عبدالله الشويخ
عبدالله الشويخ
كاتب إماراتي

قفز الأرنب!

آراء

قفز الأرنب.. خاف الأرنب.. كنت قريباً منه ألعب!

مقطع من قصيدة شهيرة للأطفال كتبها المرحوم سليمان العيسى، الذي كان أحد الشعراء القلائل الذين لم يتفرغوا للقلاقل، وطبعوا أشعارهم بالاهتمام بالطفولة، ومن أشهر قصائده التي لايزال أطفالنا يرددونها «يا إلهي يا إلهي يا مجيب الدعوات».. وأغنية ألا طيري وماما ونحن شهدنا بعد العصر، البعض قد يرى أن الأديب الذي يهتم للطفل هو أديب من الدرجة الثانية، بينما الحقيقة أن أدباء الطفل هم أدباء سبقوا زمانهم في أمة ترى أولوية الشعر للمناطق المحظورة بين الخطين.. خط «قفز الأرنب» وخط «خاف الأرنب»! وقد كتب غير شاعر من الكبراء للأطفال، ليس أولهم أمير الشعراء أحمد شوقي وليس آخرهم المرحوم سليمان العيسى،

أبيض أبيض مثل النور.. يركض في البستان يدور..

المهم أن المرحوم لم يعش لكي يرى عنوان قصيدته الطفولية الجميلة «قفز الأرنب» تصبح قضية مجتمع وجريمة كبيرة في مجتمع مل الجرائم الصغيرة المتكررة المملة، مثل اقتحام حرم الأقصى أو مقتل عشرة أو عشرين أو خمسين من هنا أو هناك.. أما جريمة «قفز الأرنب» فقد شغلت المجتمع العربي من الشام إلى تطوان، وهي عبارة عن «سناب شوت» كما يسمى لفتاتين ترددان نشيد «قفز الأرنب» بطريقة شخصية وقافزة..

يبحث عن ورقات خضرِ..

يقطفها كالبرق ويجري ..

وبالطبع فإن ثقافة «الستر» و«إحسان الظن» سرقت مع ما سرقه «الحواسم» من متاحف العروبة، بعد سقوط عواصم الحضارة العربية، لذا فقد كان لابد من التشهير وإحالة القضية إلى النائب العام في الدولة العربية التي حدثت بها جريمة قفز الأرنب، والجديد في الأخلاقيات المجتمعية هي إصرار الإعلام، بل وكل من يتطوع للحديث أو نقل الخبر عن الجريمة، أو التحقيق فيها، هو الإصرار على أن المجرمتين من الجنسية الفلانية والفلانية!

يا موجاً من فرو ناعم .. فوق العشب الأخضر عائم..

هناك نغمة جديدة في آلية نقل الجرائم فبعد أن كنا نقرأ عن الجريمة التي ارتكبها (ع.ن.ك ـ عربي الجنسية) أو (م.د.د ـ آسيوي الجنسية) أو ربما (ث.ك.ر ـ أوروبي الجنسية)، هل يوجد أوروبي يبدأ بثاء! لا يهم.. إلا أن تلك العبارات كان بها نوع من الرسالة غير المباشرة أن المجرم من هذا الطيف، أما التفاصيل التي تضر الحي ولا تصل إلى الميت، فلا حاجة إليها.. اليوم تنقلب الآية فيصبح أهم ما في الجريمة هو أن يحاول كل طرف إثبات أن «العيب» لا يأتي من بني قومه، وأن المجرم ينتمي إلى فئة «دي إن إيه» أخرى.. حتى في جريمة أثارت الرأي العام أخيراً، لم يكن هم البعض إصلاح ما حدث للصورة الجميلة، بقدر همه إثبات أن أصول المجرم تعود إلى البلد الفلاني والفلنتاني.. وحتى حين يختلف مع رأي فكري معين أول ما يقوله لك: بالمناسبة أحوال كاتب المقال من البلد الفلاني.. ولهذا فلا تثريب عليه!

قفز الأرنب.. خاف الأرنب .. كنت قريباً منه ألعب!

لا تهرب مني يا أرنب .. أنت رفيقي هيا نلعب!

المصدر: الامارات اليوم
http://www.emaratalyoum.com/opinion/2014-12-16-1.737818