قصر السراب.. محيط صحراوي على وقع أنشودة الرمال

منوعات

هل فكرت يوما بالسباحة في وسط صحراء الربع الخالي، أو الحصول على جلسة مساج تايلاندي بين أعلى الكثبان الرملية في العالم، أو ربما جولة صباحية سيرا على الأقدام بين أعلى الكثبان الرملية في العالم؟ ستحصل على ذلك كله دفعة واحدة في منتجع «قصر السراب» الذي له كل النصيب من اسمه في صحراء ليوا التي تعتبر المدخل إلى صحراء الربع الخالي الشاسعة ضمن أراضي الإمارات العربية المتحدة، ففي الطريق إليه سيرافقك صمت مطبق وسراب لا تبلغه وكثبان هي الأعلى في العالم وسط مساحات شاسعة من الأراضي التي لا تزال تنتظر من يستكشفها، ففي هذه البقعة من الأرض أماكن لم تطأها قدم بشر، ووحده قصر السراب هناك في الأفق ليس سرابا، هو منتجع يوحي بأجواء روايات ألف ليلة وليلة، أشبه بواحة فخمة تظهر كأنما من العدم في قلب صحراء ليوا، وهو من حيث الموقع معزول عن العالم الخارجي، مع أن المسافة بينه وبين العاصمة أبوظبي أقل من 200 كلم.

المنتجع يبعث نفحة من الحياة في محيطه الصحراوي الغامض وهو إلى جانب السحر الخاص الذي يمنحه للزائر من أحواض السباحة وسط الرمال إلى ملاعب التنس والمطاعم الراقية التي تطل على أفق لا ينتهي سحره يمنح الزائر مجموعة متنوعة من المرافق والتجارب الصحراوية، يقدم لضيوفه فرصة استكشاف صحراء ليوا بغناها الطبيعي ورونقها الآسر، وذلك من خلال نزهة سيرا على الأقدام يسمح من خلالها لنزلائه بالتعرف عن كثب على ثقافة الصحراء ونباتاتها وحياتها البرية مما يجعل من هذه التجربة الأهم من ضمن كل ما هو مميز في هذا المنتجع، فيكفي لمن يخوض هذه النزهة الصحراوية التي ترتقي لمستوى المغامرة أن يعرف أن صحراء ليوا التي تحتضن المنتجع الفخم، تمتد على مساحة تبلغ تقريبا ثلث مساحة شبه الجزيرة العربية، وتضم أقساما من المملكة العربية السعودية، واليمن، وعمان، فضلا عن الإمارات العربية المتحدة، ومع ذلك فعدد قليل من الضيوف يستكشفون تنوع الثروة النباتية والحيوانية التي تتغنى بها هذه الصحراء التي تقع على طرف صحراء الربع الخالي والتي تشكل أضخم صحاري العالم، وتمتاز بمساحات شاسعة من الأراضي التي لا تزال تنتظر من يستكشفها.. فقليل منا لم يشاهد الصحراء ولكن هل سبق أن شاهدتها – عزيزي القارئ – عند الفجر أو المغيب؟ هي فرصة إذا لتحظى بذلك، وخاصة أن هذه النزهة الصحراوية تنطلق من الفندق عند الفجر أو المغيب برفقة دليل وتستمر ساعتين حيث يتسنى للمشاركين تأمل المشاهد الطبيعية الخلابة التي تبدأ من قاع الوادي إلى أحد أكثر الكثبان ارتفاعا والذي يبلغ ارتفاعه 120 مترا.

ويقول وائل سويد، المدير العام لقصر السراب.. منتجع الصحراء: «تلتزم أنانتارا التي تدير المنتجع بتسليط الضوء على التقاليد الثقافية العريقة والغنية، والإرث التاريخي والجمال الطبيعي للوجهات التي تعمل فيها، ولا شك أن النزهات في الصحراء التي يوفرها قصر السراب – منتجع الصحراء تعتبر طريقة رائعة لتوثيق علاقتنا مع الصحراء.. وسوف تمنح هذه النزهات الضيوف تجربة رائعة تضفي إلى إقامتهم نكهة خاصة تبقى في الذاكرة.. فصحراء الربع الخالي غنية بكنوزها التي لا تزال تنتظر أن يتم استكشافها».

ويمكن للمشاركين في هذه النزهات الصحراوية أن يتعرفوا أكثر على كيفية تكون الكثبان الرملية المختلفة في واحة ليوا، بما في ذلك السبخة أو الهور وورود الرمال، وهي عبارة عن أقراص متداخلة من الرمال المتلاصقة بالجص والتي تتكون بفعل المطر على مستوى المياه الجوفية.

ويشرح أحد الأدلاء السياحيين المشرفين على هذه النزهات، قائلا إن الرمال الصحراوية تختلف بتكوينها عن رمل الشاطئ الذي يتألف بشكل خاص من حبيبات الكوارتز، والتي تعتبر إحدى أبرز المواد المعدنية المكونة للصخور. ومن المواد المعدنية الأخرى التي نجدها في الرمال نذكر الجص، والسيليكا، والحديد، والحديد المؤكسد، والمعروف أيضا بـ«الرمل المصدأ» والذي يمنح الرمل لونه الأحمر اللافت، مضيفا: «تكاد تبدو لكم الكثبان الرملية وكأنها ثابتة في مكانها غير أن الكثبان تتحرك يوميا ما يقارب نصف المتر، وما يناهز مترا كاملا خلال العواصف. أما الأثلام فيمكن أن تتحرك ما بين مئات الأمتار إلى الكيلومترات، وللمشاركين في هذه الرحلة الذين يتقنون الإصغاء أن يستمعوا إلى أنشودة الصحراء، وهي الصوت الصادر عن حبيبات الرمل التي تنزلق أو تتحرك، ولا سيما عندما تكسر سكونها خطوات المستكشفين».

وتحتضن صحراء الإمارات تل «المرعب»، وهو أكثر الكثبان الرملية ارتفاعا في العالم، حيث يناهز 300 متر، وهو يقع على بعد 22 كيلومترا جنوب منطقة المزيرع، ويجتذب هذا التل عددا كبيرا من الزوار العالميين والمحليين خلال فترة مهرجان ليوا السنوي، فهم يأتون لمشاهدة السباقات الجنونية بالسيارات وسباقات الهجن. وتتواصل الكثبان المستقيمة لمئات الكيلومترات على الحدود الإماراتية عبر الربع الخالي، حيث تصبح أضخم وأكثر نموا.

إلى ذلك، سيتسنى للمشاركين في هذه النزهة الصحراوية مشاهدة أجناس مختلفة من الحيوانات الصحراوية من حيوان المها العربي، والأرنب الوحشي العربي، والصقور، والغزلان الرملية، وصولا إلى السحالي شوكية الذيل الغريبة، والعناكب الصيادة المعروفة بالعناكب الذئبية، والسحليات ضفدعية الرأس.

أما النباتات فستصادفك في رحلتك أشجار النخيل التي تشتهر بها المنطقة، كما يمكن للزوار أن يشاهدوا أشجار الغاف التي تعمر طويلا، وتمتد جذورها ثلاثين مترا تحت الأرض، فضلا عن كل ذلك هي فرصة حقيقية لفهم ثقافة الصحراء بشكل أفضل، وتعلم كيف أن المياه، مصدر الحياة، تشكل جزءا أساسيا من حياة الصحراء أيضا.. ففي صحراء ليوا المياه أكثر وفرة في الجهة الشمالية عند أقدام الكثبان، وفي عمق يتراوح ما بين المتر الواحد والـ25 مترا، حيث ترتوي الواحات عادة بواسطة نظام الفلج.

وأنت تتجول بين الكثبان وتستمتع بألوان طبيعية لم تألفها عينك اعلم أيضا أنك تتجول في تاريخ المنطقة التي تشكل موطن قبيلة بني ياس، وهي اتحاد من البدو الذين يشكلون معظم سكان منطقة أبوظبي الأصليين، كما أن القرى التي تشكل واحة ليوا هي القرى الواقعة في أقصى جنوب أبوظبي ودولة الإمارات العربية المتحدة، حيث يمكن إيجاد آثار المستعمرات القديمة.

كم ستدفع إذن لقاء هذه المغامرة الصحراوية القصيرة والغنية؟

يبلغ ثمن النزهات في الصحراء سيرا على الأقدام 125 درهما (35 دولارا أميركيا) فقط.

المصدر: صحيفة الشرق الأوسط