ذرة ملوّثة ومعدّلة وراثياً في السوق السعودية

أخبار

عبد الحميد الأنصاري من الرياض

في الوقت الذي أكدت فيه دراسة عالمية، وجود أغذية في السعودية ملوثة بمكونات معدلة وراثياً، عبر وجود ذرة من سلالة ”ستار لينك” المقصور استخدامها في أمريكا منذ عشر سنوات على ”العلف الحيواني”، قلل مسؤولون سعوديون من نتائج الدراسة، معتبرين أن الأمر لا يعدو كونه صراعا بين أمريكا ودول الاتحاد الأوروبي حول حظر استخدام المواد المعدلة وراثياً.

وأكد لـ ”الاقتصادية”، أمس، مسؤولان في هيئة الغذاء والدواء ووزارة الزراعة، أنه لم يثبت حتى الآن بشكل علمي وجود ضرر من استخدامها، لافتين إلى أن معظم الأغذية على مستوى العالم معدلة وراثياً، وهو ما يعد تحسيناً لإنتاجية وجودة المحاصيل الزراعية.

هذا ونشرت مجلة (الكيمياء الحيوية والتكنولوجيا الحيوية التطبيقية) دراسة مطلع الشهر الجاري، ونقلتها ”روسيا اليوم”، أمس، كشفت المجلة فيها أن سلالة ذرة ”ستار لينك” المعدلة وراثياً، والمسموح باستخدامها في الولايات المتحدة فقط كـ ”علف للحيوان”، موجودة وتلوث المنتجات الغذائية في السعودية، بصورة واسعة.

وهنا أكد مصدر مسؤول في هيئة الغذاء والدواء لـ ”الاقتصادية” أن الأمر ليس بالخطير وليست هناك مشكلة كبيرة كما يتصور البعض من استهلاك المواد المعدلة وراثياً، ويتم معالجة ذلك بإيضاح وجودها في المنتج كواجب أخلاقي للمستهلك.

وبين المسؤول الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن إثارة الموضوع تأتي في إطار الصراع بين الاتحاد الأوروبي وأمريكا، على ضرورة فرض حظر على استخدام المواد الوراثية منذ فترة طويلة.

وأضاف، ”المواد الغذائية المستوردة معروف أنه يجب ألا تزيد المواد المعدلة وراثياً فيها عن 1 في المائة، فهي مسموح بها كما هو متعارف عليه حسب المواصفات والمقاييس العالمية، وتشترك جميع دول مجلس التعاون الخليجي في هذه الجزئية”.

وتابع: ”في حال زادت يسمح بتداولها بشرط كتابة نسبة المواد المعدلة وراثياً على المنتج لكي يكون المستهلك على وعي بها، فهي ليست خطيرة أو ممنوعة حيث يسمح بتداولها، لكن بعض المستهلكين لا يريدونها لذلك من حقهم معرفة نسبة وجودها”.

من جهته قال المهندس جابر الشهري المتحدث الرسمي لوزارة الزراعة لـ”الاقتصادية”، إن الأغذية المعدلة وراثياً تستخدم في معظم دول العالم ولم يثبت علمياً أي ضرر من تناولها حتى الآن سواء بالنسبة إلى الإنسان أو الحيوان، إلا أن بعض دول الاتحاد الأوروبي تمنع استخدام الأغذية المحورة وراثياً سواء كان للإنسان أو الحيوان.

وأوضح المتحدث الرسمي لوزارة الزراعة، أن معظم الأغذية على مستوى العالم معدلة وراثياً، وهذا يعتبر تحسينا للمحاصيل الزراعية في الإنتاجية ونوعيتها وجودتها، خاصة أن التحوير الوراثي الهدف منه تحسين الإنتاجية والجودة للمحاصيل الزراعية.

وأضاف، ”السعودية لم تسجل أي حالة تأثرت باستخدام أعلاف معدلة وراثياً، ولم يثبت تسجيل أي ضرر علمي بذلك على مستوى العالم”، مشيرا إلى أن التحفظ الوحيد حول استخدام المواد المعدلة وراثياً كان في بعض دول الاتحاد الأوروبي”.

وتابع: ”هذا الأمر ينطبق على الأغذية، حيث إن بعضها تستخدم في إعداده أسمدة كيماوية ولذلك يكتب على المنتج زراعة عضوية أو طبيعية وبذلك يترك للمستهلك حرية الاختيار فيما يريده”.

ولفت الشهري، إلى أن ما يتعلق باستيراد السعودية لمنتجات الذرة وفول الصويا من دول مختلفة في العالم، تفسح بشرط أن يكتب عليه نص ”إن المادة محورة وراثياً وتستخدم في بلد المنشأ”، وأي بلد يستخدم العلف الذي يقوم بتصديره فهذا يعني توافر عنصر الثقة في المادة المستخدمة في العلف.

وعودة إلى الدراسة، فإن سلسلة الطعام في السعودية ملوثة بصورة واسعة بمكونات معدلة وراثياً، وتشير نتائجها إلى وجود ذرة من سلالة ”ستار لينك” المثيرة للجدل التي حُظر استخدامها للاستهلاك الآدمي في الولايات المتحدة قبل أكثر من عشر سنوات.

وكشفت الدراسة التي أجريت في عام 2013 أنها جمعت 200 عينة من عدة مناطق سعودية، منها القصيم والرياض والمدينة المنورة بين عامي 2009 و2010، وتم فحصها لمعرفة محتوياتها من المواد المعدلة وراثياً. وتبين أن 26 في المائة من عينات فول الصويا تشتمل على سلاسل جينية معدلة وراثياً، في حين ثبت أن 44 في المائة من عينات الذرة تحتوي على سلاسل جينية معدلة وراثياً.

وحللت الدراسة 202 عينة من مواد غذائية معظمها كان مستورداً وجُمِعت من الأسواق المحلية في الرياض، ومن بين العينات البالغ عددها 202 عينة ثبت أن 20 منها كانت تشتمل على مكونات معدلة وراثياً.

وأشارت النتائج الإجمالية للدراسة إلى اكتشاف مفاده أن من بين عينات الذرة التي تم فحصها، هناك نسبة تلوُّت تزيد على 1 في المائة بذُرة ستار لينك، حيث تشير قدرة أو حساسية الاكتشاف في مجموعات الاختبار المستخدمة في البحث أن احتمال التوصل إلى قراءة خاطئة، هو احتمال ضئيل للغاية.

وأوصت الدراسة، بوضع أنظمة قانونية قوية ومختبرات مرخَّصة لمراقبة الأطعمة أو المحاصيل والنباتات المعدلة وراثياً في السوق السعودية”.

ويثير مؤلفو الدراسة، أسئلة حول السبب في أن الذرة المعدلة وراثياً والمحظورة في الولايات المتحدة عاودت الظهور في بلد بعيد عن أمريكا مثل السعودية.

ويتساءلون كذلك عن مستوى التلوث في الولايات المتحدة، بالنظر إلى حقيقة أن الأنظمة الخاصة بوضع الملصقات والعلامات واستيراد المعدلة وراثياً هي أكثر تشدداً في السعودية منها في الولايات المتحدة.

وجاء في ختام الدراسة ما يلي: ”نوصي بالتطبيق الإلزامي لوضع الملصقات على المنتجات المعدلة وراثياً والمقاطعة التامة للشركات الصانعة التي لا تلتزم أصلاً بهذا المطلب، أو التي لا توجد لديها خطط سابقة للقيام بذلك في المستقبل المباشر”.

وأبانت الدراسة، أن سلالة ذرة ”ستار لينك” المعدلة وراثياً، والمسموح باستخدامها في الولايات المتحدة فقط كعلف للحيوان، موجودة وتلوث المنتجات الغذائية في السعودية.

و”ستار لينك” عبارة عن علامة تجارية لنوع من الذرة المعدلة وراثياً، وكانت من تصنيع ”أفانتيس” لعلوم المحاصيل، وفيما بعد استحوذت عليها شركة ”باير”.

وقد سبق أن وافقت وكالة الحماية البيئية الأمريكية في عام 1998 على استخدام هذا النوع من الذرة ليكون علفاً للحيوان فقط، وبالتالي قررت الشركة المنتجة لذرة ”ستار لينك” ألا تتقدم بطلب مستقل للموافقة على استخدامه طعاماً للحيوان والإنسان.

مع ذلك تم العثور على بقايا من ذرة ”ستار لينك” في بعض منتجات خبز الذرة في سلسلة مطاعم تاكو في الولايات المتحدة عام 2000، ما يشير إلى أنها دخلت سلسلة الطعام الآدمي.

وفي أعقاب هذا الاكتشاف تم سحب جميع الأغذية المعدلة وراثياً، ما أدى إلى اضطراب واسع النطاق في أسواق الذرة في عامي 2000 و2001، بعد ذلك سحبت ”أفانتيس” تسجيلها لنوعيات مختلفة من ذرة ”ستار لينك” في تشرين الأول (أكتوبر) 2000 ووعدت بألا تعود لإنتاجها مرة أخرى.

وعلى الرغم من هذه التأكيدات، تبين أن المساعدات الغذائية التي يرسلها برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة والولايات المتحدة إلى عدد من بلدان أمريكا الوسطى ملوثة بدرجة عالية بذرة ”ستار لينك”.

وتبين أن 80 في المائة من 50 عينة تم فحصها كانت ملوثة بذرة ”ستار لينك”، وبالتالي اضطرت جواتيمالا ونيكاراجوا وهوندوراس والسلفادور إلى رفض المساعدات، وفقاً لصحيفة ”جرين ميد”.

وفي عام 2005 وافقت السعودية على استيراد المواد الغذائية المعدلة وراثياً، لكنها حظرت الاستيراد والاستخدام الزراعي للحيوانات المعدلة وراثياً، وكذلك منتجاتها الجانبية والبذور المعدلة وراثياً والتمور ونباتات الزينة المعدلة وراثياً.

المصدر: الاقتصادية