الأم.. عطاء بلا مقابل ومحـبة بلا شـــروط

منوعات

مع تسارع وتيرة الحياة وتفاقم الالتزامات الطارئة على يوميات الأسرة وشؤونها وشجونها، يتفق الجميع على أن مسؤوليات الأم كزوجة وشريكة وامرأة عاملة تواجه تحديات كثيرة أخرى، منها الفوز بأدوات التربية الحديثة والتفكير بمستقبل الأبناء ومواكبة أفكارهم.

عماد الروح

كيف تروي أمهات اليوم من الشخصيات البارزة اجتماعياً حكايات عن دور أمهاتهن فيما حققنه من نجاح، وإلى أي مدى استفدن من تجاربهن لتعزيز روح الأمومة لديهن.

الدكتورة عائشة بالخير مديرة البحوث والخدمات المعرفية في الأرشيف الوطني التي تميزت بتحصيلها العلمي في الخارج في زمن لم يكن من السهل على البنات الذهاب في اتجاه طموحهن حتى الآخر، تعتبر أنها ما كانت لتحقق ما هي عليه اليوم لولا دعم أمها وتشجيعها. وبالرغم من أن والدتها لم تكن تقرأ وتكتب، إلا أنها كانت حكيمة وبصيرة ومكافحة، حتى أنها مع قيام الاتحاد التحقت بمدرسة محو الأمية فازدادت حباً بالعلم.

بالخير أوضحت أنها مهما تحدثت عن تأثير والدتها على حياتها فلن تفيها حقها، إذ تشتاق إليها وتعلن حاجتها اليومية لحضنها حتى بعد مرور 11 عاماً على وفاتها، وقالت «أمي كانت عماد روحي، وبفقدانها خسرت نبضاً رئيساً في حياتي»، وأجمل الصور من أيام الطفولة لا تفارق ذاكرتها يوم كانت تعيش وسط أسرة متواضعة تضمها الأم بكل حنان الدنيا، وألذ وجبة من يد والدتها هي الخبز الذي كانت تحضره على العشاء لها ولإخوانها وتضع عليه السمن والسكر ولا تأكل منه لقمة واحدة إلا بعدما يشبع الجميع وتتأكد من أن الكمية كافية.

وتعتبر أن أمها أساس حياتها وغذاؤها الوجداني الأول والراصد الإنساني الذي منه تعلمت كيفية التعامل مع الدنيا، وفي مناسبة يوم الأم تتوجه عائشة بالخير إلى كل الأبناء ممن لا تزال أمهاتهم على قيد الحياة وتطلب منهم البر بأمهاتهم ورد الجميل بشتى الوسائل وأن يحنوا عليهن ويحرصوا على صحتهن وألا يستهينوا بحبهن أو يعتبرونه من المسلمات، «فكما ندافع عن الوطن ونحميه، كذلك الأم التي تعتبر الامتداد البيولوجي للأوطان».

وذكرت أن سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام، الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة «أم الإمارات» هي القدوة لنا جميعاً في دعمها الدائم والمستمر للمرأة إيماناً منها بقدرتها على تجاوز الصعاب والوصول إلى أعلى المراتب مع القيام بكامل واجباتها تجاه بيتها وأسرتها.

وبالخير تعتبر نفسها أماً روحية لكل أبناء أخوانها وأخواتها وصديقاتها، ولا تدخر فرصة لنصحهم وإرشادهم إلا وتستغلها لما فيه خيرهم، معتبرة أن الأمومة يترجمها الإحساس بالمسؤولية والتعامل بإنسانية خالصة بعيداً عن أي مصلحة.

مدرسة حقيقية

وروت الدكتورة إنعام المنصوري المستشارة الأسرية والمحاضرة الاجتماعية أنها تستعد لإدراج ما تعلمته من أمها في مؤلفات تصدرها قريباً، وقالت إن والدتها هي مدرستها الحقيقية التي تعرفت من خلالها إلى معنى المواجهة وحسن التصرف في الحياة الزوجية والمهنية وحتى في تربيتها لأبنائها.

وأضافت: «وعندما أصفها بكلمة أقول إن أمي أكاديمية قائمة بذاتها وكلما احتجت لاتخاذ القرارات الصعبة في الحياة أعود إلى معجمها وأنهل من إرشاداتها»، ومع قناعتها بأنها تربي أبناءها حسب التعاليم التي نشأت عليها، تعتبر المنصوري أن جيل اليوم اختلف عن جيلها في أسلوب التربية وشكل التعامل.

والنظرية التي تعامل بها أمها ليست كتعامل بناتها معها والسبب تبدل الأولويات ودخول مستجدات على العصر الحالي، ففي رأيها تختلف الأم في عصرنا عن الماضي، وإذا قيست الأمية من قبل بعدم القدرة على القراءة والكتابة، فهي اليوم تقاس بعدم التفاعل مع موجة المعلوماتية وتقنيات التواصل الإلكتروني، وهذا ما تحاول دوماً تثقيف نفسها به عبر تطوير مهاراتها؛ لأنها على قناعة بأن الأم في هذا الزمن إن لم تسلح نفسها بالخلفية العلمية لن تتمكن من مواكبة المجتمع والبقاء على مقربة من شؤون أبنائها واهتماماتهم.

وتحدثت الدكتورة إنعام المنصوري عن اتباعها مبدأ المصارحة مع أبنائها والحوار المتواصل، ما يتوج دورها الحقيقي كأم كل همها تحقيق الأفضل لأسرتها، وهي اليوم فخورة بأن أبناءها يسيرون جميعاً على الدرب الصحيح، فلديها ابنة مهندسة وأخرى خريجة أدب إنجليزي، والثالثة ضابط صحة وسلامة والرابعة في الصف الثانوي فيما يدرس ابنها الأكبر القانون وابنها الأصغر في المرحلة الابتدائية.

أم مثالية

وبالاستماع إلى قصة بشرى الشومي مدير مدرسة النخبة، يتضح كم كانت تضحيات أمهات الأمس كبيرة في ظل صعوبات الحياة، وأمها التي لا تقرأ ولا تكتب ربتها أفضل تربية مع 7 إخوان بعدما توفي والدها المريض، وكانت لم تنه بعد عامها الأول، وتكريماً لتضحيات أمها وحكمتها الفطرية في تنشئة 8 أبناء تبوأوا فيما بعد أفضل المراكز في المجتمع، وقد فازت بجائزة الأم المثالية.

وذكرت الشومي أن على رغم كون أمها أمية، إلا أنها كانت تحرص كل الحرص على تحفيز أبنائها على العلم والمعرفة والمذاكرة، و«كانت تتابعنا بلا كلل وتتصرف معنا كشخص متعلم ومدرك لأهمية الدراسة، إذ رفضت أن نتزوج قبل التخرج إيماناً منها بأن العلم نور».

وحتى بعد سفري مع زوجي إلى الخارج، حيث كان يدرس الطب، كانت أمي تتابعني عبر الهاتف وترشدني كيف أهتم بأبنائي الأربعة الذين أنجبتهم بعيداً عن الوطن»، وأكدت أنها لا تزال إلى اليوم تستعمل أسلوب أمها نفسه في متابعة أبنائها، إذ تغرس فيهم القيم الدينية واحترام الكبير والتحصن بالأخلاق الحميدة، وتطلب منهم أن يتمثلوا بكبارهم، فكما نشأت هي على بر أمها لوالديها، سعت منذ صغرها إلى مبادرتها البر نفسه والذي بدورها تنتظره من أبنائها وتسعى لتوريثه لأحفادها.

وقالت إن أهم ما في رسالتها كأم، تربية أبنائها على الفضيلة وتقديم النصيحة المقرونة بالدلائل والبراهين تماماً، كما كان يفعل زايد الخير الذي غرس في شعبه وفي نفوس كل من عرفوه القيم الخالصة والتعاليم النيرة.

مدينة الطفل.. «أمـــــي جنتي»

دبي (الاتحاد)

تحتفل مدينة الطفل التابعة لبلدية دبي بيوم الأم العالمي تحت شعار «أمي جنتي» الجمعة المقبل، حيث أشارت نيلا المنصوري رئيس مدينة الطفل أن هذا اليوم جاء ليجسد الدور المهم الذي تسهم به في حياة المجتمع، باعتبارها النواة التي ينطلق منها، وإدراكاً لأهمية الوظائف المجتمعية التي تؤديها الأم، ولعل من أهمها عملية التنشئة الاجتماعية التي يكتسب فيها الفرد مجموعة من القيم والعادات والتقاليد السائدة في المجتمع، حتى تتجدد معها وبها شخصيته في سياق الثقافة الكلية السائدة في المجتمع.

فالأمومة بمثابة الدعامة للبناء الأسري الذي يشكل المجتمعات على نطاق أعم وأشمل ولما تقدمه من مسؤوليات.

ويتضمن الاحتفال العديد من الأنشطة المتنوعة مثل استقبال الأمهات بالورود، والمرح مع الشخصيات الكرتونية «مودا ومودي»، إضافة إلى فعالية السجادة الحمراء تحت عنوان «حب وعرفان لأمي»، إضافة إلى تقديم فقرة غنائية للأم، ولوحة فنية لأمي، كما يشمل أيضاً مسابقات ترفيهية «الأم الرابحة»، وورشة حامل الأكسسوارات للأمهات، وورشة بطاقة «شكراً أمي»، والسحوبات الكبرى «أسعد أم»، وفعالية البحث عن الكنز «البحث عن المعلومات من الكتب»، ودورة مراحل تطور الطفل.

أمهات مثاليات يرسمن لأبنائهن مستقبلاً مشرقاً

أشرف جمعة (أبوظبي)

تجاربهن الناضجة في معترك الحياة، ونظرتهن العميقة لمستقبل الأبناء وضعتاهن في مصاف الأمهات المثاليات، إذ سعت الكثير من السيدات إلى إحداث نقلة نوعية في حياة الأبناء، فجنين ثمرات تفوقهن في الميادين العلمية، الفكرية، والأدبية، بما يكلل مسيرة هؤلاء الأمهات بالنجاح ومن ثم الشعور بالرضا، فالأم سواء كانت عاملة أو متفرغة تضج بأحاسيس الأمومة الحانية، وتتمنى أن ترى أبناءها نماذج نابغة في المجتمع، فتشعر بأنها أحسنت إليهم، ووجهتم إلى الطريق الصحيح. وفي «يوم الأم» تتعدد نماذج الأمهات المكافحات اللواتي كان لهن الدور الأكبر في رسم مستقبل مشرق لفلذات الأكباد.

حكايات الطفولة

من ضمن الأمهات اللواتي ساهمن في تفوق الأبناء شيماء المرزوقي، التي رعت موهبة طفلتها حفصة سرور البالغة من العمر ست سنوات والملقبة بأصغر كاتبة إماراتية، إذ أصدرت ثلاثة كتب وهي «أحب المدرسة»، و«أخي أحمد»، و«المزرعة الجميلة». وتبين المرزوقي أنها منذ ميلاد طفلتها، وهي تقص عليها حكايات كثيرة فتلون خيالها منذ الطفولة وعندما أدركت أن حفصة لديها رغبة في الكتابة ساعدتها على امتلاك موهبة مبكرة وتركتها تكتب على سجيتها حتى صدرت لها هذه الكتب لافتةً إلى أنها تؤمن بعد هذه التجربة بأن الأم لها دور مهم في إنضاج مواهب الأبناء وأنها تستطيع أن توجه الأطفال نحو عالم مشرق خصوصاً أن الأمومة تكتنز طاقة هائلة ويجب أن تستغل في مصلحة الأبناء، مؤكدة أنها سعيدة بالجوائز التي حصلت عليها طفلتها وأنها تشعر بالسعادة الحقيقية لكونها حفزت ابنتها على الإبداع، وترى أنها حظيت بأعظم تكريم في حياتها حين جنت ثمرات نجاح طفلتها في هذا العمر المبكر.

أم مثالية

نموذج آخر لأم ضحت بوظيفتها من أجل رعاية ابنتيها هي ميساء عبيد التي تبين أنها وضعت في ذهنها أن تحدث نقلة في محيط ابنتها فاطمة الكعبي التي سجلت ما يقرب من 12 اختراعاً حتى الآن. وتلفت ميثاء إلى أنها اكتشفت مواهبها في عمر مبكر وأنها آلت على نفسها أن تدعمها حتى تحقق أحلامها، موضحة أنها حصلت على لقب الأم المثالية العاملة قبل أن تترك وظيفتها، وتشير إلى أن لديها طفلة أخرى تبلغ من العمر 13 عاماً وهي موهوبة في الطبخ حيث تجيد طهو العديد من الأطعمة وتبتكر بعض الأكلات فضلاً عن مهاراتها في العزف على البيانو والجيتار.

ثمرة كفاح

أسهمت صالحة محمد الملا -موجهة لغة عربية- في تغيير مسار أبنائها، إذ تشعراليوم بأنها جنت ثمرة كفاحها من أجل أن يحصل هؤلاء الأبناء على فرص جيدة في التعليم، إضافة إلى أنها ساعدت في إنضاج مواهبهم الإبداعية فضلاً عن حصول بعضهم على جوائز في المجالات التي نبغوا فيها، مشيرة إلى أن ابنها محمد عبدالله المغني أصبح مهندساً متفوقاً في عمله، وابنتها نور فازت بثلاث جوائز على مستوى الدولة، وفاطمة تجيد ثلاث لغات، وأبرار تعلمت اللغة الكورية كتابة وتحدثاً ولديها مواهب متعددة، وتشير إلى أنها تشعر بأن رحلة كفاحها لم تذهب سدى، وأن الأم التي تعطي من وقتها وجهدها للأبناء لابد من أن تجني ثمرة نجاح عظيمة تنعكس عليها بالإيجاب وتبث في نفسها مشاعر الرضا والسعادة.

رحلة نجاح

وقد رافقت أم خليفة الرميثي الملقب بـ«المخترع الصغير» رحلة نجاح هذا الشاب الذي سجل براءات اختراعاته في أميركا، مبينة أنها ترافقه في كل شيء وتنظم وقته وتتواصل مع وسائل الإعلام المختلفة في حال طلبها إجراء مقابلات تلفزيونية أو صحفية أو إذاعية معه حتى لا تشغله، ومن ثم يتفرغ لابتكار أشياء تخدم المجتمع وتفيد وطنه، وتشير إلى أنها تشعر بأن جائزتها الحقيقية في الحياة تتمثل في أن ينجح أبناؤها في الحياة ويحققوا ذواتهم، وهي تشعر بأن القيمة الحقيقية للأمومة تتمثل في التضحية من أجل الأبناء والإسهام في رسم مستقبل مشرق لهم.

المصدر: الاتحاد