محمد الحمادي
محمد الحمادي
رئيس تحرير صحيفة الرؤية

هجوم فلوريدا.. هدية داعش لترامب

آراء

الأحداث التي شهدتها بطولة أمم أوروبا 2016 بعد مباراة إنجلترا وروسيا مؤسفة، وكشفت عن الوجه القبيح للرياضة ومشجعي كرة القدم، وبيّنت أن تخوفاتنا كان يجب ألا تنحصر في عمليات الإرهابيين التي قد تهدد البطولة، وإنما كان يفترض أن نتوقع «حرب الشوارع» من مشجعين لديهم الاستعداد للاقتتال بسبب مباراة كرة قدم.. لكن قبل أن يستفيق العالم من «إرهاب الملاعب» صدم بعملية إرهابية في الولايات المتحدة راح ضحيتها خمسون شخصاً.

ومن المفارقات أن تنظيم داعش الإرهابي أعلن بالأمس عن مسؤوليته عن الهجوم على الملهى الليلي بأورلاندو في ولاية فلوريدا، وتم الكشف عن منفذ العملية، وهو أميركي من أصل أفغاني يدعى عمر متين ويبلغ من العمر 29 عاماً.

لكن لم يعلن أحد مسؤوليته عن الانفجار الذي وقع في بيروت ليلة البارحة من خلال عبوة ناسفة تزن 4 كلغم وضعت تحت سيارة خلف مبنى بنك لبنان والمهجر، وهو أحد البنوك اللبنانية التي بدأت عملياً تنفيذ القانون الأميركي الذي يفرض عقوبات مالية على «حزب الله» ومؤسساته، عبر إغلاق حسابات تابعة له.

تنظيم «داعش» الإرهابي امتلك الشجاعة لأن يعلن مسؤوليته عن تلك الجريمة الجبانة بأميركا، فهل يمتلك الشجاعة من فجّر مصرف لبنان والمهجر أن يعلن عن مسؤوليته، أم أننا سنرى أصابع الاتهام توجه إلى العدو الإسرائيلي؟!

بالأمس سارعت شخصيات في المعارضة السورية إلى توجيه أصابع الاتهام إلى حزب الله اللبناني، وقال المعارض بسام جعارة في تغريدة على تويتر إن عناصر الحزب نفذوا هذا التفجير رداً على الحصار الذي تفرضه بنوك لبنانية على تعاملات الحزب المصرفية، ووزير الداخلية اللبناني نهاد مشنوق استبعد أن يكون الهجوم على صلة بتنظيم داعش. لكن لم يسمع أحد أي تعليق لا من «حزب الله» ولا من غيره على هذا الكلام.

أما جريمة فلوريدا فقد جاءت كهدية من داعش للمرشح الجمهوري دونالد ترامب، والذي تلقى التهاني من مؤيديه على هذه العملية التي اعتبرها مناصروه تأكيداً لموقفه السياسي من المسلمين الذين يعتبرهم إرهابيين! وقال ترامب في تغريدة على تويتر بعد ساعات من وقوع الهجوم «أقدر التهاني لأنني كنت محقاً بشأن الإرهاب الأصولي الإسلامي، لا أريد تهاني، أريد شدة ويقظة .. ينبغي أن نكون أذكياء».

الإرهاب يجد دائماً من يغذيه ومن يثيره، وبقدر ما كانت جريمة الملهى مقززة، بقدر ما يعتبر كلام وموقف ترامب مثيراً للشفقة، فأن يكون مرشح الرئاسة لهذه الدولة العظمى بهذه العقلية الإقصائية الانتقائية والعدوانية التي تضع أبناء ديانة بأكملها في سلة واحدة مع ثلة من الإرهابيين ممن لا دين لهم، ولا وطن، ولا عقيدة إلا الدم والقتل، فهذا أمر مؤسف جداً.

المصدر: الإتحاد