طارق إبراهيم
طارق إبراهيم
رئيس تحرير جريدة الوطن السعودية سابقاً

صورة المسؤول يوم تعيينه ويوم إعفائه

آراء

لا توجد وسيلة ناجعة ومباشرة وصادقة ليتعرف فيها المسؤول على واقع القطاع الذي يرأسه أفضل من الزيارات الميدانية غير الرسمية وغير المعلن عنها وغير المرتبة والبعيدة عن وسائل الإعلام، وفي ظني الشخصي أن مثل هذه الزيارات سيكون لها مردود أكثر وسوف تتكشف للمسؤول كثير من المعلومات والحقائق لو قام بالزيارات في غير فترة العمل الرسمي أي بعد نهاية الدوام أو مثلا في يومي الخميس والجمعة.

تعالوا نراجع أنفسنا ونذكر بعضنا بعضا كم مرة شاهدنا مسؤولا من مسؤولي الخدمات يتجول في الميدان ليرى بنفسه ما يستدعي حلا أو معالجة أو تطويرا أو مساءلة، وتعالوا نسأل كم مرة شاهدنا هذا المسؤول أو ذاك يلتقي الناس في الميدان ليعرف منهم عن قرب بعض ما يعانون وشيئا مما يشتكون وقليلا مما يطلبون؟

قلة هم أولئك الذين يسلكون هذا المنهج أما الأكثرية فالناس لا تشاهدهم إلا عبر صورهم في الصحف عند صدور قرارات تعيينهم ومن ثم عند صدور قرارات إعفائهم.

قبل أسابيع عاتبت مسؤولا كبيرا في قطاع الخدمات كون جل وقته ضائعا في الاجتماعات وقراءة الأوراق والمعاملات بينما تذهب الأيام والناس ينتظرون منه إنتاجا وعملا وتغييرا واضحا في مجال إدارته لكنهم لم يشاهدوا شيئا من ذلك ولم يشاهدوه في الميدان، وها هو المسؤول نفسه غادر قبل أيام منصبه وجاء بديل عنه ولا يعلم الناس وأنا واحد منهم نتائج تلك الأوراق والاجتماعات التي أضاع جل وقته معها، بينما كان بإمكانه إسناد مهامها وبرامجها لأشخاص قادرين على تنفيذها دون هذه المركزية القاتلة، ليتفرغ للأهم ومن ذلك النزول للميدان.

غادر المسؤول الكبير مكتبه وهو لا يعرف سوى الطريق الذي يربط بين منزله ومكتبه، ترك الميدان لغير المعنيين ولغير المخلصين ولغير الأمينين وانشغل بقراءة وكتابة الأوراق، حتى خسر المنصب وخسر الناس ولم يبق له سوى صورة من تلك الأوراق والمحاضر وعشرات الكلمات التي يبعث بها للصحف في كل مناسبة متضمنة عبارات ظن أنها ستطيل من عمره الوظيفي.

انشغل كثير من المسؤولين بالحديث عن الاستراتيجيات التي لم نر نتائجها، وجاء قرار إعفائهم وهم يراهنون على المستقبل، وذهبوا وهم مقتنعون أنه لو تم منحهم فرصة أطول لظهرت نتائج أعمالهم وثمار استراتيجياتهم!

هناك مسؤول يصنع الفارق في أشهر قليلة وحينما يغادر يفتقده كثير وهناك من يستعجل الناس رحيلهم لأن أمسهم مثل يومهم ومثل غدهم!

المصدر: الوطن أون لاين