عبد الله الشمري
عبد الله الشمري
عبد الله الشمري كاتب و باحث سعودي متخصص في الشؤون التركية

كردستان العراق .. رسالة أمل

آراء

يعيش الشرق الأوسط حالة اضطراب جديدة وتوترا سياسيا واضحا وحربا اقليمية فعلية بدأت تشكل تهديدا جّديا وسريعا للأمن الاقليمي، والمتتبع لأخبار الشرق الأوسط منذ عامين تحديدا، لا يكاد تفارقه أخبار الهجمات الانتحارية والتفجيرات، والاغتيالات، وغياب الدبلوماسية والمفاوضات وعلو صوت السلاح والتدمير ، وهذه الأجواء شرعت الباب مفتوحا أمام مشروعات التقسيم والتغيير للقوى الاقليمية والدولية مستغلة حالة الانقسام والظروف المهيئة للتدخل الخارجي في وقت يتعرض فيه توازن القوى الاقليمية والدولية للفوضى والتذبذب.

ومنذ الغزو الامريكي للعراق نشأت دولة أمر واقع في شمال العراق، وتشكل قلقا اقليميا من فرضية إعلان اقليم كردستان العراق الاستقلال، إلا ان القادة السياسيين الأكراد كانوا أهدأ وأذكى من يستخدمون أهم كرت يملكونه ، وحصلوا على بديل أفضل وهو البقاء في عراق موحد مع تسّنم الكرد منصب رئاسة الجمهورية العراقية وعدة وزارات أهمها وزارة الخارجية، وكذلك ضمان الحصول على الأموال الكافية مع الحفاظ على استقلالهم الذاتي وهذا الأمر حول الاقليم الى جنة العراق، حيث تندر التفجيرات والاغتيالات والقتل على الهوية كما يحصل بشكل يومي في محافظات العراق الأخرى وبدعم حكومي أو غض طرف أحيانا عن الفاعلين.

وقد أدى الاستقرار السياسي والهدوء النسبي في الاقليم الى آثار ايجابية كانت سببا في جذب الاستثمارات الاجنبية وحدوث انتعاش اقتصادي واضح وتحول الاقليم الى ما يشبه (دبي العراق ).

استغلت القيادات السياسية الكردية العراقية التحولات السياسية المحلية لصالحها وحولت القلق والشكوك الاقليمية الى جسور من كسب الثقة مع الجميع خاصة الجيران وأولهم ايران، حيث تنامت العلاقات الايرانية الكردية – دون المرور ببغداد – في أحيان كثيرة ، وهذا الواقع الجديد أجبر تركيا مثلا على تغيير استراتيجاتها، حيث شكل شهر نوفمبر 2009م سابقة تاريخية بعد استقبال أول وزير خارجية تركي يزور الاقليم، وبعد أقل من عامين حدثت المفاجأة الثانية، حيث استقبل الاقليم الكردي في نهاية شهر مارس 2011م رئيس الوزراء التركي أردوغان كأول رئيس وزراء تركي يزور الاقليم (ومن هناك بدأت امكانية البدء بحل جدي للقضية الكردية في تركيا بوساطة كردية عراقية)، حيث أقنعت القيادات الكردية العراقية الحكومة التركية باستحالة حل القضية الكردية في تركيا عسكريا، وبالتالي ضرورة البحث عن حل سلمي لها.

الأزمة السورية أحد الاسباب التى زادت أهمية كردستان العراق بالنسبة لايران وتركيا ايضا التي تحاول تجنب التداعيات السلبية المحتملة لسقوط النظام السوري، لاسيما ما يتعلق بتعزيز جهود أكراد سوريا لإقامة إقليم كردي في شمال سوريا يحظى بحكم ذاتي، وهو ما يمكن أن يفرض ضغوطا قوية على أنقرة. خصوصا في ضوء علاقاتها المتوترة مع أكراد سوريا، بسبب صراع المصالح، وتناقض المواقف من الأزمة في سوريا والقلق من المستقبل.

في هذا الشرق الأوسط المضطرب والقلق تعطي كردستان العراق رسالة أمل ، سواء عبر دورها في الحفاظ على وحدة العراق أو النجاح في بناء استقرار سياسي واقتصادي وأمني جيد جدا في عراق يتعرض للاهتزاز وضياع السيادة بسبب التدخل الايراني ، أو عبر اجراء انتخابات ذات شفافية عالية أو عبر وساطتها لتحقيق السلام الكردي التركي وأخيرا دعمها المادي والسياسي لاكراد سوريا.

كردستان بلاد الألف ثورة والألف حسرة تتحول الى أرض للسلام والدبلوماسية ويصبح لها اصدقاء غير الجبل، حيث تبسم لها القدر بعد ان أصبح الكرد قوة فعالة في الشرق الأوسط، وهم الآن خاصرته القوية.

المصدر: اليوم السعودية