ذكاء اصطناعي (2)

آراء

استكمالاً لحديثنا بالأمس عن الذكاء الاصطناعي، وقضاياه وآفاقه المستقبلية التي استأثرت بحيز كبير من نقاشات وحوارات القمة العالمية للحكومات 2024، وشهدت تبايناً في الآراء حوله، إلا أنه كان هناك شبه إجماع بأنه سيكون السمة المميزة للمستقبل والرهان الكبير عليه في التطوير والارتقاء بما يقدم، لما فيه خير المجتمعات والبشرية.

كما تجدد الحديث والنقاش في ذات الحوارات عبر الجلسات حول الأخلاقيات والضوابط المتعلقة باستخدامات الذكاء الاصطناعي، والتي جنح بها بعضهم نحو مسائل غير أخلاقية، واستغلتها كذلك العصابات الإجرامية، ووظفتها لغاياتها الشريرة. وظهرت توصيات تدعو لتطبيق إجراءات وضوابط صارمة لضمان عدم استغلال الذكاء الاصطناعي لتلك الأهداف والغايات الإجرامية.

بينما كنت أتابع تلك الحوارات برز أمامي خبر في وسائل الإعلام حمل أنموذجاً صارخاً لتلك التجاوزات، يتحدث عن تحقيقات تجريها شرطة هونغ كونغ حول عملية احتيال متقنة نفذتها مجموعة من «الهاكرز»، احتالت بها على شركة كبيرة متعددة الجنسيات بـ 25.6 مليون دولار، باستخدام تقنية «التزييف العميق»، وشهدت انتحال شخصية مدير إدارة الشركة في أثناء مكالمة فيديو، بعد أن بلغت التقنية مستوى لا يستطيع فيه معظم الناس التمييز بين الأشخاص الحقيقيين والمستنسخين رقمياً.

واستهدف المحتالون في البداية أحد العاملين الماليين في الشركة برسالة بريد إلكتروني من المدير المالي للشركة في المملكة المتحدة تتضمن «معاملة سرية»، واشتبه الرجل في أنها رسالة احتيالية، لكن شكوكه تبددت عندما تمت دعوته إلى مؤتمر عبر الفيديو مع المدير المالي، والعديد من زملائه، و«ما لم يعرفه الضحية أن جميع الوجوه المشاركة والأصوات المألوفة لديه في مكالمة الفيديو كانت في الواقع مرشحات مزيفة مصممة لجعل المشاركين يبدون وكأنهم موظفو الشركة، وبعد أن شعر بالارتياح لأنه كان يتصرف بناءً على طلب المدير المالي لديه الذي حوّل 25.6 مليون دولار إلى حساب المحتالين، وواصل عمله».

وقال الموظف الضحية: «موظفو الشركة في المكالمة بدوا وكأنهم أشخاص حقيقيون، ولكن بعد فوات الأوان، كان الأشخاص الذين كان معهم في المكالمة أعطوه التعليمات بشكل أساسي قبل إنهاء المؤتمر فجأة، ولم يتفاعلوا معه، تم اكتشاف عملية الاحتيال فقط عندما تحقق من الصفقة مع المكتب الرئيس للشركة، ليعلم أنه لا أحد يعرف أي شيء عنها».

حالة صارخة من حالات استخدام التقنية لأغراض إجرامية، ولكنها لن تثني البشرية، وهي تمضي بالتوسع في الاعتماد على الذكاء الاصطناعي، لأنه ببساطة يمثل المستقبل والاستثمار في المستقبل.

المصدر: الاتحاد