علي القاسمي
علي القاسمي
كاتب سعودي

ش.. ب.. ك

آراء

أحاول التفريق بين «الشبوك» و«التشبيك» ، كنت أحسبهما – لجهلي- شبكاً واحداً، ولكن يبدو أن ثمة فرق بينهما، لم أتوصل له على رغم محاولاتي الجادة في فك الخلل التشبيكي في المفهوم، إنما سيظل تركيزي منصباً على الحروف المهمة في المصطلحين الشهيرين، وهذه الأحرف تتربع بكل زهو في صدر العنوان. الحرف الأول وجدته الحرف الذي تركبه ثلاثة نقاط وثلاث أسنان كأسنان المشط، هذا في «خط النسخ» أما في «الرقعة» فقد تمسح الأسنان في فعل تشبيكي ويكتفى بالنقاط فقط! الحرف الثاني بريء وطيب لأنه يأتي في البدايات والبلديات والبلدوزرات والبلوت وما شابهها من المفردات التجميعية والتشبيكية، أما الحرف الأخير فهو الوهج الذي يمنح الكبير والكذب والكرش والكتمان حضوراً مختلفاً، توصلت بعد هذه الهستيريا إلى أن النقاط والأسنان والبلدوزرات والكبير لا يجتمعون إلا على الفعل «شّبَكَ».

فهمت أن التشبيك يكبر أخته الشبوك «سناً» وهو يتمتع بالوصاية عليها من باب «أن الرجال قوامون على النساء»، الولد «تشبيك» عنيد وحساس في الوقت نفسه، وإذا هاجمه أو عانده أحد ضحى بأخته «شبوك»، وأظن أن الولد بطل في سباق المسافات الطويلة، فيما أخته تأتي فقط عند مراسم التتويج.

هيئة مكافحة الفساد برأسها لم تتمكن من التفريق بين الشبوك والتشبيك، وما أفعله في هذه المساحة ليس إلا اجتهاداً شخصياً للوصول وإياهم لتعريفين دقيقين، وتصحيح لما توصلت إليه في محاولاتي البريئة المتحمسة للتفريق بين من كنت أظنهما توأمان سياميان، وتبيّن لي أنهما مختلفان تماماً على حد رأي الهيئة، ولا يلام المرء بعد اجتهاده.

توصلت أيضاً في نهاية المحاولات البائسة إلى ضرورة الصبر على هيئة مكافحة الفساد، وتأسيس هيئة جديدة لمحاربة الشبوك، لأن هيئتنا ترى أن هناك حساسية في التعامل مع التشبيك كمصطلح، ومهمتها الحالية إيقاف شبوك وأخواتها من الحضور لأي مهرجان للسيد «تشبيك» وأخوته، منعاً للاختلاط ودرءاً للفتنة، وكي لا يتحول السيد «تشبيك» إلى مجرد مبتز ومستغل لضعف شبوك وقلة حيلتها في الصمود طويلاً.

نتوقف عند اللغة العربية كفاصل أخير في مساعدتنا للتوصل إلى فارق جوهري بينهما وهي التي تقول أن «شبَّك» من ناحية الفعل تمتد من شَبَّك – يُشَبِّك – فهو مَشْبُوك ومشبوك عليه، ومن جهة التشبيك كاسم فهو مصدر وحيد ويتيم وجريء لـ«شبَّك»، أما المغلوبة على أمرها «شبوك» فلم أجد لها رائحة في اللغة، لكنها تشير بالمفهوم التقريبي للسور أو السياج أو الأسلاك أو الشوك أو غيرها على مساحة بيضاء أو مجهولة الهوية، لا تلوموا اللغة حين عرفت «تشبيك» ولم تعرف «شبوك»، ولا تلوموا هيئة مكافحة الفساد حين تتوقف عند حرج التفريق بينهما، اللغة العربية برأسها لا نعرف هل هي لغة شبكية أم لغة تشبيكية أم بهما معاً!

المصدر: الحياة