عبدالله الشويخ
عبدالله الشويخ
كاتب إماراتي

«شهادات منتهية الصلاحية..!!»

آراء

لم يطلب منهم أحدٌ أن يتدخلوا في حياة «بوسلوم»!

كان بوسلوم يعيش حياته مرتاحاً وسعيداً على هامش الحياة كأي موظف بسيط وتقليدي، إلى أن هبت رياح الإبداع والنجاح على الجميع فجأة، صديقه الضابط يقول له: يا بوسلوم لِمَ لا تكمل دراستك فتقفز في السلم الوظيفي ويحسّ كتفاك بوزن النجوم عليهما؟! صديقه المدرّس يقول له: يا بوسلوم لِمَ لا تكمل دراستك وتعود إلى قريتك في مدرسة محترمة، وتريح ظهرك من وجع «ضرب الخطوط»؟! صديقه الإداري يقول له: يا بوسلوم لِمَ لا تكمل دراستك وتريح رأسك من مراجعي الكاونترات وقرف الزحمة في الصالات؟! أهل بيته يقولون له: يا بوسلوم لِمَ لا تكمل دراستك فيزداد معاشك وتملأ بطنك بأطايب الطعام الإيطالي في زيارتك الصيفية لها، وهكذا، فإن كل طرف من أطراف المجتمع كان يضغط على بوسلوم بجزء حميم من جسده، فأحدهم يذكره بكتفيه والآخر بظهره والآخر ببطنه ورأسه ورجليه!

لم يطلب منهم أحد أن يتدخلوا في حياة «بوسلوم»!

ورغم ذلك، فقد فعلوا حرصاً عليه، ولأن بوسلوم مثلي ومثلك، لا يستطيع النوم قبل أن يفكر في كثرة الكلام الذي قيل له، ولأن بوسلوم فعلاً يريد أن يطور من نفسه، ولأن بوسلوم مثلي ومثلك يحب «الخردة»، فقد قرر أن يخوض التجربة ويطور نفسه، ونام وهو يحلم بغدٍ أفضل له، ولجميع أجزاء جسده المذكورة أعلاه!

لم يطلب منهم أحد أن يتدخلوا في حياة «بوسلوم»!

ولكن بعد أن فعلوا، قام من نومه نشيطاً وفتح صندوق الأوراق الرسمية، شهادة ميلاده، عقد زفافه، شهادات تقدير مختلفة، صور عبثية، تذكرة سفر لم تستخدم، تحويل لمنزل بشكارة هربت، رسالة من إحداهن مازالت تفوح برائحتها، كشف حساب بنك، وأخيراً وجد شهادة الثانوية العامة، أخذها وهو يسترجع أيامها الجميلة، وتوجه إلى الجامعات الفاتحة ذراعيها مثل أي مشتاق، وقدّم أوراقه!

لم يطلب منهم أحدٌ أن يتدخلوا في حياة «بوسلوم»!

لكي يقرفني وهو يروي بقية حكايته باكياً، يقول بوسلوم إنه قدّم أوراقه في عشرين جامعة محلية كلها رفضته، لأن الشهادة قديمة، «يحرج» علي بوسلوم، كأنني وكيل وزارة التعليم العالي ويصرخ في وجهي، ِلمَ يشجعوننا على استئناف التعليم ثم يقولون إن الشهادة القديمة منتهية؟ هل هي علبة جبنة؟ صحن مارتديلا؟ كيف تنتهي صلاحية الشهادة؟! وما الذي يجب أن أفعله لكي يسمح لي بدخول جامعة؟

لمْ يطلب منهم أحد أن يتدخلوا في حياة «بوسلوم»! لكنهم خربوها وعليهم أن يجدوا حلاً له! «بوسلوم» غاضب! وصدقني أنت لا تحب أن يغضب «بوسلوم» أبداً!

المصدر: الإمارات اليوم
http://www.emaratalyoum.com/opinion/2014-11-11-1.726975