عبدالله الشويخ
عبدالله الشويخ
كاتب إماراتي

«كالطير.. مقصوصاً جناحاه..!!»

آراء

بدأت المسيرات تتخذ شكلاً آخر، ولكنها تشابهت في أننا الضحية فيها كلها.

مسيرة في مسقط رأس الأجداد (صنعاء) ضخمة ومخيفة يطالب الحاقدون فيها بالقصاص منا جميعاً، ويصفوننا بأننا «ألف ألف يزيد!»، ألسنتهم عربية مثلنا، ولكن قلوبهم مازالت تهفو إلى ملك حطمه رجال «القادسية».

مسيرة أخرى في أقدم مدن التاريخ (حلب الشهباء)، تتشح بالسواد تحمل جهلاً فوق جهل، تستخدم وجوهنا وتاريخنا ومقدساتنا في تشويه الوجوه والتاريخ والمقدسات ذاتها، لا تعرف شرقها من غربها ولا تعرف خيرها من شرها، انتزعت الرحمة من قلوب أصحابها، فأصبحت الغاية تبرر الوسيلة، وبدلاً من الانقضاض على عشرات الأعداء المحيطين بهم، لم يجدوا أفضل من أن يبدأوا التضحية بأبناء جلدتهم أولاً، بدعوى أن تأمين البيت من الداخل أهم!

مسيرة ثالثة تقودها قطعان المستوطنين يوم أمس، تقتحم المسجد الأقصى بالرشاشات وأسلحة العوزي التي زودتهم بها سلطات جيش الدفاع الإسرائيلي، وهذه الأخيرة بالطبع كان لها صدى، وأعتقد أنه سيكبر، لأن الفكر العربي المسلم مازال يشوّه فقه الأولويات، فالعالم الإسلامي كله قد ينتفض من جاكرتا إلى الرباط إذا تم اقتحام مسجد، ولكن العالم نفسه كله لا تحركه آلاف من جثث الأطفال حول العالم، وهنا المشكلة الحقيقية.

حين نقدس الحجر أكثر من البشر، حين نثور لأفعال سفيهة، ولا نأبه لصور حقيقية تمثل عشرات الجثث البريئة.

حين يكون التعرض لفكرة أو وجهة نظر، والتعرض للأعراض والأنفس وقداسة الروح البشرية أمر يمكن تفسيره أو إعادة النظر فيه.

لو أننا قدسنا واحترمنا وحافظنا على دمائنا وحرمتها بقدرة محافظتنا على الأحجار والقصص لتغير الوضع كثيراً.

لو أن سدنة الاستشاريين فهموا معنى أن زوال الدنيا وهدم الكعبة أهون من سفك الدم الحرام لتغيرت الأولويات.

انظر إلى صورة طفلة قتيلة في سورية في غزة في العراق في اليمن في الصومال في ليبيا، تخيلها ابنتك، وفكر.. هل فعلاً الأمر يستحق؟!

المصدر: الإمارات اليوم
http://www.emaratalyoum.com/opinion/2014-10-09-1.716475