جاسر عبدالعزيز الجاسر
جاسر عبدالعزيز الجاسر
مدير تحرير صحيفة الجزيرة

هروباً من السيف

آراء

يثير التساؤل الاهتمام المفرط بعتق الرقاب والتسابق إلى الإشراف على الحملات التي تتولى جمع الأموال لفكاك حياة المحكومين بالقصاص، والحماس المخلص الذي يبذله القائمون لحث الناس على المساهمة بأي مبلغ حتى أن الحملات تترى وتتوالى والمبالغ المطلوبة تزيد وتكبر.

هل فعلاً يطلب أصحاب الدم هذه المبالغ الكبيرة؟ وهل أصبح العفو الذي كان طلبا للأجر وإعلاناً عن التسامح تجارة رابحة؟ وهل كل المحكومين يحظون بهذه الفرصة أم أن النشاط يقتصر على محكومين تنتصر لهم قبائلهم وأسرهم بينما يفتقده الضعفاء والمهمشون الذين لا يقف خلفهم من يستطيع جمع الملايين؟ وهل أصبحت بوابة للنجومية والظهور وامتيازات أخرى؟ ولماذا لا تنال قصص العفو الحر اهتماماً مماثلاً مع أنها فعل نبيل وعظيم وسماحة تستحق التقدير والاحتفاء؟

كما يبدو فإن هذه الحملات تنجح حتى الآن في جمع المبالغ المطلوبة وأفرزت سماسرة ووسطاء بارعين في إقناع المستهدفين بالدفع وهو نجاح يشير إلى استبعاد غير القادرين على الدفع منها، ويشي بأن عملية الانتقاء تقوم على دراسة المخاطر والجدوى المتحققة من العملية مما يحيلها إلى صناعة معقدة خصوصاً أن بعض وسائل الإعلام تنشر، دورياً، أسماء المتبرعين ومبالغهم تحفيزاً للوجاهة والاستعراض؟

قبل سنوات كانت هذه القصص لافتة لندرتها والاستنكار لطبيعة مطالبها أما الآن فهي مشهد ثابت وكثيف الحضور وقابل للنمو والازدهار.
إذا كانت المشاركات في هذه الحملات توفر الملايين فأين المتبرعون من المطلقات والأيتام والأرامل والمحتاجين للعلاج والرعاية؟ ولماذا لا يتحمسون لها حماسهم لعتق الرقاب من القصاص؟

إن كانت الغاية هي التعاطف وحب الخير فلا بأس لكن معظم الملامح تشي بأنها عصبية ومنفعة ودعاية صاخبة.

المصدر: صحيفة الشرق