عبدالله بن ربيعان
عبدالله بن ربيعان
أكاديمي سعودي متخصص في الاقتصاد والمالية

«فقيه» و«تاجر» يحارب «كورونا»!

آراء

بصدور أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بتسليم وزارة الصحة للمهندس عادل فقيه خلفاً للوزير عبدالله الربيعة قبل أسبوعين، أصبح فقيه أكثر الوزراء السعوديين حملاً، فهو مسؤول عن علاج الناس كما هو مسؤول عن توظيفهم. فقيه، الذي يسميه الإعلام السعودي «ذا الوزارتين»، مازال رسمياً هو وزير العمل، بجانب توليه الصحة. وإن كان ظهوره الإعلامي خلال الأسبوعين الأخيرين طغى عليه لبس «الكمام»، و«المعطف» الأبيض متنقلاً من مركز صحي إلى آخر، يطارد آخر مفاجآت فايروس «كورونا»، الذي يبطش هنا وهناك بلا توقف.

القريبون من صناعة القرار يرون أن فقيه سيستمر وزيراً في الصحة، وأنه لا خوف على «العمل» لأن فقيه خلال أعوامه الأربعة الماضية (عُيّن وزيراً للعمل في 18 آب (أغسطس) 2010) خلق جيلاً ثانياً تعتمد عليه الوزارة.
المتابع المنصف لمسيرة فقيه في وزارة العمل سيرى – مع اختلاف البعض مع هذا الرأي – تغييراً كبيراً في أداء الوزارة وسياستها وإنجازاتها. وحتى مع عدم حل قضية «السعودة» تماماً، إلا أنه يحسب للرجل أنه أوقف ومنع فوضى تجارة التأشيرات. كما يحسب له أنه كان عراب حملة التصحيح – بالتعاون مع وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف – التي رحّلت خارج البلد إلى اليوم ما يزيد على مليون وافد مخالف.

بالتأكيد، لا يمكن الجزم بأن فقيه نجح بدرجة كبيرة في العمل، إلا أن ما بناه وأسسه إلى اليوم ينبئ بأنه يسير في الطريق الصحيح. يضاف إلى ذلك أن فقيه يمتلك شجاعة يفتقدها كثير من المسؤولين في اتخاذ القرارات الكبيرة. والصفة الأخيرة مكّنته من اتخاذ قرارات ضد مصلحة بعض «اللوبيات» القوية من تجار التأشيرات والمنتفعين من فوضى سوق العمل السابقة. كما ساعدته هذه الصفة في إصدار قرارات شجاعة تخص توظيف المرأة المواطنة، على رغم ممانعة ومعارضة بعض «تيارات» المجتمع ذات الصوت العالي.

تعليقات السعوديين في وسائل التواصل الاجتماعي على تعيين فقيه وزيراً للصحة، وعلى رغم طرافة بعضها، مثل وصفه بـ «وزير 2 في 1» (كناية عن تسنمه العمل والصحة)، إلا أنها – أي التعليقات – كانت مرحبة، ومتفقة على كفاءة الرجل إجمالاً.

فقيه، أو محارب «كورونا» كما يصفه البعض، نجح أيضاً في تغيير الصورة الذهنية غير الجيدة عند السعوديين عن الوزراء القادمين من طبقة الأثرياء والتجار.

ومثلما نجح وزراء في مهماتهم، فشل آخرون سواء من الوزراء التكنوقراط او من فئة التجار وهم الاقل.

في حين كانت تجربة الوزراء «التجار» سيئة في السعودية، ولم يحققوا – أو من عاصر هذا الجيل منهم على الأقل – نجاحات تذكر. ولعل تجربة المدن الاقتصادية، وأداء وزارة التجارة قبل تعيين الربيعة، أوضح شاهدين على عدم نجاح بعض وزراء طبقة «التجار». وحتى من يجادل بنجاح غازي القصيبي – رحمه الله – كوزير جاء من الطبقة الغنية سرعان ما يقتنع بإضافة القصيبي، بعد تتبع منهجه لوزراء «التكنوقراط»، على رغم خلفية عائلته التجارية.

ولا يعني هذا أن كل طبقة «التكنوقراط» جيدة، فهناك وزراء غير مرضي عنهم شعبياً على رغم مكثهم أعواماً طويلة على كراسيهم. إلا أن تجربة الوزراء «التجار» قبل فقيه كانت غير موفقة، لكبر حجم الأخطاء فيها، أو لعدم تحقيقها إنجازات كبيرة يمكن تذكرها.

ختاماً، لا شك في أن اختيار خادم الحرمين الشريفين لعادل فقيه، وفي هذا الوقت الحرج فعلاً لوزارة الصحة وطاقمها، دليل ثقة في الرجل، وشهادة على كفاءته. فكل الأمنيات للوزير الجديد القديم ليكون «مهندساً»، و«عادلاً»، و«فقيهاً»، في حلحلة مشكلات الوزارة العتيدة، ومحارباً لـ «كورونا» الذي ينقل الرعب معه حيثما حلّ وارتحل.

المصدر: الحياة