«أمازون» تدشن ثاني مقر «أسطوري» في عالم التقنية مطلـع 2018

منوعات

لا تتوقف الأشياء المذهلة التي يقدمها عالم التقنية عند المنتجات والخدمات فقط، بل تمتد لتشمل جوانب أخرى، منها تجسيد رؤى وفلسفات قادة هذه الصناعة الإبداعية في كل شيء، حتى في مباني ومقرات شركاتها العملاقة، حيث حدث ذلك فعلياً مع شركة «أبل» التي افتتحت قبل نحو شهرين مقراً أسطورياً مذهلاً عكس رؤية مؤسسها الراحل، ستيف جوبز، في أن «على الإنسان أن يبدع لأقصى مدى، ويتقن لأعلى الحدود»، وتطبيقاً لذلك جعل المقر نفسه كياناً إبداعياً لا يقل عما تبدعه الشركة من أجهزه وتقنيات. ومثلها فعلت شركة «أمازون» التي تستعد لإتمام مقرها الجديد وإنهاء آخر اللمسات عليه، مطلع العام المقبل، ليكون ثاني مقر «أسطوري» مستقبلي في عالم التقنية بعد مقر «أبل»، يجسد ويعكس أيضاً رؤية وفلسفة، مؤسس «أمازون»، جيف بيزوس، التي ترى أن المرء عليه أن «يكون دوماً في يومه الأول، ولا يرتاح مطلقاً لما حققه من مجد ونجاح بالأمس». ويضم مبنى «أمازون» الجديد المكون من برج بارتفاع 37 طابقاً وثلاث قباب زجاجية ضخمة، جزءاً مخصصاً لخدمة «أمازون جو»، الشكل الجديد لمتجر تجزئة مستقبلي يعتمد على تطبيقات نظم الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة.

اليوم الأول

حسب المعلومات المتواترة عن مقر شركة «أمازون» الجديد، الصادرة عن «أمازون» نفسها، إضافة إلى زيارات ميدانية أجرتها بعض مواقع التقنية الكبرى للمبنى الجاري استكماله، بعد أن تم تشغيله جزئياً، فإن أول ما يدل على أن المبنى صمم وأنشئ ليجسد فلسفة، جيف بيزوس، هو اسم المبنى نفسه، إذ أطلقت عليه «أمازون» اسم «برج اليوم الأول»، أو «اليوم رقم واحد»، وهو الشعار المعروف أن بيزوس طبقه على نفسه وعلى الشركة منذ أول يوم لإنشائها.

ويعني ذلك وفقاً لبيزوس أن «الإنسان عليه أن يعتبر نفسه دوماً في اليوم الأول لما يفعله، مهما حقق من تقدم أو أنجز من ابتكارات وإضافات، فكل شيء يفعله هو أمر لايزال في بدايته، وعليه أن يعمل على الإضافة إليه واستكماله وتحقيق مزيد من التفوق فيه، ولذلك فهو يؤكد أنه لا يجب مطلقاً الارتياح لما تم تحقيقه من أمجاد أو نجاحات بالأمس، بل لابد من اعتبار ذلك غير كاف أبداً، لأنك في الحقيقة في اليوم الأول لشيء أو أمر جديد، وهذا يتطلب منك دوماً أن تصبر وتقبل الفشل وتزرع البذور وتحمي ما زرعت، وتتواضع أكثر حينما ترى فرحة المتعاملين».

«الفلسفة» مع التصميم

ولا يتوقف الأمر عند مجرد إطلاق الشعار أو الفلسفة على المبنى الذي لم تكشف «أمازون» عن كلفته، بل المسألة تمتد إلى تصميم المبنى وخصائصه وكيفية تشغيله، فمثلاً القباب الزجاجية الثلاث الضخمة التي يراوح ارتفاعها بين 80 و90 قدماً، والتي تميز المبنى من الناحية المعمارية، فإن بيزوس، قرر أن تكون مليئة بالنباتات الخضراء المعرضة للانقراض، كعلامة على أن كل ما حققته هذه النباتات خلال عمرها الممتد لآلاف السنين حتى وصولها إلى لحظة الانقراض، لا يعنى شيئاً، لأنها ببساطة في «يومها الأول» وستزرع من جديد لتبدأ حياة جديدة، وأنها على قدمها كالأفكار الجديدة تحتاج الصبر والرعاية والتدريب على مواجهة الفشل أكثر من الحرص على النجاح.

ومن المقرر أن تكون القباب الثلاث، المملوءة بالخضرة، مركز حياة موظفي «أمازون»، وتمنحهم شيئاً أشبه بالواحة، وسط الثقافة المؤسسية التي تشتهر بها الشركة.

ويمكن من خارج القباب رؤية الفضاء الأخضر، الذي يعمل وكأنه ستائر تعكس حالات مختلفة من الطقس موجودة بالمكان، بينما من الداخل ستكون القباب وفراغاتها ومميزاتها للموظفين فقط.

كما حرصت «أمازون» على وجود مساحات خضراء داخل المبني أيضاً، إذ جعلت الممرات التي تقود إلى الغرف والمكاتب وقاعات الاجتماعات تبدو متماوجة ومتقلبة وحديثة، وتعكس ثقافة العمل في الشركة القائمة على تلبية طلبات المتعاملين والزبائن قبل أي شيء آخر.

«مرحباً أيها العالم»

وتواصلاً مع الفكرة ذاتها تم تصميم وتهيئة البهو الرئيس لمبنى «أمازون» الجديد بطريقة تعرض في جوانبها العبارة الشهيرة التي طالما اعتادت «أمازون» الارتكاز عليها في عملها، وهي «مرحباً أيها العالم»، وتستخدمها في العادة حينما تقدم أشياء جديدة، أو ترتاد مجالات غير مألوفة، وهذه العبارة مثبتة كخلفية في الأرجاء وفي جوانب البهو، لكن لا يمكن ملاحظتها عن بعد، بل يتم اكتشافها عند الاقتراب منها.

كما صمم المبنى ليكون «فائق الذكاء» من جميع النواحي، ومريحاً وهادئاً وقادراً على أن يحقق للعاملين الإحساس بالبداية الجديدة، وبأن اليوم هو اليوم الأول في ما يفعلونه، فالمبنى عبارة عن ناطحة سحاب وسط مدينة سياتل الأميركية، ومكون من 37 طابقاً بارتفاع 521 قدماً، وأمامه القباب الثلاث.

«أمازون جو»

ويضم المبنى أيضاً جزءاً مخصصاً لخدمة «أمازون جو»، وهي شكل جديد من متاجر التجزئة التي ترى «أمازون»، باعتبارها أكبر متجر إلكتروني عالمي للتجزئة، أنها متاجر المستقبل، والتي صممتها «أمازون» لتحقق مفهوم «متاجر التجزئة السهلة المريحة»، حيث يعد هذا المتجر المستقبلي أيقونة تقنية متطورة، فهو يضم أحدث تقنيات العرض والدفع ونظم الرؤية بالحاسب وتطبيقات نظم الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة، ولذلك فإنه متجر خال من أية ماكينات لتسجيل المدفوعات النقدية، أو طوابير للدفع من أي نوع، وما على المستهلك سوى الدخول والتجوال بحرية واختيار ما يريد شراؤه، بمنتهى السهولة والراحة، دون أن يشغل باله بشيء آخر.

المصدر:الإمارات اليوم