عبدالله الشويخ
عبدالله الشويخ
كاتب إماراتي

شارون

آراء

رغم شهرة صاحبي التي طبقت الآفاق.. فبملاحظة منه توقفت طائرة «الكونكورد» عن الطيران.. وباستفسار منه حدثت الأزمة المالية العالمية.. وبتهنئة منه كانت سيارة الشخص الذي يتقبل التهنئة تدخل الوكالة في اليوم التالي، إن لم يدخل صاحب السيارة نفسه (المعشرة).. يكفي أنه في مثل هذا اليوم قبل اثني عشر عاماً، كان يتمشى في إحدى جادات نيويورك، ورأى مبنيين ضخمين، فقال كلمة واحدة لم يثنها: «خيييبة!».. على الرغم من كل هذه المقدرات الخرافية، فإنه لايزال كل يوم يطالع صحف الصباح، ثم يصدر تلك الأصوات من فمه، ويقول: «هذا بعده ما مات! كم طولت غيبوبته؟!!».. ولايزال صاحب الغيبوبة يحلم!

شارون الـ«مب ستون»، كما يسميه صاحبي.. شارون، الذي قتلنا عشرات المرات في حرب 48، وفي مجزرة قتيبة، وفي نكسة 67، وفي صبرا وشاتيلا، وفي استفزاز اقتحام الأقصى.. شارون الذي يفتخر بكلمته الخالدة (لديهم): «جميعنا يجب أن يتحرّك، أن يركض، يجب أن نستولي على مزيد من التلال، يجب أن نوسّع بقعة الأرض التي نعيش عليها، فكل ما بين أيدينا لنا، وما ليس بأيدينا يصبح لهم».. لايزال في غيبوبة منذ عام 2006.. عندما نجحت وجبة دسمة في أحد المطاعم الإسرائيلية، في ما فشلت فيه أربعة أجيال عربية متخمة بوجبات الهزيمة، فأقعده ذلك العشاء الأخير عن إكمال مهمة «يهوذا»، وبقي في غيبوبة أراحتنا من الكثير من الدماء، التي نرى أننا أولى بسفكها من سفكه لها!

لم تفلح عين صاحبي في التعجيل بوفاة شارون، لكن تساؤله اليومي يطلق العنان لبعض الأفكار.. ماذا لو صحا شارون اليوم.. ألا تعتقد معي أنه سيموت في اليوم التالي ليوم صحوته.. لكن السبب سيختلف هذه المرة، فشارون (الصاحي) سيموت هذه المرة من الفرحة، من دون أي شك!

شارون الذي غاب عنا منذ سبع سنوات عجاف، سيرى حينما يصحو أن أقوى قوتين حوله أصبحتا قوتين مفككتين تحاربان في الداخل، منشغلتين مع الفرق في التوجهات، كلٌّ في جبهتها الداخلية، وسيرى أن درة تاج الجيوش العربية مشغولة بـ«ربيع» تمخض فولد فأراً.. وسيرى أن السيناريوهات المستقبلية ستحدث عن قصف لغزة، وقصف عراقي لسورية، وقصف سوري سوري بالكيماوي.. والقصف الوحيد الذي لم يحدث هو قصف حليف الشيطان في الجبهة الأخرى من الوطن العربي!

ألا تشاطرني الرأي أنه حينما يصحو.. سيموت من شدة الفرح..؟!

المصدر: الإمارات اليوم