مشاكل البيئة ومصاعب الحل “العالمي”

آراء

مهمة خلق إجماع دولي حول مسألة أو قضية ما أمر في غاية الصعوبة، وقضايا البيئة التي تجمع بين عدم التيقن العلمي والسياسات والمواطن والنشاط الصناعي وبين الاقتصاد هي الأكثر صعوبة وتعقيداً والأكثر عصياناً على الحل. ولسوء الحظ أن الإجراءات التي يستخدمها العالم حالياً لصياغة إجماع عالمي حول مسائل البيئة ليست مصممة للتعامل مع المطالب الفردية للدول لحل المشاكل البيئية، بالإضافة إلى فشلها في أن تأخذ في الاعتبار ما تعلمته البشرية حول فعاليات وديناميكية التعامل مع القضايا المتعددة ومفاوضات الأطراف المتعددة، فتلك الفعاليات والديناميكيات تتقبل إجراءات وقوانين وبنية الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى المشابهة لها كما هي، رغم أن تلك المنظمات ليست مصممة للتعامل مع مسائل إدارة الموارد العالمية.

عدد قليل من البشر يدركون أن العمليات التي نستخدمها لمناقشة الاتفاقيات العالمية مهمة كما هو مهم القدرات التقنية والفهم العلمي الذي تجلبه المفاوضات على الطاولة لإيجاد الحلول المناسبة والمقايضات. والواقع أن الحلول التقنية الجيدة لا يمكن التوصل إليها بسهولة لأن المتفاوضين يكونون غير قادرين على تجاوز الاختلافات الثقافية والأيديولوجية والسياسية التي تفصل بينهم.
عملية بناء إجماع أو توافق أمر مطلوب، والترتيبات المؤسسية التي يعتمد عليها العالم لحل مشاكل البيئة يجب يتم تحديثها وتطويرها، فالعالم يحتاج إلى إعادة بناء علاقات عمل مفيدة بين دول العالم المتقدم والدول النامية تجعل تحقيق النجاح على صعيد حل المشاكل البيئية أمراً ممكناً يخدم البشرية جمعاء.

وبإجراء مسح دقيق حول حزمة من الجهود المبذولة لصياغة معاهدات واتفاقيات دولية حول البيئة يمكننا تحديد أربعة نواقص إجرائية تشكل سبباً لمعظم الإخفاقيات التي تحدث على صعيد التفاوض البيئي العالمي هي:

أولاً، أن إجراءات التمثيل والتصويت لا تضمن أن تتم معاملة جميع الدول والمصالح بشكل عادل؛ وثانياً، أن الاعتبارات العلمية والسياسية ليست موازنة بطرق تضمن أن تكون أكثر الاتفاقيات المبرمة هي الأكثر حكمة وحصافة، وثالثاً، أن الروابط بين الاهتمامات البيئية وقضايا السياسة نادراً ما يتم التدقيق فيها أو صياغتها بشكل دقيق، وأخيراً أن ترتيبات المتابعة والتنفيذ الفعّالة غير موجودة، وإنْ وجدت لا يتم اتباعها. وتلك النواقص أكثر اتضاحاً عند إجراء مفاوضات المعاهدات البيئية العالمية متعددة الأطراف، لذلك، فإن التعامل معها يجب أن يتم بطرق خاصة وفقاً لكل حالة على حدة.

تلك النواقص قائمة ومثبتة، خاصة عندما يكون الأمر متعلقاً بأمور السلام العالمي، أو حين تكون قضايا التجارة العالمية ضالعة فيها. وفي حين أنه توجد أمور كثيرة يمكن تعلمها أثناء سير المفاوضات أو حين صياغة الاتفاقيات النهائية، إلا أن الاختلافات التي تحدث مهمة جداً في طبيعة ما يتم التوصل إليه في نهاية الأمر.

لذلك فإن الأهمية الخاصة بالاعتبارات العلمية والسياسية والاقتصادية، وبالحاجة إلى إشراك عدد كبير من المجموعات غير الحكومية وبعدم التيقن الهائل الذي يحيط بكل من نطاق وديناميكية التغيرات البيئية والمناخية يتطلب منهجاً خاصاً يتم وضعه لضبط مسارات الدبلوماسية البيئية والمناخية. لذلك فإن التركيز هنا يجب أن يتم على الطرق التي تعالج تلك النواقص وتقدم حلولاً جذرية لها. وإلى أن يتم إيجاد طرق لحل تلك المعضلة، من غير المحتمل أن تتمخض نتائج إيجابية عن المفاوضات العالمية حول البيئية والمناخ بغض النظر عن كفاءة المتفاوضين.

المصدر: الاتحاد