المنتخب الجزائري يتسلح بذكريات 1982 في مواجهة ألمانيا غدا

منوعات

الجزائريون واصلوا الاحتفال بتخطي دور المجموعات على مدار اليومين الماضيين

قد يكون الوصول للمباراة النهائية لبطولة كأس العالم 2014 بالبرازيل على استاد «ماراكانا» الأسطوري في 13 يوليو (تموز) المقبل أمرا خياليا بالنسبة للمنتخب الجزائري لكرة القدم، ولكن الفريق يرى أن اللعب على «ماراكانا» ليس مستحيلا. ويدرك المنتخب الجزائري (الخضر) تماما أن المنافسة على بلوغ النهائي بهذا الاستاد العريق ليست بمقدور الفريق، ولكنه يستطيع اللعب في «ماراكانا» إذا نجح في عبور العقبة الألمانية وبلوغ دور الثمانية للمونديال البرازيلي.

ويلتقي المنتخب الجزائري نظيره الألماني غدا في دور الستة عشر للبطولة، ليتأهل الفائز منهما إلى دور الثمانية، حيث يلتقي على استاد «ماراكانا» مع الفائز من المواجهة بين منتخبي فرنسا ونيجيريا. ورغم الفارق الكبير في المستوى والخبرة بين المنتخبين الجزائري والألماني لصالح الأخير، يرفع الخضر شعار «لا مكان للمستحيل» في هذه المواجهة الصعبة. وأجمع لاعبو الفريق، بعد التعادل مع الدب الروسي (1-1) في الجولة الثالثة الأخيرة من مباريات المجموعة الثامنة بالدور الأول للبطولة، على أن الفريق حقق الهدف الذي جاء من أجله إلى البرازيل وهو العبور للدور الثاني للمرة الأولى في التاريخ، وأن المواجهة مع ألمانيا بمثابة مكافأة وحافز للاعبين. لكن بعضهم، في الوقت نفسه، أكد أن المواجهة ليست محسومة سلفا مثلما يرى كثيرون، وأن كل شيء يظل ممكنا إذا قدم الفريق مباراة جيدة في مواجهة الألمان.

ويتسلح الخضر بأكثر من عامل يثير التفاؤل في نفوس البعثة قبل هذه المواجهة العصيبة. ويأتي في مقدمة هذه العوامل الفوز التاريخي الذي حققه المنتخب الجزائري على نظيره الألماني (2-1) في مونديال 1982 بإسبانيا عندما كان الجيل الذهبي للخضر بقيادة النجم الكبير رابح ماجر مرشحا لبلوغ الدور الثاني. وتغلبت الجزائر على ألمانيا الغربية (2 – 1) في أول مباراة لها بمشاركتها في مونديال إسبانيا في أول ظهور للجزائر ببطولة كأس العالم. وخرجت الجزائر حينها من الدور الأول رغم تحقيقها لانتصارين (ألمانيا وتشيلي) وخسارة واحدة من النمسا. وندد الجزائريون بما سموه الفضيحة بعد تفاهم ألمانيا والنمسا على ترتيب نتيجة المباراة لصالح الألمان ليصعد المنتخبان معا إلى الدور الثاني. ومنذ ذلك الحين، أقر الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، إقامة مباريات الجولة الأخيرة من دور المجموعات في توقيت واحد.

نور الدين قريشي المدرب المساعد للبوسني وحيد خليلودزيتش في تدريب الخضر، أكد أن الفريق الحالي يشهد أجواء مثل التي شهدها في 1982 رغم وجود اختلافات كثيرة. وأشار قريشي، الذي كان أحد لاعبي الخضر في مونديال 1982، إلى أن المقارنة بين 1982 والمونديال الحالي صعبة لوجود اختلافات كثيرة بين الأوضاع في البطولتين ومستوى الخضر في كليهما، ولكن الشيء المؤكد أيضا أن أجواء التأهل للدور الثاني في المونديال الحالي أعادت إليه الذكريات التي عاشها مع الفريق في إسبانيا قبل 32 سنة. كما يرى الخضر أن المفاجآت ما زالت واردة، وأن أحدا لم يكن يتوقع خروج هذا الكم من المنتخبات الكبيرة في الدور الأول، حيث ودع البطولة كل من منتخبات إسبانيا حامل اللقب وإيطاليا وإنجلترا والبرتغال، بل ومنتخبات أخرى كانت مرشحة على الأقل للعبور إلى الدور الثاني مثل منتخبي كوت ديفوار وغانا لصالح منتخبين أقل ترشيحا وهما اليونان وأميركا.

وما يثير التفاؤل أيضا في معسكر الخضر أن الضغوط على الفريق ومديره الفني خليلودزيتش أصبحت أقل كثيرا، نظرا لعبور الفريق إلى الدور الثاني وتحقيق الهدف الأساسي من البطولة. أضف إلى هذا أن المنتخب الألماني، رغم كونه حتى الآن أحد المرشحين للقب العالمي، لم يظهر بمستواه المعهود في البطولة الحالية. وبعد فوزه في المباراة الأولى برباعية نظيفة على المنتخب البرتغالي، تعادل المانشافت بصعوبة بالغة (2-2) مع نظيره الغاني ثم حقق فوزا صعبا وهزيلا على المنتخب الأميركي (1-0). ويمثل تعادل المنتخب الألماني مع غانا في الدور الأول حافزا إضافيا للخضر قبل مباراة غد،ا لأن هذه المباراة أثبتت أن تحقيق نتيجة إيجابية أمام الألمان ليس مستحيلا، كما أن ارتفاع مستوى المنتخب الجزائري وتألق لاعبيه من مباراة لأخرى يعززان من فرص تحقيق المفاجأة أمام الألمان.

وبينما يبدو التفكير منصبا على مباراة غد أمام المنتخب الألماني، ذهب أحد الإعلاميين الجزائريين لأبعد من هذا وأعرب عن أمله أن يتأهل الفريق لدور الثمانية من أجل ملاقاة المنتخب الفرنسي المرشح للعبور على حساب نسور نيجيريا، مؤكدا أن المباراة بين «الخضر والديوك» في ذلك الوقت ستكون أشبه بمعركة حربية.

وتبدو هذه الرغبة في مواجهة الديوك الفرنسية بدور الثمانية نابعة من الرغبة في نوع من الثأر بعدما ظلت الجزائر تحت وطأة الاحتلال الفرنسي لسنوات طويلة في الماضي قبل الحصول على حريتها واستقلالها في مطلع الستينات من القرن الماضي.

لكن المؤكد أن حلم القارة الأفريقية بأكمله يسير في اتجاه مختلف، وهو أن تكون مباراة دور الثمانية على استاد «ماراكانا» يوم الجمعة المقبل مواجهة أفريقية خالصة بتأهل الخضر على حساب الألمان والنسور النيجيرية على حساب الديوك لتضمن القارة السمراء مقعدا في المربع الذهبي لكأس العالم للمرة الأولى في التاريخ، ليكون هذا أيضا امتدادا للمفاجآت التي يشهدها المونديال الحالي.

ولا شك في أن مشاعر الجزائريين امتزجت بين الخوف والقدرة على مواجهة التحدي، عندما يواجه منتخبهم العملاق الألماني غدا. وقال علي فرقاني، قائد المنتخب الجزائري في مونديال إسبانيا، إن المنتخب الألماني غالبا ما يجد صعوبة في تجاوز منتخبات شمال أفريقيا، مذكرا بالتعادل السلبي أمام تونس في دور المجموعات في نهائيات كأس العالم 1978 بالأرجنتين، وبالفوز الصعب للألمان على المغرب (1 -0)، في الدور الثاني بمونديال 1986 بالمكسيك. وأوضح فرقاني أن الجزائر سبق أن هزمت ألمانيا في مباراة ودية في ستينات القرن الماضي بالجزائر قبل أن تحرز فوزا تاريخيا على العملاق الألماني في مونديال إسبانيا. ونوه فرقاني إلى أن المواجهة المقبلة ستكون فرصة للجزائريين لمواجهة التحدي وتحقيق فوز جديد على منتخب ألمانيا، الذي أكد أنه يشارك في المونديال للفوز باللقب وليس الاكتفاء بلعب الأدوار الثانوية.

من جهته، اعترف مصطفى دحلب، أحد نجوم «الخضر» في مونديال إسبانيا، بأنه كان يتمنى ألا يواجه منتخب بلاده ألمانيا مجددا، حتى يبقى الانتصار المحقق في إسبانيا محفوظا في سجل التاريخ. وأشار دحلب إلى أن اللاعبين الجزائريين الشبان سيحاولون تحقيق الإنجاز نفسه وتخطي الألمان، مؤكدا صعوبة المهمة أمام منتخب مرشح بقوة للتنافس على اللقب. ولفت مجيد بوقرة، قائد المنتخب، إلى أن المباراة ضد ألمانيا ستكون صعبة، فيما أوضح المهاجم العربي هلال سوداني، أن الفريق سيحضر بكل جدية لتقديم أفضل ما لديه بعدما نجح في تحقق الهدف الذي جاء من أجله إلى البرازيل. وبدا على المشجعين الجزائريين تفاؤل بقدرة المحاربين على الوقوف الند للند أمام الألمان، والتطلع إلى مواجهة تاريخية أمام فرنسا في دور الثمانية في حال تخطي «الديوك» نيجيريا في الدور الثاني.

المصدر: بورتو أليغري: «الشرق الأوسط»