طيران بين اليمن وإيران

آراء

«أول طائرة إيرانية تحط في اليمن منذ عشرات السنين»..ما تقدم هو واحد من عشرات العناوين التي وردت في مواقع الأخبار الإيرانية للاحتفاء بتدشين الرحلات الجوية بين البلدين، حيث شهدت كل من إيران واليمن في الأسبوع الماضي أول رحلة طيران بينهما..في الوقت التي حطت الطائرة الإيرانية في مطار صنعاء، كانت قد حطت طائرة يمنية في مطار الخميني بالعاصمة الإيرانية طهران. حتى الآن يبدو الأمر طبيعياً فتسيير الرحلات بين الدول هو جزء من العلاقات الثنائية والمتعارف عليها دولياً، ولكن يتبادر السؤال هنا: هل هناك ما هو أبعد عن مجرد طيران؟ نسير مع القارئ الكريم، لتناول خلفيات هذا الأمر، وما هي أبعاد تلك الخطوة.

لا يخفى على القارئ ما تشهده الساحة اليمنية بعد الانقلاب «الحوثي» على الشرعية، والاستيلاء على صنعاء، وبالتالي محاولة الالتفاف على المبادرة الخليجية ومحاولة فرض سياسة الأمر الواقع عن طريق فرض إقامة جبرية على الرئيس هادي وعدد من وزرائه.
هذا الأمر، وعلى الرغم من استهجان المجتمع الدولي للخطوات «الحوثية»، إلا أن النظام الإيراني كانت له نظرة مغايرة لذلك، فوصول «الحوثيين» واستيلائهم على السلطة يأتي من منظور مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية حسين أمير عبداللهيان على أنه زاد من قوة الأمن في المنطقة، وتضييق الخناق على التنظيمات الإرهابية.

هذا الأمر ساهم بدوره في سعي النظام الإيراني إلى تعزيز موقف «الحوثيين» في الداخل اليمني، وهذا ما تم تتويجه بزيارة وفد من علماء الزيديين إلى إيران قبل قرابة الشهرين، وكان في استقبالهم مستشار المرشد للشؤون السياسية والدولية علي أكبر ولايتي.

وما إن بدأت الدول في إغلاق سفاراتها في العاصمة المحتلة صنعاء حتى جاءت الانتقادات من الجانب الإيراني، معتبرة تلك الخطوات بالمتسرعة وذات أهداف سلبية.

مما تقدم يمكن القول، إن النظام الإيراني يرى في خطوات «الحوثيين» الانقلابية وسيطرتهم على المشهد السياسي في اليمن أمر يصب في مصلحته.

ولذا، فإن وصول الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إلى عدن، واعتبار أن جميع القرارات التي اتخذت منذ 21 سبتمبر الماضي باطلة ولا شرعية لها، يعني بلا شك فقدان «الحوثيين» للمكتسبات التي تم تحقيقها، وبالتالي التأثير على الفصيل المقرب من النظام الإيراني في اليمن.

كما أن استئناف السفارات الخليجية نشاطها الدبلوماسي من عدن هو تأكيد على شرعية الرئيس اليمني، غير أن هذا الأمر يُعد خطأ استراتيجياً كما يراه النظام الإيراني ويدفع باتجاه حرب داخلية.

وفي مقابل ما يدعيه النظام الإيراني بأنه خطأ استراتيجي، يلاحظ المتتبع محاولة النظام الإيراني إضفاء مزيد من الشرعية على الانقلاب «الحوثي»، ويأتي استئناف الرحلات الجوية بين إيران واليمن خطوة تصب في هذا المجال.

ولعل العبارة الأكثر دقة هنا لتوصيف واقع الحال، هو بداية الرحلات الجوية بين إيران و«الحوثيين»، فالرئيس اليمني اعتبر هذا الأمر باطلاً وغير قانوني، بعد أن رفض «الحوثيون» قراراً بتعيين «رئيس الهيئة العامة للطيران المدني»، وعينوا شخصاً موالياً لهم.

الطائرة اليمنية المتوجهة إلى إيران كان على متنها وفد من «الحوثيين» جاؤوا من خلال توصيف النظام الإيراني لهم باعتبارهم وفداً من الحكومة اليمنية لبحث تعزيز العلاقات بين البلدين.

ما هي الصورة التي تلوح في الأفق اليمني؟ يتساءل القارئ.

نقول شواهد أسلوب النظام الإيراني في التعاطي مع مثل هذه الحالات كثيرة، ولذا سيتجلى بوضوح تسارع الخطى الإيرانية في الفترة القادمة لتعزيز الموقف الانقلابي لـ«الحوثيين» وفرض ذلك الانقلاب على أنه أمر واقع لا يمكن تجاوزه، وكلما طالت المدة، زاد الدعم الإيراني لذلك الانقلاب.

المصدر: الإتحاد
http://www.alittihad.ae/wajhatdetails.php?id=83757