عبدالله الشويخ
عبدالله الشويخ
كاتب إماراتي

سنيور تشافيز.. وداعاً!

آراء

لا أعرف الكثير عن فنزويلا! ولا أعتقد أن الكثير من شعوبنا المغرمة بالـ«وجهات السياحية التقليدية» لديها اهتمام كبير بما يجري في قارة أميركا الجنوبية.. ما يعرفه معظمنا عن فنزويلا أنها كانت تفسد أسعار النفط في الثمانينات ببيعها كميات كبيرة منه، وأن رئيسها الذي رحل يوم أمس هو صديق حميم للعرب ولـ(الختيار) أبوعمار رحمه الله، ومعظم الشباب «من إياهم» يخطئون في لفظ اسمه لالتباس الأمر عليهم، ويسمونه «شيفاز»، كما تشتهر فنزويلا لدى شعوبنا المكبوتة بأنها ماكينة لتصدير «المكنات»، ففي كل مسابقة جمال هناك فائزة من فنزويلا، وفي كل ابتسامة جميلة هنالك زهرة فنزويلية.

يقول الصحافي الفنزويلي مونيكا بوستامانتي، في حوار مع محطة «فوكس نيوز» الأميركية «المعربة أخيراً»، إن المشاركة في مسابقات الجمال تعتبر جزءاً لا يتجزأ من الهوية الوطنية الفنزويلية، حيث لم تبتعد فنزويلا عن الحصول على موقع متقدم في مسابقات الجمال الدولية «والعياذ بالله»، لمدة اثنتي عشرة سنة متتالية.. هم يعتبرون الجمال (بفتحة على الجيم) جزءاً أصيلاً من هويتهم الوطنية، ونحن نعتبر الجمال (بكسر الجيم) جزءاً مهماً من هويتنا الوطنية، لهم مزاينتهم ولنا مزاينتنا! هذا بصدق هو كل ما أعرفه عن فنزويلا! وربما كنت أحلم بزيارتها ذات يوم.

لكن موت الرمز الفنزويلي، وموت الحب العربي تآزرا لإلغاء الرحلة!

تشافيز الذي كان مثار جدل في أوساط «العرب الثوريين»، حيث اعتبره الكثيرون مناصراً رئيساً وأخيراً للقضايا العربية، خصوصاً مع صورته الشهيرة وهو يرتدي الكوفية التي حولها ارتداؤه لها إلى موضة منتشرة في كل العالم، وبين من كان يرى أن الأمر لم يكن يعنيه، لكنه تعاطف مع بعض القضايا العربية من باب «عدو عدوك هو صديق لك»، خصوصاً مع محاولة الانقلاب التي دبرت ضده عام ‬2002، واتهم فيها الولايات المتحدة الأميركية، وبين من يرى أنه لم يضف شيئاً إلى القضايا العربية، وأنه ليس سوى النسخة اللاتينية من الرئيس الليبي السابق معمر القذافي، لكن بنكهة حمراء بدلاً من النكهة الخضراء الجماهيرية الشهيرة! فبدلاً من الجماهيرية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى، لدينا الجمهورية الفنزويلية البوليفارية.. ولم يمهلها القدر لتكمل الجملة!

رحل تشافيز، وبقيت خطاباته المستلهمة من أدبيات صديقه الكوبي «فيدل كاسترو»، الذي يبدو أنه حلف ألا يموت إلا بعد وفاة جميع أصدقائه، الذين لم يبق منهم على قيد الحياة ـ على حد علمي ـ سوى سفير مجلس دبي الرياضي مارادونا! رحل تشافيز وبقيت له مجموعة من المواقف الجميلة مع العرب.. كثير منها مع العرب المستعربة، وقليل منها مع العرب العاربة، لكن لم يستفد منها إلا العرب البائدة!

ظاهرة صوتية أخرى رحلت.. وكنا نتمنى أن تكون نهاية جميلة كعلاقاتنا مع الأميركيين الجنوبيين، الذين نتعاطف معهم لأخوتنا في الألم والأمل، والخوف من رغبة الأبيض في القضاء على الملونين، ولكن مواقفه من الثوار الذين تغنى بهم طويلاً في سورية وليبيا لم تشفع له.. فهل يشفع له جمال الماشين في جنازته؟!

المصدر: الإمارات اليوم