صالحة عسير

آراء

العقلاء لايعتبون على صالحة عندما تقود سيارة والدها، وتنقل الطالبات إلى المدرسة. القرويون الأصلاء قدروا أن خروجها ضرورة كي تُعيل أسرتها بشرف؛ لكن المرتاحين -مادياً- لايشعرون بمعاناة البسطاء ومطاردتهم اليومية المؤلمة للقمة العيش، ولو انتظرت صالحة السادة المنظرين كي ينقذوا أسرتها من العوز والفاقة فلن يأتوا في الوقت المناسب، وسيجدون عشرات المبررات النمطية كي يتأخروا عن مساعدتها بانتظام؛ المجتمع أصبح يعرف هؤلاء جيداً ويتعامل معهم كظواهر صوتية فارغة تخصصت في التحريم والتهييج دون تقديم حلول ناجعة لمئات الأسر التي تئن تحت وطأة الفقر.

الذين يعيشون دائماً تحت التكييف المركزي لايعرفون كثيرا عن حرارة الشمس في عز النهار، ولايتصورون أبداً أن فاتورة كهرباء واحدة كل ثلاثة أشهر قد تتحول إلى أزمة بلا حل، وعذاب يومي للأطفال والأمهات حينما لايستطيع رب الأسرة جمع قيمة الفاتورة، وبالطبع فالحكم على الشيء فرع عن تصوره..

هذه أسر كادحة لاتجد ثمن جرعة دواء وإيجار سكن وتوصيلة (آمنة) إلى مستشفى، ولأنهم شرفاء جداً فهم يعملون ولايتسولون تحت أي ظرف، وثمة فرق كبير، وإن لم يكن لديك رصيد في البنك فستكون عملياً جداً وستُقدر وضع صالحة وأخواتها تماماً، وإن كان العكس فستُسلي نفسك برميهن بحجر معتوه، وربما تزعم -في ساعة صفاء- أن ثمة تغريباً يغزو قرية نائية من قرى عسير؛ في النهاية أعطوا صالحة مرتباً خمسة آلاف في الشهر -بشرط ألا يكون منة من أحد- وسائقاً لأسرتها وأنا أضمن لكم ألا تقود سيارة والدها، أو نورونا بسكوتكم غفر الله لنا ولكم!

المصدر: صحيفة الشرق