إدريس الدريس
إدريس الدريس
كاتب سعودي

هل الإسلام “أسمر ويلبس غترة”؟!

آراء

منذ أن تم نحر الأميركي بل جنسون قبل سنوات في الرياض على يد غلاة القاعدة لمجرد أنه رجل أشقر؛ وهاجس ربط المسلم وتمييزه لونيا يطاردني لفرط المغالطة في هذا الأمر الصادر تحديدا من مسلمين، فما جاء الإسلام لنا وحدنا نحن السعوديين، وليس دينا عرقيا للعرب دون سواهم، كما أنه ليس دينا مقتصرا على ذوي البشرة السمراء، ولكنه دين لكل البشر من كل الأعراق وكل الألوان، على أن هذا التصور الخاطئ تنتج عنه بالتبعية سلوكيات خاطئة.

يجرني هذا الحديث إلى قفزة الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر على ظهر أخيه البريطاني المسلم الأشقر، وكانت للحق قفزة بارعة تشبه قفزات المصارع “آندريه العملاق”، فلماذا ابتدر المحتسب أخاه المسلم بهذا السلوك؟ هل ظن أنه كافر طالما أنه “خواجة”.. ربما؟! وهل ثارت لديه الغيرة بعد أن لاحظ أنه يصاحب سيدة سعودية محتشمة بعباءتها؟!

“طيب” هل كان من الضرورة لإزالة اللبس وسوء الفهم أن يلبس هذا البريطاني الأشقر ثوباً وغترة لتزول الشبهة؟!!
أم كان على زوجته السعودية المحترمة أن تتخلى عن لباسها وعباءتها الساترة وتلبس لباسا غربيا يبعد عنها الصفة الوطنية ويجعل فكرة أنها زوجته أقرب للتصديق والقبول؟!

نحتاج لبعض الوقت كي يستوعب بعض المواطنين أن بعض المواطنات صرن يتزوجن من غير السعوديين، بل ومن غير العرب ومن غير ذوي السحنة “الشهباء”! وأن الأمر يمضي إلى ازدياد، خاصة مع العولمة التي جاءت بها وسائل التواصل والوسائط الإلكترونية، وكذلك حجم البعثات الدراسية النسوية والذكورية، لست من يقول بهذا ولكنها الأرقام التي تشير إلى الزيادة الملموسة في زواج السعوديات بغير السعوديين.

وكما كان زواج المواطن السعودي بأجنبية سواء كانت عربية أو غير عربية يجد كثيراً من الرفض العائلي وكذلك الرسمي إلا أن الأمر كان يمض إلى القبول على مضض باشتراط إسلام هذه الوافدة الأجنبية، وهو الذي كان يحدث على نحو كان فيه إسلام الزوجة “الشقراء” أحيانا أحسن من زوجها السعودي!! وهو ما كانت تتهامس به المجالس العائلية غالبا، وهكذا يجب علينا أن نتوقع حسن إسلام بعض هؤلاء “الخواجات” ذوي العيون الزرقاء بصورة تعاملية وسلوكية أفضل مما نفعل نحن أبناء الإسلام الأصليين، ولم لا يكون ذلك خاصة أن الإسلام حق مشاع لكل البشر يدخلونه على الرحب والسعة.

إذا توطنت مثل هذه القناعات في نفوسنا فلن نحتاج إلى مثل فارس الهيئة الذي ما كان عليه أن يبتدر الرجل والمرأة بالشك طالما أنه لم يلحظ أي سلوك منفر أو مثير للريبة.

لقد دافعت في مقالات سابقة عن رجال الهيئة وأدوارها التي لا ينكرها إلا جاحد، لكنني رغم كل ما يتواتر به المغردون حول هذه الحادثة التي هي حديث الساعة سواء من هم في صف التأييد أو من أولئك المضادين إلا أنني مؤمن بأننا نسيء لإسلامنا ونسيء لوطننا بشيء من التهور الذي تنقصه الحكمة وتقديم حسن النية.

ورغم كل شيء فإن مقارنة ما حدث هنا بما حدث هناك وما حدث للبريطاني المسلم وما حدث للطالبة السعودية في بريطانيا لا يسوغ ولا يبرر ما حدث. فالخطأ لا يسوغه خطأ مثله أو أكثر أو أقل.

المصدر:الوطن أون لاين
http://www.alwatan.com.sa/Articles/Detail.aspx?ArticleID=22849