عبد الله الشمري
عبد الله الشمري
عبد الله الشمري كاتب و باحث سعودي متخصص في الشؤون التركية

صراعات تويتر!

آراء

لا يمكن إغفال ان موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» اصبح لاعبا أساسيا في الحياة اليومية للكثير من مكونات المجتمعات الخليجية سواء الدينية او السياسية او الاجتماعية أو الرياضية، نساء ورجالا كبارا وصغارا لا فرق بين مغرد وآخر إلا بتميز تغريداته عن الآخرين، وصحيح ان هناك من يبالغ في تأثير تويتر إلى درجة تجعله يتخيل أنه الواقع بعينه وينسى انه يظل عالما افتراضيا دون إنكار تأثير تويتر على العالم الحقيقي.

سارعت معظم الحكومات للسباق مع الزمن لمواكبة ما يدور في تويتر وتسابقت شخصيات خليجية سياسية على فتح صفحاتها، لتعبر عن آرائها بصراحة أكثر من واقعها الرسمي، كما أصبحت تغريدات تويتر مادة دسمة للصحف والقنوات التلفازية وتجاوز تأثير تويتر إلى ارسال البعض لحضور ولائم سياسية او التسبب في دخول مغرد آخر السجن بسبب تغريدة واحدة. كما ان أبرز ما في تويتر الخليجي انه قضى على حد كبير من النفاق وازدواجية المواقف وكسر جزء من التابو المحرم في التواصل ما بين الجنسين وخاصة في مجتمع محافظ كالمجتمع السعودي.

لظروف كثيرة فإن المغردين الخليجيين تصدروا العالم العربي كما وكيفا في تغريداتهم ولعل ما يهمني في هذا المقال هو حال تويتر الخليجي ودوره في توطيد أو تمزيق العلاقات البينية بين دول الخليج ليس على مستوى العلاقات السياسية فحسب بل على مستوى العلاقات الشعبية، ولعل سبب كتابتي هذا المقال هو رسالة وردتني من صديق رائع يخبرني فيها بدخول شخصية أكاديمية خليجية ذات وزن ونكهة خاصة عالم تويتر الرحب ففرحت فرحا شديدا لتقديري لأهمية إضافة ذلك الاستاذ لعالم تويتر وخاصة السياسي منه، ولكن كانت صدمتي بقدر فرحتي فبمجرد ما استعرضت التغريدات الوليدة للقامة الكبيرة وجدت معظمها هجوما شرسا على دولة خليجية شقيقة وكانت صدمتي مضاعفة لان هذه الشخصية هي أكثر من يحذر من جار للخليج يتربص بكل دوله شرا صباح مساء.

تذكرت الوصف الذي اطلقه احد الكتاب على مؤلف كتاب من «بلاط الشاه الى سجون الثورة» بقوله «من يعرف احسان نراغي يُدرك الى حد سمحت له رهافته الفكرية شجاعة النقد دون السقوط في الاغواءات الايديولوجية التى تُفقر من غنى النفس البشرية والمهارة السياسية» وطالما تمنيت ان هذه القامة وجميع المغردين لا يسقطون في الاغواءات الشخصية حتى لا تضعف مصداقيتهم.

لنضع النقاط على الحروف ونعترف ان العام ٢٠١٣ تحديدا شهد (صراعات باردة) بالمعنى الدقيق بين نسبة لا يستهان بها من المغردين الخليجيين ووصل الامر إلى الوصول لمستوى مُقلق من التعريض والتخوين والتحريض واستخدام اقذع عبارات الشتم، كما ظهر ان كثيرا من الخليجيين، لديهم بالفعل مشكلة عامة تتمثل في التعصب السياسي والذي اذا لم نحاول أن نعترف به ونعالجه ونحترم اراء المعارضين –مع الاختلاف معها- فلن نكون قادرين كخليجيين على التحرك للأمام كثيراً.

ولعل «الظاهر التويتري» يبين وجود التعصب حتى بين أصحاب الفكر الواحد فهم لا يستطيعون التسامح بشأن أقل حديث إيجابي عن الاخر المختلف، إنهم يرون أن هؤلاء الذين ينطقون هذه الآراء لا بد أنهم يفعلون هذا فقط لأسباب غير أخلاقية.
من أجمل الأشياء ان يضع كل إنسان في حياته خطا احمر لا يتجاوزه وليتنا نضع العلاقات الخليجية الخليجية خطا احمر لا نقبل لأنفسنا او لاحد ان يتجاوزه! ليبقى خليجنا الجميل فوق كل اعتبارات شخصية او فكرية!.

المصدر: اليوم السعودية