ماريا غوليا
ماريا غوليا
كاتبة أميركية

من القاهرة مع خالص حبي

آراء

علق أحدهم لافتة ضخمة وسط ساحة قريبة من شقتي خلال مظاهرات 30 يونيو (حزيران). كانت تحمل صورة السفيرة الأميركية لدى مصر آن باترسون، وقد وضعت على وجهها علامة إكس، وكتب أسفلها «ارحلي». المصادفة أن باترسون متزوجة، لكن وصفها بالعَازبة كان نوعا من التشويه، فالمرأة المستقلة عادة ما ينظر إليها بنوع من الشفقة أو عدم الثقة في الثقافة الأبوية المصرية.

المصريون غاضبون من الولايات المتحدة. ونظرا لكوني أميركية، كثيرا ما يقول لي جيراني في القاهرة بأسئلة مثل «هل من أنباء عن أوباما؟»، كما لو كنت ضالعة في عملية اتخاذ القرار الأميركي. فعلاقة المصريين مع الولايات المتحدة تبدو شخصية بقدر ما هي سياسية، ولقد شاهدت ذلك التحول من الافتتان إلى خيبة الأمل.

في أوائل الثمانينات، كان الناس هنا ينظرون إلى الشعب الأميركي كأبطال، يبدون إعجابهم برخاء البلاد وقوتها ونصرتها للحقوق المدنية. إلا أن الفترة التي سبقت وتلت هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، وأفغانستان والعراق وأبو غريب وخليج غوانتانامو، كنت عندما أسأل عن جنسيتي، أضطر إلى الكذب في بعض الأحيان، لا لتجنب المواجهة، بل أضطر للاعتذار نيابة عن أميركا، كما يسمونها هنا.

اليوم أكتب محملة برسالة إلى رئيس بلدي، تتلخص فيما يلي:

يشكو المصريون من أن أميركا دعمت جماعة الإخوان المسلمين الاستبدادية، كما فعل نظام الرئيس حسني مبارك على حساب الحريات السياسية والمدنية. وتشكل باترسون هدفا سهلا بالنسبة لهم؛ فقد التقت قادة حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، واعترفت بأن أميركا كانت على اتصال مع الإخوان المسلمين لمدة 20 عاما.

يعشق بعض المصرين نظريات المؤامرة، ويعتقد كثيرون أن محمد مرسي، الرئيس المخلوع، عمل لحساب الأميركيين، الذين ساعدوا جماعته في الوصول إلى السلطة بشروط معينة، وهي الحفاظ على السلام مع إسرائيل. وقد قوبلت تصريحات باترسون بعد خطاب 18 يونيو (حزيران) بشأن إيمان أميركا بـ«الحقوق والقيم العالمية» بالشكوك، فإذا كانت الولايات المتحدة تهتم بالديمقراطية في مصر، فلن تدعم الأنظمة الاستبدادية.

كثير من المصريين لديهم أصدقاء وأقارب يعملون في الولايات المتحدة، يهتمون بما يفكر فيه الناس وصانعو السياسة هناك، ويتمنون لو أن هذا الشعور كان متبادلا. إن المصريين يريدون أن يعترف بهم كمدافعين عن المبادئ الديمقراطية، وليسوا ضحايا انقلاب عسكري.

ومنذ عام 2011، تعلم المصريون أن الفوز بحق اختيار حكومتهم صعب، لكن محاسبتها عن الكيفية التي تدير السلطة أكثر صعوبة. وربما كان هو السبب في عدائهم لسياسات الولايات المتحدة، لا لمواطنيها، فقد كانوا مستبعدين من عملية صنع القرار السياسي لفترة كافية ليعرفوا أن الحكومات لا تعكس دائما إرادة شعوبها.

مررت مؤخرا بجوار اللافتة التي وضعت عليها صورة باترسون في الميدان لأجد 18 لافتة مشابهة علقت هناك خلال الليل. كان الهدف منها إعلاميا، فكتب بالخط الأحمر بالإنجليزية «الإدارة الأميركية» وعليها علامة «X». وفي السطر الثاني كتب «الشعب الأميركي» بعدها قلب أحمر كبير.

* خدمة «واشنطن بوست»

المصدر: صحيفة الشرق الأوسط