا الديمقراطية، إلا أننا تعبنا من الحرب والقتال».

ولعل التحدي المقبل إلى دير الزور كبير، إذ إنّ هذه المنطقة الآن عرضة لاستباحة الميليشيات الإيرانية بعد مغادرة القوات الأمريكية، بل حتى العديد من الأهالي يتخوفون من عودة الحكومة السورية بشكلها الانتقامي، فلا مانع لديهم الآن من عودة الدولة السورية على أن تكون قادرة على حمايتهم.

المصدر: البيان