طارق إبراهيم
طارق إبراهيم
رئيس تحرير جريدة الوطن السعودية سابقاً

“على الرف حطوه”؟

آراء

جاري “بو فيصل” يقول لي: “شفت وش صار لـ(فلان)، على الرف حطوه”!

قلت له لن أتشفى ولن أفرح بما آل إليه وضعه، فلعل الرف الذي تتحدث عنه يكون بمثابة جرس إنذار له ليعي أنه اليوم خسر الكرسي فقط، لكنه غدا قد يخسر الدنيا كلها يوم يزور تلك الحفرة ويعلم معنى: “ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر.. كلا سوف تعلمون ثم كلا سوف تعلمون..”

جاري أبو فيصل يتحدث بمرارة عن أمر واقع يمر به الكثيرون منا دون اعتبار، هناك من البشر من تنتابه حالة ضيق يوم أن يعجز عن مساعدة الآخرين رغم أنه بذل كل ما بوسعه، وهناك من هو صاحب قرار لكنه يتفنن في تعذيب المواطنين وسد كل الأبواب في وجوههم، حتى أنه إذا ترك منصبه بارك الناس لبعضهم البعض فرحا بفراقه، وإن ودع الحياة استكثروا حتى الرحمة عليه.

جانب كبير مما يرويه أبو فيصل عن (فلان) صحيح، لأنه وكثيرين من أمثاله ظنوا أن مناصبهم تؤهلهم للبقاء إلى ما لا نهاية على ما هم عليه من حال، فهم يتحدثون ويتصرفون ويخططون، ويأمرون وينهون على أنهم باقون مدى الحياة في أماكنهم، ثم يوم أن يتركوا هذه المناصب مجبرين يلتفتون حولهم ولا يجدون تلك الحالة التي اعتادوا عليها لسنوات طويلة، وحينها يبدؤون بشتم الزمن والناس ويشكون من قلة الأوفياء، والحقيقة أن المشكلة ليست في وفاء الناس ولا في معادنهم إنما هي فيمن استثمر المنصب لخدمة ذاته ومصالحه، بدلا من خدمة الناس والقيام بواجباتهم.

أناس يدخلون مكاتبهم ويخرجون منها وجل وقتهم يمضي في تصريف شؤونهم الخاصة وأعمالهم الخاصة ومشاريعهم الخاصة ومكالماتهم الخاصة، بينما الناس تئن وتشكو وتتألم وتبحث عن معارف وواسطات لتأخذ حقا من حقوقها، وبعد أن يغادر مثل هؤلاء مناصبهم يستغربون جفاء الناس، وما علموا أن الناس عمتها فرحة لا نظير لها جراء سماعهم خبر مغادرتهم مناصبهم.

قلة أولئك الذين يفقدهم الناس حينما يموتون أو يقالون أو يتقاعدون.. قلة من يكون هاجسه طوال فترة عمله هموم المواطنين ومشاكلهم، قلة أولئك الذين يكون هاجسهم سن القوانين والأنظمة التي تسهل على المواطنين حياتهم، قلة أولئك الذين يسعون لخدمة المواطنين، قلة أولئك الذين يتبنون كل فكرة وكل مقترح يصب في صالح المواطنين، ولذلك أيضا هم قلة من يفتقدهم المواطنون إن تركوا الوظيفة أو تركوا الحياة!

المصدر: الوطن أون لاين