طارق إبراهيم
طارق إبراهيم
رئيس تحرير جريدة الوطن السعودية سابقاً

ليتنا في يوم الوطن نحتفل بتحقيق منجز

آراء

سأعود لأكتب، وأكرر ما كتبته هنا العام الماضي وما كتبته قبل ثلاث سنوات، بمناسبة اليوم الوطني، لأن الحالة ما زالت قائمة، والفكرة ما زالت قابلة للتنفيذ، والأمل في التجاوب معها والأخذ بها ما زال قائما فقد قلت: “إنه بمناسبة اليوم الوطني أقترح أن تسعى الدولة في يوم الوطن ـ من كل عام ـ إلى تحديد هدف معين وتطلب من الشعب تحقيقه خلال عام، ومن ثم عندما يأتي اليوم الوطني من العام المقبل لنحتفل كلنا باليوم الوطني وبتحقيقنا ذلك الهدف الذي يصب في مصلحة الوطن”

لم يكن من الأهداف التي أحلم أن نحققها بمشاركة شعبية، أن نكون دولة صناعية أو زراعية، وإن كان هذا الحلم مشروعا لكنه حتما لا يتحقق في عام واحد، بل كنت أفكر في أشياء بسيطة لكنها مهمة، مثل: أن نلتزم بأنظمة السير، ونحول عبارة: “القيادة فن وذوق وأخلاق” إلى واقع نمارسه، لأن ما يحدث في شوارعنا أقرب ما يكون إلى عبارة القيادة: “فوضى ونحاسة وقلة حياء”.

كنت أحلم أن يكون الهدف لعام واحد مثلا ألاّ نرمي الأوساخ من سيارتنا ولا من محلاتنا ولا من بيوتنا، وأن نضعها في الأماكن المخصصة لها لنوفر مليارات الريالات التي نعتمدها سنويا للنظافة، ونستثمرها في بناء حدائق ونوافير مياه في شوارعنا.

كنت أحلم بأن يكون أحد الأهداف التي نرسمها ونحددها ونعمل على تحقيقها في عام واحد فقط عبر مبادرات ومناشط ومناسبات ومنافسات بين المناطق والوزارات والجامعات، أن نشيع الفرح فيما بيننا ونبتسم في وجوه بعضنا بعضا ونفشي السلام بيننا، وألا يقتصر السلام على من نعرف أو على من هو مشابه لنا في المظهر أو الفكر، وأن نعود أنفسنا على أن نتعامل مع بعضنا بعضا بلا عنصرية ولا مناطقية ولا طائفية، وأن يكون أحد أهدافنا في إحدى السنوات مثلا تغيير الصورة النمطية السلبية عن الموظف الحكومي عبر شطب عبارة: (خذ لك رقما) أو (صف سرا) وعبر خدمة كل مراجع دون أن يبحث عن واسطة ومن خلال إشاعة عبارة (ممكن أخدمك).

وبعد سنة من مقالتي تلك، سألت الكثير ممن أعرف وممن لا أعرف، باختلاف وظائفهم ومناصبهم واختلاف مواقع وجودهم: هل لديكم علم بما نحن مقبلون عليه، هل لديكم تصور حول ما إذا كان هناك هدف مرسوم عندنا قريب المدى أو متوسط المدى أو بعيد المدى وهناك عمل وخطة جارٍ تنفيذها لتحقيق ذلك الهدف؟

لم يجبني أحد بالإيجاب، بل الكثير منهم قالوا لي نتحدى أحدا أن يجيبك بالإيجاب، فنحن نعيش هكذا بلا أهداف، بلا أحلام، بلا طموحات، بلا مستقبل منشود، لا نعلم ما إذا كنا نريد أن نكون بلدا صناعيا أم زراعيا بعد كذا سنة، أو أننا نريد أن نهيئ أنفسنا عطفا على واقع مداخيلنا المالية الحالية العالية لما بعد مرحلة انخفاضها.

فقلت لهم: أنا أحلم بأهداف صغيرة فقط، ولو تمكنا من تحقيقها على مستوى المدرسة أو النادي أو الجامعة أو الوزارة، لتمكنا فيما بعد آليا من رفع سقف أهدافنا، حتى يأتي اليوم لنفعل ما فعلته بلدان أخرى متقدمة، فلدينا ما ليس لديهم من المال والبشر ولكن ليس لدينا هدف!

المصدر: الوطن أون لاين