مازن العليوي
مازن العليوي
كاتب سوري في صحيفة الرؤية الإماراتية، ويعمل حاليا في مجال إعداد البرامج الحوارية الفضائية ، رئيس قسمي الثقافة والرأي في صحيفة "الوطن" السعودية اعتبارا من عام 2001 ولغاية 2010 ، عضو اتحاد الكتاب العرب (جمعية الشعر)، واتحاد الصحفيين العرب، بكالوريوس في الهندسة الكهربائية والإلكترونية، وبكالوريوس في اللغة العربية وآدابها، لديه 3 مجموعات شعرية مطبوعة

يوم نفذ المراهق من قبضة «الإخوان»

آراء

وضعت الكتابين أمام والدي وأنا أسأله عن سيد قطب، أحد الكتابين (معالم في الطريق)، والآخر ديوان لشاعر من منبج معظم قصائده عن مآثر قطب. أما الإهداء فإلى شاعر الإسلام الجديد الذي لن يكتب إلا لخدمة دينه ومستقبل أمته الإسلامية، سألني والدي عن شخصية المُهدي، فأجبته بأنه مدرس اللغة الإنجليزية.

كنت آنذاك أواخر سبعينات القرن العشرين في الصف الأول الثانوي، مراهق يكتب الشعر وأقام أول أمسية في حياته يتغزل في معظمها بحبيبة متخيلة ويتحدث عن الوطن ويصف الطبيعة والنهر في غيرها، متأثراً بأغراض الشعر التقليدية التي ملأت المناهج. صفق له زملاؤه كثيراً، وتناقلت المدرسة أخبار الأمسية حتى وصلت لمدرّس الإنجليزية الذي طلب بعض كتاباته ليطلع عليها، والنتيجة أنه أثنى عليها إلا أنه استدرك بكونها لا تخدم الإسلام، وعليّ برأيه أن أكرس كتاباتي لهذا الغرض وحده.

في اليوم التالي أهداني الكتابين، ثم بعدها دعاني إلى منزله، سألته عن السبب فقال لنتحدث في أمور ديننا، فما تأخذونه في المناهج مليء بالأخطاء ولا يكفي، وسوف أعلمكم الدين الصحيح. أجبته بأني لا أستطيع من غير استئذان الوالد، فتغيرت ملامحه وطلب مني ألا أفعل، ففعلت.

حدثت أبي في بقية حوارنا عن دعوة الأستاذ، وعن درس اللغة الإنجليزية الذي يتحول بين لحظة وأخرى إلى درس ديني أو حديث عن الفساد في الدولة وغيرها من الدول، وأنه لا خلاص لهذه الأمة إلا بالإسلام، ويظهر لنا خوفه علينا من الانحراف عن الدين الحق واتباع «البدع» التي سنتها الدولة.

أخذني والدي إلى ركن في مكتبته، وأخرج لي كتباً لسيد قطب وأخرى تقاربه فكرياً، قائلاً: لم أطلب منك أن تقرأها، وسمحت لك بقراءة كتب الشعر والتاريخ وغيرها، لأن موعدها لم يحن بالنسبة لعمرك، فاحذر من مدرسك هذا، فطريقه غير سوي، وحدثني عما جرى في مصر من تأثير الإخوان المسلمين وكتب سيد قطب.

في العام التالي، بدأت أحداث «الإخوان المسلمين» الدامية في حلب وحماة .. هرب المدرس خارج البلد، وبدل أن يعود الطلاب الذين كانوا يزورون بيته إلى الدراسة، صاروا في المعتقل .. أما المراهق فقد نفذ من قبضة الإخوان.

المصدر: صحيفة الرؤية