سعود كابلي
سعود كابلي
كاتب سعودي

مواجهة «حزب الله» بخطوات التطويق السياسي

آراء

طرح الكاتب السعودي أحمد عدنان في مقاله «لا تنسوا حزب الله» («الحياة» 17/3/2014) فكرة استخدام الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب كمدخل لمواجهة الدور السلبي لحزب الله اللبناني في الوقت الراهن بالمنطقة، مقترحاً إصدار مجلس جامعة الدول العربية قراراً يعتبر «حزب الله» منظمة إرهابية، وموضحاً أن من شان القرار مقاطعة (أو عدم اعتراف) أي حكومة لبنانية تضم وزراء من «حزب الله»، بما يخدم في النهاية الدولة اللبنانية الوطنية ويقويها. ويضيف: «الدولة اللبنانية في حاجة إلى حافز عربي ودولي لتقوم بدورها وتبسط سيادتها عبر احتكار حق الإكراه المشروع واحتكار قراري السلم والحرب، وأعتقد أن عزل حزب الله هو السلاح الأمضى».

مقال أحمد عدنان مبادرة مبتكرة وقوية، من خلال اللجوء إلى الآليات السياسية لاحتواء دور حزب الله السلبي، يجدر النظر إليها كونها تضع «حزب الله» وسلاحه ودوره في سورية، أو حتى داخل لبنان، تحت طائلة التحرك السياسي العقابي الفعال بدل خطابات إعلامية لا تمثل أكثر من جعجعة بلا طحن. ما تفتقده السياسة العربية هو السياسة، وأن تكون ساحة الصراع هي قاعات الاجتماعات والتحركات السياسية بدل شاشات التلفزيون التي ملئت صراخاً بلا نتيجة.

منذ اندلاع الثورة السورية وتحركات حزب الله في المنطقة لا تصب إلا في إشعال مزيد من الفتنة الطائفية التي يدعي الحزب محاربتها، فتدخل الحزب القوي في سورية كان بمثابة الراية التي حشد المتطرفون السنة بها أتباعهم بشكل كبير، مما كان أحد الأسباب الرئيسية التي فاقمت الوضع السوري إلى ما نره اليوم، وزاد من تأزيم الوضع اللبناني الداخلي وتوازناته الهشة بالأساس. لقد جعل «حزب الله» من تحالفه مع النظام الإيراني المنطلق الأساس لسياساته، وإنْ تَعارَضَ الأمر مع المصلحة الوطنية اللبنانية، فالحزب في تدخله بسورية يخدم النظام الإيراني بشكل مباشر من خلال الحفاظ على منظومة التحالفات التي تحاول إيران الإبقاء عليها من غرب جبال زاغروس وحتى شاطئ البحر المتوسط.

ووضع «حزب الله» على قائمة الإرهاب والمطالبة بتطبيق الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب بحقه، هما ورقة ضغط كبيرة على الحزب ومموليه لمصلحة لبنان إجمالاً، فاستمرار لبنان في هذا الوضع يؤدي إلى حرب أهلية جديدة بات اللبنانيون لا يتساءلون عن إمكان وقوعها وإنما عن موعد حدوثها. من جهة أخرى، فإن الخطوة ستقطع الطريق على استخدام ايران الحزب كورقة ضغط على الغرب، كون هذا القرار سيشجع الدول الأخرى على اعتبار الحزب إرهابياً، وسيمنع انزلاق الغرب نحو مسايرة ايران بإعطائها مكاسب إقليمية مقابل التنازل عن البرنامج النووي، وهو الأمر الذي تلوح بوادره مع تقدم المفاوضات بين مجموعة ٥+١ والإيرانيين، الذين يأملون في نهاية المطاف أن يترجم تنازلهم عن البرنامج اعترافاً بهيمنتهم الإقليمية، وحزب الله في هذه المعادلة هو الذراع الأكثر أهمية بالنسبة للإيرانيين.

إن حجة «سلاح المقاومة» التي يدّعيها «حزب الله» انكشفت في أزمة سورية حين وجه سلاحه شمالاً بدلاً من الجنوب حيث تقع إسرائيل، دفاعاً عن نظام لم يطلق رصاصة واحدة على الجولان المحتل. وإذا كان الحزب غيَّر منطق تدخله في الشأن السوري من «الدفاع عن المقاومة» كما صرح بداية الثورة السورية، الى «محاربة التكفيريين» كما يقول الآن، فإن هذه الحجة تسقط أيضاً، باعتبار كل الجماعات التي تتدخل في سوريا أيضاً جماعات إرهابية بلا تفرقة، مما يضع الحزب وفروع تنظيم القاعدة العاملة في سورية على قدم المساواة.

المملكة العربية السعودية أعلنت قائمة تضم عدداً من الجماعات التي اعتبرتها إرهابية، وتوقف البيان السعودي عند حدود تسمية «حزب الله السعودي» جماعة إرهابية، وهو أمر قد يكون جديراً بإعادة النظر، لا من خلال تحرك سعودي أو خليجي منفرد، وإنما من خلال تحرك عربي جماعي بمشروع قرار تحت مظلة جامعة الدول العربية يعتبر الفروع الجديدة لتنظيم «القاعدة» و «حزب الله» جماعات إرهابية يدينها ويدين مموليها، ويدعو الأمم المتحدة لتبني القرار. هذا الأمر من شأنه أن يضع الدول والأشخاص الذين يساندون ويمولون «داعش» أو «جبهة النصرة» تحت الضغط وطائلة التحرك الدولي، كما يضع «حزب الله» الذي يساند بشار الأسد كذلك تحت الضغط نفسه وطائلة التحرك الدولي. ما يتطلبه الأمر هو تحرك سياسي جاد، فأزمة سورية باتت أزمة المنطقة الكبرى، و «القاعدة» و «حزب الله» هما وجهان لعملة واحدة.

المصدر: الحياة