كيف تحافظ على هدوئك في العمل رغم الضغوط؟

منوعات

150324190257_something_to_shout_about_512x288_thinkstock

يمكن لأسلوب تعاملنا مع زملائنا في العمل أن يضع نهاية لمسيرتنا المهنية، أو أن يصنع منها إنجازا.

لكننا لا نقدر دوماً على إجادة الأداء تحت وطأة ضغوط العمل. فأحياناً، يكون الدافع الذي يغريك للصراخ والصياح بوجه زملائك – أو أي شخص آخر للتنفيس عما بداخلك- قوي جداً.

لذلك يعد الحفاظ على الهدوء، ومعرفة الوقت الذي يمكنك فيه أن ترفع من نبرة صوتك، أو أن تقرر الانسحاب، من الأمور المهمة المطلوبة لعمل توزان دقيق.

وقد تناول هذا الموضوع في الفترة الأخيرة العديد من الأشخاص المؤثرين على موقع “لينكد-إن”، والذين قدموا نصائحهم في هذا الشأن. ونعرض فيما يلي ما ينصح به اثنان منهم.

موراغ باريت – المديرة التنفيذية والمؤسِّسة لشركة “سكاي-تيم”

تقول “باريت” في مقال لها على الموقع بعنوان “هل من الممكن الصراخ في العمل؟”: “أميل إلى الاعتقاد بأنه عبر 30 أو 40 عاماً من العمل المهني، كانت لدينا جميعاً بعض التصرفات “الطفولية” التي ربما لجأنا إليها عندما اضطررنا إلى رفع أصواتنا في مكان العمل. الفطنة هي أن ندرك متى يمكن ذلك، وما إذا كان الوقت مناسباً حقا لفعل ذلك.”

إذاً، متى يكون الصراخ مقبولاً؟ تلخص “باريت” ذلك في حالات معينة، وتقول: “عندما يتعلق الأمر بمسألة حياة أو موت، كتحذير من حادثة محدقة مثلا؛ وعندما تكون بيئة العمل صاخبة ويصعب أن يسمعك أحد؛ وعندما يكون الصراخ إيجابياً في حقيقة الأمر في مواقف بعينها، أو كنت تقوم بتشجيع أحد (فكر في مشجعي فريق في ملعب رياضي مثلا).”

وتضيف: “وعندما نوجه الصراخ إلى دواخلنا، (لماذا تفوّهتُ بذلك؟ أو كيف سمحتُ لذلك أن يحدث؟) وهو ما يتيح لنا التنفيس عن الإحباط الداخلي كي يكون بمقدورنا التركيز بشكل مثمر على الخطوات اللاحقة. ويكمن الحل هنا في أن يحدث ذلك الصراخ في مكان منعزل، أو بشكل شخصي، وألا يكون موجهاً إلى الآخرين ولا يُقصد منه أحد بعينه.”

ومتى يكون الصراخ مرفوضاً رفضاً قاطعاً؟

كتبت “باريت” تقول: “عندما يكون الصراخ شخصياً، وعدائياً، ومهاجماً للآخرين، وكان الهدف منه الترهيب وإنهاء النقاش؛ وعندما يكون هو رد الفعل التلقائي للمواقف المختلفة، وعندما يكون دون وعي ذاتي يتفهم التبعات الشخصية والمهنية التي ستؤثر علينا وعلى وعلى الآخرين؛ وعملياً، يرفض الصراخ في كل المواقف.”

يمكن للصراخ أن يضرّ بفريق العمل والشخص الذي يصرخ فيهم. إذاً، متى تعرف الظرف المناسب للصراخ؟

تقول باريت: “الذكاء الوجداني أمر جوهري لكي تختار رد الفعل الملائم.” وهذا يتطلب منا ما يلي:

الوعي الذاتي: أن ندرك ما يستفزنا من أمور، ومتى يتعكر مزاجنا ويُثار غضبنا.

ضبط النفس: أن نكون قادرين على تعديل ردود فعلنا المتوقعة، وأن نختار كيف نستجيب في كل ظرف.

التعاطف: أن نتقمص عاطفياً حالة الطرف الآخر لنتمكن من ضبط سلوكنا ليطابق ويقابل ما يريده. أن نقول ما نريد ثم نستمع ونصغي لوجهة نظر الشخص المقابل.

اللباقة في العلاقة: للتأكيد بأننا نركز على التأثيرات الآجلة لعلاقتنا بالآخرين، وليس فقط التبعات الآنية لأن نجعلهم يسمعون ما نريد قوله.”

المهم في هذا الأمر، كما كتبتْ باريت: “هل تصرخ أم تدعو الآخر بحماس لسماع وجهة نظرك؟ إنه اختيارك. ولكن تأكد من أنك تدرك وتستوعب احتياجات جمهور السامعين قبل أن ترفع صوتك.”

بيرنارد مارّ – المدير التنفيذي بمعهد الأداء المتطور

“ما الذي يميزك عن ’روي ماكلروي‘ (لاعب الغولف) في ساحة اللعب؟ فيما عدا عدم قدرتك على إصابة 50 هدفاً مثله، فان الأمر الرئيسي الذي يفرّق الرياضيين المحترفين عن البقية منّا هو قدرتهم على الأداء تحت ضغط الظروف المحيطة بهم.

إذاً، كيف نشحذ الهمم والمهارات لكي نؤدي ما يقوم به الرياضيون المحترفون في الملعب؟” ذلك ما كتبه “مارّ” في مقاله بعنوان “كيف تنجز ما عليك تحت ضغط العمل”.

يعتقد مارّ أن الكثير من ذلك يعود إلى الزاوية التي ننظر منها إلى ظرفٍ ما. وكتب يقول: “بحسب رأي علماء نفس الطب الرياضي، يعود السبب الرئيسي في مواجهتنا لحدثٍ مؤثر إلى كيفية استجابتنا الغريزية تجاه ذلك الحدث في اللحظات الأولى. هل نقيّم الظرف باعتباره تحدياً علينا مواجهته، أم تهديداً مخيفاً.”

هناك استراتيجيات يمكنها تحسين فرصك لتقوم بأداء أفضل تحت وطأة العمل. يصحّ الأمر حتى وان لم تكن مهيّأً للتعامل معه كرياضي. من بين هذه الاستراتيجيات:

“تهيّأ، ثم تهيّأ أكثر. الكثير من أشكال الخوف والقلق يشبه ’رهبة الظهور على المسرح‘، إذ تنبع هذه المخاوف عندما يُطلب منا القيام بأمرٍ لم نتهيأ له – أو نعتقد أننا سوف ننسى النص الذي علينا أن نردده، وأننا سنبدو كالحمقى، أو أن التقنية التي نستخدمها سوف تتوقف عن العمل، أو أننا سنقع من فوق خشبة المسرح”، كما يقول مارّ

ويضيف: “إن أفضل طريقة لمعالجة هذه الرهبة هي الممارسة والتطبيق. عليك أن تمارس العرض أو المشهد مراراً وتكراراً. اختبر سلفاً التقنية المتوفرة. سر على خشبة المسرح. إفعل كل ما تريد لكي تشعر بأنك مهيأ قدر المستطاع.”

“استخدم الحديث الإيجابي إلى النفس. إذا كانت عقلك يردد باستمرار سلسلة من الأفكار السلبية – من قبيل ’سوف أفشل، سيضحك الجميع عليّ، لن أنسى أبداً ما سيحدث‘- فإن ذلك لن يؤدي إلا إلى زيادة مستوى قلقك”، حسبما كتب “مارّ”.

ويضيف:”عوضاً عن ذلك، اجعل ذهنك يتعلق بواحدة من ثلاث تعبيرات ايجابية، مثل ’تنفَّس‘، ’واصل التركيز‘ و ’كُن على أفضل حال‘، وذلك كي توفر لنفسك شيئاً إيجابياً تركز عليه.”

بتطبيق واحدة من هذه الاستراتيجيات، يقول مارّ: “سيتمكن حتى لأولئك الذين لا يشعرون عادة بالراحة عند مرورهم بظروف تثير توترهم وأعصابهم، من الاسترخاء، والظهور كمحترفين ومتحررين من القلق.”

المصدر: BBC Arabic