عبدالله المغلوث
عبدالله المغلوث
كاتب وصحفي سعودي

سحرها في تمنعها

آراء

تخرج إبراهيم القحطاني في الكلية التقنية بدرجة دبلوم عام 2003. التحق بعدها بشركة صناعية كبرى متخصصا في الجودة. حصل على شهادات معتمدة في إدارة الجودة وعمليات الفحص المعتمدة من أرقى الجمعيات الأمريكية والبريطانية االمتخصصة في هذا المجال. على الرغم من كل النجاح الذي حققه عمليا، إلا أن حلم الحصول على درجة البكالوريوس ظل يراوده. قرر في عام 2005 أن يتخذ خطوة جريئة تتمثل في دراسة البكالوريوس في الإدارة عبر الجامعة العربية المفتوحة. انتظم في هذه الجامعة بعد الدوام. واجه تحديات جسيمة تحول دون استمراره. صمد متسلحا بإرادته. تفاقمت الصعوبات بسبب طبيعة عمله في قسم المشاريع الذي يتطلب تنقله برا وجوا وبحرا بين عدة مناطق عمل. استمر إبراهيم في الجامعة. اجتاز الفصل الدراسي وراء الآخر بنجاح. لكن بات حلمه يتبدد بعد أن تضاعفت الظروف العملية صعوبة. توقف بعد أربع سنوات أنهى فيها بنجاح أكثر من 70 ساعة دراسية. أحس بأنه سيخسر وظيفته ومصدر رزقه فاتخذ القرار الأصعب. أيقن كل من حوله أن إبراهيم لن يصبح جامعيا. فهو فرط في فرصة ثمينة كمن أهدر ضربة جزاء في الدقيقة الأخيرة من المباراة. المشكلة أن هذا القرار لم ينعكس على أدائه العملي إيجابيا وإنما العكس تماما. صار أقل إنتاجا وابتسامة. لم يعد ذلك الذي يشعل الدوام بضحكاته المجلجلة وحيويته الفاقعة. كان يتساءل دائما كلما استيقظ من النوم كيف أهدر هذه الفرصة الثمينة؟ كيف سمح لأربع سنوات تذهب من عمره هباء؟ أليس حراما أن يذهب كل ما صرفه من مال وجهد أدراج الرياح؟

حرص إبراهيم على أن يضع حدا لهذه الأسئلة التي تفسد صباحه وحياته وتعكر أجواءه. انتقل إلى وظيفة أخرى أقل تنقلا وأكثر استقرارا. التحق بجامعة الملك فيصل عام 2011. بدأ من الصفر مدفوعا بإصرار ودعم زوجته وابنته جنى وعائلته. كانت سنوات ذهبية في عمله الجديد. فتحت له الآفاق في إنتاج البرامج التي تروق له. قدم في “يوتيوب” برامج ناجحة جدا مثل “مؤامرة”، و”عيش وملح” عبر قناة سين. وقدم مع زميله خالد الناصر برنامج “رادويتر” الذي سيعود مجددا. وكتب عمودا صحافيا رشيقا ولافتا في صحيفة “الشرق” ثم انتقل حاليا إلى مكة.

والأهم من ذلك كله أن إبراهيم القحطاني أو (برهوم) كما يحب أن يناديه أصدقاؤه تيمنا بمدونته الشهيرة، تخرج أخيرا في الجامعة متخصصا في الإدارة. حصل على البكالوريوس والآن يستعد لدراسة الماجستير في الإعلام. ظل يلاحق هدفه عشر سنوات حتى حققه.

يا صديقي الأحلام لا تتخلى عنك إلا إذا تخليت عنها. قد تتمنع قليلا. لكنها ترغب فيك. أظهر لها فقط احتياجك واهتمامك بها بكل ما أوتيت من حب وشغف.

المصدر: الاقتصادية