ناصر الصرامي
ناصر الصرامي
إعلامي سعودي وكاتب صحفي

هل هزمنا الإرهاب..؟ وهل ناصحنا التطرف..؟

آراء

ليس ممكنًا الإجابة بشكل نهائي على عنوان المقال، وبالرغم من النجاح الأمني المتواصل في ردع استباقي أو آنٍ للعمليات الإرهابية وخلاياها القذرة، إلا أننا مازلنا في حرب طويلة، وطويلة جدًا مع الإرهاب مهما تشكل أو تلون أو اتخذ عناوين جديدة، ورموزًا متبدلة.

منذ البدايات الأولى للإرهاب وضربه لأهداف مختلفة في مناطق متفاوتة من المملكة، نجحت المملكة التي تشن منذ 2003 حملة شرسة ضد القاعدة في تقويض حضور التنظيم لدرجة كبيرة في المملكة؛ مما جعل عناصر تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب، تحاول في أغسطس 2009 اغتيال مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية أنذاك الأمير محمد بن نايف في هجوم انتحاري.

وفي نوفمبر 2010، أعلنت وزارة الداخلية أن أجهزة الأمن اعتقلت 149 عنصرًا من تنظيم القاعدة، وفككت 19 خلية في ثمانية أشهر كانت تخطط لاعتداءات، ولا سيما ضد مسؤولين سياسيين وصحافيين.

وفي مارس 2010م، أكدت السلطات الأمنية أنها اعتقلت 116 شخصًا على علاقة بالقاعدة، 101 منهم في شبكة واحدة.

وفي يناير 2011 أعلنت وزارة الداخلية السعودية قائمة جديدة بأسماء 47 مطلوبًا سعوديًا بتهمة الارتباط بتنظيم القاعدة موجودين خارج المملكة.

وفي أغسطس 2012 كشفت السلطات الأمنية السعودية عن إحباطها لخلية إرهابية في العاصمة الرياض تابعة للتنظيم الإرهابي، وأيضًا الكشف عن خلية أخرى في محافظة جدة؛ حيث ألقي القبض على أحد عناصرها عمل على إعداد مواد كيميائية متفجرة وتجربتها. ويمكن لي الاستطراد في التذكير بنماذج التفوق الأمني.

الأكيد أن الجانب الأمني هو المتفوق في حربنا ضد الإرهاب والإرهابيين والمتطرفين، أعداء الوطن ووحدته وسيادته واستقراره.

إلا أن حربنا مع الإرهاب تبقى كما هي، حرب مفتوحة وطويلة بكل تأكيد. وإن تلونت بعنوان جديد هو «داعش»!

وبالرغم من وجود بعض المشروعات الفكرية والاجتماعية والتوعوية، ولجان وبرنامج مناصحة واحتواء، ورعاية للمغرر بهم من ضحايا جماعات التطرف، إلا أننا حتمًا وبعد أكثر من عقد في هذه المواجهة والحرب نحتاج إلى مراجعة شاملة لكل المشروعات والآليات التي استخدمت في الحرب على الإرهاب.

الحادثة الأخيرة التي شهدتها قرية الدالوة بالأحساء كشفت عن عودة مستفيدين من برنامج المناصحة إلى الفكر الضال، ومشاركة 47 من المفرج عنهم من أصل 77 متهمًا تم القبض عليهم في الحادثة الإرهابية.

واذهب إلى ما ذهبت إليه عضو مجلس الشورى الدكتورة لطيفة الشعلان، التي رأت أن برنامج المناصحة والرعاية الذي تعمل عليه وزارة الداخلية لتصحيح مفاهيم المنضوين في صفوف الجماعات الإرهابية، يقف على عتبات استحقاق المراجعة والتقويم الشامل، بما يضمن الحفاظ على النتائج الإيجابية لمركز محمد بن نايف للمناصحة والرعاية.. ومراجعة آليات الفشل.

عضو الشورى أشارت تحت قبة المجلس على ضرورة تفعيل دور المختصين في الإرشاد والعلاج النفسي، للحد من استقطاب المفرج عنهم للأنشطة الإرهابية مجددًا، لأن الدراسات الأجنبية الحديثة أثبتت أن الفكر والسلوك الإرهابي بغض النظر عن منطلقاته إن كانت لاهوتية دينية أو قومية شوفينية هو مشكلة بنية معرفية عميقة وراسخة، بحاجة إلى تفكيك وإعادة بناء وفق إستراتيجيات علمية معروفة للمختصين، تختلف جملةً وتفصيلاً عن طرق واجتهادات الدعاة والمشايخ.

مؤكدة أن هذه الإستراتيجيات النفسية سوف تشتمل كذلك على إدماج المفاهيم الإنسانية الحديثة عن الدولة والمواطنة والمجتمع والآخر والأقليات بحيث يكون التغيير في البنى المعرفية لهؤلاء شاملا.

المصدر: الجزيرة السعودية
http://www.al-jazirah.com/2014/20141216/ar5.htm