مستقبل الطاقة الشمسية عربياً

منوعات

تمتلك منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أكبر الإمكانات التقنية للطاقة المتجددة في العالم، خصوصاً الطاقة الشمسية. وبات يُنظر الى هذه الإمكانات بمزيد من الجدية، نظراً للاستهلاك الطاقوي المتزايد سريعاً وارتفاع معدلات السطوع الشمسي في المنطقة، إضافة إلى توافر أيد عاملة شابة وازدياد الوعي لتكاليف حرق الوقود التقليدي.

ويجتذب الطلب على الطاقة الشمسية في المنطقة اهتمام السوق الشمسية العالمية. وقد باشرت الصناعة تنويع منتجاتها وخدماتها لتلبية الطلب الحالي والطلبات الناشئة. ويقدر أن يبلغ الطلب السنوي للسوق الشمسية في بلدان المنطقة نحو 3.5 جيغاواط بحلول سنة 2015، أي قرابة 8 في المئة من مجمل الطلب العالمي في تلك السنة (الجيغاواط يساوي 1000 ميغاواط).

هذا ما يؤكده تقرير «توقعات السوق الشمسية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 2013-2017»، الصادر حديثاً عن مؤسسة (Greentech Media GTM) الأميركية لأبحاث التكنولوجيا الخضراء بالتعاون مع الجمعية الإماراتية لصناعات الطاقة الشمسية (ESIA). وهو يتناول دوافع الاستثمار في الطاقة الشمسية، والجهات المعنية بهذا القطاع، والمشاريع الحالية والمنتظرة، والتوقعات الطويلة الأجل في المنطقة.

ويرجح التقرير أن تكون السعودية السوق الأولى لتوليد الطاقة الشمسية على مستوى الجيغاواط في المنطقة بحلول سنة 2015، وأن تحتل تركيا المرتبة الثانية مع تطور سياساتها التي تشجع على الاستثمار في الطاقة الشمسية بعد الخبرة السابقة في منشآت طاقة الرياح.

 السعودية في الطليعة

الخطة السعودية للاستثمار في الطاقة الشمسية هي الأكثر طموحاً حتى الآن بين جميع دول المنطقة. وقد اتخذت الحكومة خطوات عملية لتحقيق أهدافها. ففي نيسان (أبريل) 2010، تأسست مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة، التي وضعت خريطة طريق أولية لتوليد 41 جيغاواط (41 ألف ميغاواط) من الطاقة الشمسية بحلول سنة 2032.

وتعتبر السعودية أكبر مستهلك للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كما أنها أكبر منتج للنفط في العالم وصاحبة أكبر احتياطات نفطية مثبتة، إضافة إلى أنها تملك رابع أكبر احتياطات مثبتة من الغاز الطبيعي. في ضوء هذه الحقائق، يبدو اهتمامها الشديد بتطوير مواردها الشمسية الوفيرة أمراً غير مألوف. ويعتمد الاقتصاد السعودي بشكل كبير على الموارد البترولية، التي تشكل أكثر من 80 في المئة من الصادرات وإيرادات الحكومة، لذلك تبذل البلاد جهوداً مكثفة لتنويع اقتصادها.

والسعودية في وضع جيد لإنتاج مكونات الشبكات الكهربائية، نظراً لتنامي صناعة المعادن والمعدات الثقيلة في المنطقة. وهناك أيضاً تشجيع كبير من الحكومة للصناعة الكيماوية، ما أدى الى إنشاء عدد من مصانع مادة البولي سيليكون المستخدمة في صنع تجهيزات الطاقة الشمسية. ويتوقع تقرير GTM أنه عندما يبدأ فعلاً طرح مناقصات المشاريع وإثبات قابلية الاستراتيجية للنجاح، فسوف تعمد دول مجلس التعاون الخليجي ودول أخرى في المنطقة إلى الاقتداء بالمثل السعودي وتوجيه استثماراتها جدياً نحو الطاقة الشمسية.

خطط خليجية وأردنية

شركة «مصدر» هي المؤسسة الحكومية المسؤولة عن تطوير مشاريع الطاقة المتجددة في أبوظبي. وقد استثمرت في تنفيذ مشاريع متعددة حول العالم وتطويرها، لكنها كانت أقل نشاطاً داخل أبوظبي، فقد اشتملت إنجازاتها الرئيسية على مزرعة رياح بقدرة 30 ميغاواط، ومحطة «شمس 1» للطاقة الشمسية بقدرة 100 ميغاواط التي يتوقع إنجازها في أواخر 2013، ومشروع طاقة فوتوفولطية بقدرة 10 ميغاواط قرب مدينة مصدر وهو الأكبر قيد التشغيل إلى الآن، ومشروع طاقة فوتوفولطية بقدرة ميغاواط واحد على سطح معهد مصدر، وعشرات المشاريع الصغيرة بموجب برنامج «السطوح الشمسية في أبوظبي» وبرنامج «مدارس المستقبل».

وتشهد دبي المرحلة الأولى من تطوير ميدان الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الشمسي، الذي سيكون بقدرة جيغاواط واحد (1000 ميغاواط) ويؤمل أن يوفر 5 في المئة من كهرباء الإمارة بحلول سنة 2030.

وفي الكويت، حددت وزارة الكهرباء والمياه هدفاً لإنتاج 10 في المئة من كهرباء البلاد من مصادر متجددة بحلول سنة 2020، ما يعادل 2200 ميغاواط بناء على اتجاهات النمو الحالية.

وتدعو رؤية 2020 في عُمان إلى زيادة ملموسة في الجزء غير النفطي من ناتجها المحلي الإجمالي. وقد حددت السلطنة هدفاً لإنتاج 10 في المئة من كهربائها من مصادر متجددة بحلول سنة 2020، واتخذت خطوات عملية لزيادة القدرة الشمسية المركبة في البلاد.

أما قطر، التي تعتبر أكبر مصدِّر للغاز الطبيعي المسال في العالم ومصدِّراً مهماً للنفط، فأعلنت خططاً لتركيب أنظمة فوتوفولطية بقدرة 1.8 جيغاواط ابتداء من سنة 2014، لكنها لم تذكر شيئاً من هذا خلال قمة تغير المناخ في الدوحة. ومع ذلك، يتوقع أن تأخذ بعض المشاريع طريقها إلى التنفيذ في إطار التقيد بالتزامات استضافة كأس العالم في كرة القدم سنة 2022.

ويسعى الأردن الى تنويع مزيجه الطاقوي. فهو يعمل على استغلال مورده الوحيد من الوقود الأحفوري المتمثل بالزيت الصخري (shale oil).

ومن ضمن خططه إقامة محطات نووية توفر 60 في المئة من كهرباء البلاد بحلول سنة 2035. وتتضمن استراتيجيته الطاقوية للفترة من 2007 الى 2020 تلبية 10 في المئة من احتياجاته الإجمالية من الطاقة المتجددة، بما في ذلك 300 الى 600 ميغاواط من الطاقة الشمسية و1200 ميغاواط من طاقة الرياح. وأقر الأردن قانون الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة في نيسان (أبريل) 2012، لتحفيز الاستثمار الخاص في هذا القطاع. وهو موعود بتلقي 300 مليون دولار من دول مجلس التعاون الخليجي لتنفيذ مشاريع لطاقة الشمس والرياح في الجنوب تولد نحو 125 ميغاواط.

خطط طموحة في شمال أفريقيا

ينص قانون الطاقة المتجددة في المغرب على تخفيض الاعتماد على النفط إلى 40 في المئة من إجمالي استهلاك الطاقة بحلول سنة 2030، مع زيادة الكفاءة لتوفير 25 في المئة من تكاليف الوقود، وزيادة حصة الطاقة المتجددة إلى 42 في المئة من قدرة التوليد المركبة بحلول سنة 2020. وقد اتخذت الوكالة المغربية للطاقة الشمسية خطوات نحو تحقيق هدفها إنتاج 2 جيغاواط بحلول سنة 2020، واختارت خمسة مواقع لمشاريع شمسية. ومن المزمع أن تنشأ في وزارات أول محطة شمسية بالتعاون مع مبادرة «ديزرتك»، الهادفة الى إنتاج الطاقة المتجددة من الصحارى العربية لتأمين الطلب المحلي وتصدير الفائض إلى أوروبا عبر البحر المتوسط.

أما الجزائر فأعلنت خطة لرفع قدرة الطاقة المتجددة إلى 22 جيغاواط بحلول سنة 2030، بحيث تخصص 12 جيغاواط لتلبية 40 في المئة من الطلب المحلي ويتم تصدير 10 جيغاواط الى أوروبا من خلال مبادرة «ديزرتك». ولكن تقرير GTM يستبعد أن تفي الحكومة الجزائرية بجدولها الزمني المقترح.

وكانت مصر من أوائل البلدان التي تبنت مشاريع تطوير الطاقة المتجددة في المنطقة. ومن ضمن إجمالي طاقتها الكهربائية المركبة البالغة حالياً 27760 ميغاواط، يتم إنتاج 2800 ميغاواط من الطاقة المائية و550 ميغاواط من طاقة الرياح و140 ميغاواط من الطاقة الشمسية. ويقضي هدف المجلس الأعلى للطاقة وهيئة الطاقة الجديدة والمتجددة بتأمين 20 في المئة من حاجة البلاد من مصادر متجددة بحلول سنة 2020، منها 12 في المئة من الرياح و8 في المئة من الشمس والمياه. يقدم تقرير «توقعات السوق الشمسية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا» تحليلاً استراتيجياً وصورة تنافسية للشركات الناشطة في هذه السوق.

كما يعرض تفاصيل المشاريع الشمسية الفوتوفولطية والمركزة، فضلاً عن تقديرات للطلب في كل بلد على حدة حتى سنة 2017. وهو يستنتج أن المنطقة مهيأة لتشهد تغيراً جوهرياً في ميدان الطاقة الشمسية خلال السنوات الخمس المقبلة. وبتخطيط استراتيجي وتطوير راسخ لشركاء محليين وسلاسل إمداد محلية، سيتسنى للشركات الذكية الاستفادة من الفرص الكبيرة المتاحة في المنطقة.

 المصدر: صحيفة الحياة