رزان خليفة المبارك: حققنا العديد من الانجازات في مجال حماية البيئة ومواردها الطبيعية

أخبار

احتفلت دولة الإمارات العربية المتحدة يوم السبت الماضى بيوم البيئة الوطني العشرين، الذي ركز شعاره على دعوة المجتمع في دولة الامارات لدمج الاستدامة في نمط حياتهم اليومية. ويعتبر هذا اليوم مناسبة لنفكر ملياً أين نحن الآن، وما الذى نتطلع إليه لتحقيق رؤيتنا نحو مستقبل أكثر استدامة للأجيال الحالية والقادمة، فالأسس التي سترتكز عليها الاستدامة في المستقبل، هي تلك التي يتم إرساءها اليوم.

وتتيح لي هذه المناسبة الفرصة للحديث عن احتفالنا بمرور 20 عاماً على إنشاء هيئة البيئة – أبوظبي التي استطعنا خلالها تحقيق العديد من الانجازات في مجال حماية البيئة ومواردها الطبيعية والتي ما كانت لتتحقق لولا السياسة الحكيمة والتوجيهات السديدة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة –حفظه الله – ودعم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة ومتابعة سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، ممثل الحاكم بالمنطقة الغربية، رئيس مجلس إدارة الهيئة.

قبل عشرين عاماً كانت البيئة الطبيعية لإمارة أبوظبي مختلفة عما هي عليه الآن، فخلال السنوات الماضية شهدت الإمارة زيادة في عدد السكان رافقها نمواً متسارعاً في تطوير البنية التحتية وتنويع وانتعاش الاقتصاد. كذلك فقد نمت وتطورت هيئة البيئة – أبوظبي خلال هذه السنوات الماضية لترسيخ مكانتها ودورها كسلطة تنظيمية وتشريعية لتتحول من مؤسسة بحثية الى سلطة بيئية معنية بشؤون البيئة قادرة على مواكبة هذا التطور وتنفيذ رؤية وتطلعات حكومة أبوظبي.

إلا أن هذه البحوث التي نفذتها الهيئة منذ إنشائها مثلت في الكثير من الاحيان الأساس لكلما حققناه إلى الآن. فقبل عشرين عاماً كانت البيانات المتوفرة عن بيئتنا الطبيعية محدودة للغاية، ونظراً لخصوصية نظمنا البيئية وحساسيتها، كان من غير المناسب الاعتماد على بيانات تم جمعها في مكان أخر.

لذا فعلى مدى الـ 20 سنة الماضية، نجحت هيئة البيئة – أبوظبي في جمع وتحليل البيانات لتعزيز معرفتها بحالة البيئة وتأثير الأنشطة البشرية عليها ، مما مكننا من التعرف على إرثنا الطبيعي وملامح تنوعنا البيولوجي وفهم الوضع الراهن للموارد الطبيعية، ووضع الاستراتيجيات وخطط العمل للتصدي للتحديات التي يشكلها التأثير البشري كفقدان الموائل نتيجة للأنشطة التطويرية، واستنزاف الموارد والتلوث. هذاإلى جانب التعرف على التأثيرات الطبيعة، مثل تغير المناخ وضع سياسيات مناسبة للحد من آثاره المحتملة لضمان تحقيق النمو المستدام.

ومن الانجازات التي حققناها خلال السنوات الماضية ونفخر بها وضع عدد من السياسات وتنفيذها لحماية مواردنا الطبيعية، مثل مراقبة المياه الجوفية والمحافظة عليها، وتعزيز جودة المياه البحرية من خلال وضع التشريعات اللازمة للحد من الصرف الناتج عن الأنشطة الصناعية والاثار السلبية المحتملة لمشاريع التنمية الساحلية والأنشطة البشرية. كما قمنا بتطوير مجموعة متكاملة من الأدوات للتأكد من إنفاذ اللوائح والقوانين البيئية، بما في ذلك التفتيش البيئي والمتابعة الدورية وحملات التوعية، إضافة إلى تحسين أنظمتنا الرقابية بما يتماشى مع أفضل الممارسات العالمية، والتنفيذ الفعال للتشريعات والمعايير والسياسات والإجراءات البيئية؛ وإجراء دراسات تقييم الأثر البيئي لضمان جودة البيئة.

وتعمل هيئة البيئة – أبوظبي عن كثب مع الجهات المعنية في الإمارة لتنفيذ المشروعات التنموية الكبرى مثل عملها مع مؤسسة الإمارات للطاقة النووية لبناء الوحدات الأولى والثانية في موقع براكة ووضع تقييم بيئي متكامل والتحقق من جميع الجوانب البيئية لأعمال إنشاء أول مفاعلات البرنامج النووي السلمي لإنتاج الكهرباء في الإمارات.

كما كان للهيئة دور فعال في العمل مع دائرة القضاء في أبوظبي لوضع قوانين وإنشاء محاكم بيئية مختصة للفصل في القضايا المتعلقة في البيئة.

كذلك قمنا برسم خرائط لاستخدامات الأراضي والموائل في إمارة أبوظبي تتضمن مستوى عال من التفاصيل والوضوح، وتلى ذلك وضع سياسات تتعلق باستخدامات الأراضي، وتوفير المناطق المحمية لتكون ملاذاً آمناً للأنواع البرية وتلك المهددة بالانقراض.

كذلك قامت الهيئة بإجراء دراسات تفصيلية حول حالة المخزون السمكي في مياه أبوظبي التي تمثل الغالبية العظمى من المنطقة البحرية لدولة الإمارات العربية المتحدة. وخلال هذه الفترة، كانت الهيئة تنظم عمليات الصيد التجاري والترفيهي. وفي عام 2015، وبالشراكة مع وزارة التغير المناخي والبيئة، أطلقنا برنامج المصايد السمكية المستدامة لدولة الإمارات العربية المتحدة، والذي يهدف إلى رسم مسار يضمن تعافي مخزوننا السمكي.

ونحن على وشك إصدار تقرير عن حالة البيئة لإمارة أبوظبي لعام 2016، والذي يتناول الحالة الراهنة للبيئة في الإمارة. باستخدام نموذج المؤشرات DPSIRوالـذي يتـم مـن خلالـه ربـط حالـة البيئـة بالعوامـل المؤثـرة علـى البيئـة مـع طـرق الاسـتجابة. ويعتبر هذا التقرير بمثابة الدليل الإرشادي للهيئة وشركائها لاتخاذ القرارات السليمة المتعلقة بإدارة البيئة.

كما ساهمت الهيئة خلال العشرين سنة الماضية في الجهود المبذولة للمحافظة على الأنواع، محلياً ودولياً. ومنها استعادة المها العربي من حافة الانقراض، وذلك من خلال تنفيذ برنامج الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، الذي تخطت ثماره إطلاق المها العربي في الحدود البرية لدولة الإمارات، إلى تبنى بعض المشاريع الإقليمية لإعادة توطين المها العربي في موائلها الطبيعية في دول انتشاره,

كذلك نقوم بالتعاون مع حكومة دولة تشاد وغيرها من الشركاء في تنفيذ مشروع يعتبر الأكبر من نوعه في إعادة توطين الثدييات، إذ قمنا بإعادة توطين المها الإفريقي (أبو حراب) في البرية بجمهورية تشاد بعد غياب أكثر من 25 عاماًصنف خلالها ضمن الحيوانات المنقرضة في موائلها الطبيعية .

كما قمنا بتنفيذ استراتيجيات للمحافظة على أرثنا الثقافيفي إمارة أبوظبي، ومنها المساهمة بحماية وزيادة أعداد “طائر الحبارى” الذى يعتبر من أهم فرائس الصقور. هذا بالاضافة إلى إدارة وتنفيذ برنامج الشيخ زايد لإطلاق الصقور، ووضع خطة عمل عالمية للصقر الحر تساهم في تعزيز استدامة رياضة الصيد بالصقور، فضلا عن المساهمة في تسجيل الصقارة في اليونسكو كنموذج من التراث الإنساني المشترك بين دول العالم،وذلك بفضل الجهود التي قادتها دولة الإمارات العربية المتحدة.

كما عملنا على حماية الأنواع البحرية مثل أبقار البحر: حيث نستضيف حالياً ثاني أكبر تجمع لأبقار البحر في العالم بعد أستراليا. فضلا عن جهودنا في حماية سلاحف منقار الصقر وأسماك القرش والراي (اللخمة)، بالإضافة لمساهمتنا في المحافظة على الشعاب المرجانية وإنشاء وإدارة المحميات الطبيعية، فخلال عشرين عاماً بلغت مساحة المحميات البحرية 13,45% من البيئة البحرية، بينما أصبحت المحميات البرية تشكل 15,45% من البيئة البرية في إمارة أبوظبي.

تعتبر هذه الإنجازات في حماية البيئة خلال 20 عاماً دليلاَ على مهارة وكفاءة العاملين في الهيئة، التي وصل عدد موظفيها إلى أكثر من 1050 موظفاً، وخلال السنوات الماضية نجحنا في جذب وتنمية مهارات وقدرات فريق عملنا الذي يتمتع بالخبرة الواسعة في مجال المحافظة على البيئة.ويعتبر 69% من الموظفين العاملين بالهيئة و100% من القيادة العليا من مواطني دولة الإمارات العربية المتحدة – 41% منهم من النساء.

ولولا دعم شركائنا من القطاعين الحكومي والخاص محلياً ودولياً، وربما الأهم من ذلك مجتمع إمارة أبوظبي، لما كنا حققنا الكثير من الإنجازات في حماية البيئة والتقليل من بصمتنا البيئية.

وحيث أننا نرتكز على الجهود التي بُذلت خلال العشرين عاماً الماضية ونتطلع للمزيد من الإنجازات، سنستمر في العمل وفق خطة أبوظبي – ساعين للمساهمة في تعزيز جودة المياه، وتبني معايير فعالة في حماية جودة الهواء، والمحافظة على مخزون المياه الجوفية، والاستمرار في المحافظة على الأنواع، بما في ذلك المخزون السمكي، من خلال توسيع المحميات الطبيعية، وتنفيذ خطط المحافظة على الأنواع ووضع التشريعات المناسبة.

كما سنستمر في بناء قدرات المواطنين والوافدين ليكونوا حماة للبيئة من خلال برامجنا في مجال التعليم والتوعية البيئية والمبادرات التي تعزز من دور الشركاء.

ومع احتفالنا بمرور 20 عاماً على إنشاء الهيئة نود أن نعلن عن المبادرات التالية:

• التعاون مع مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون لاستضافة معرض “الفن في الطبيعة”، والذي يعتبر احتفالاً فنياً بتراثنا الطبيعي.

• العمل مع هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة لتوسيع نطاق السياحة البيئية، من خلال السماح للزوار بخوض تجربة زيارة المحميات الطبيعية.

• الاستمرار بتعزيز جهودنا في مجال التعليم والتوعية البيئية في المدارس والجامعات في إمارة أبوظبي والإمارات الأخرى.

• تزويد الباحثين وصناع السياسات والشخصيات المؤثرة بالمعرفة حول بيئتنا.

وعلى الرغم من كل ما حقنناه من الانجازات خلال الـ 20 سنة الماضة والمبادرات والبرامج التي نحن بصدد العمل عليها، إلا أن دور الأفراد في حماية وتطوير البيئة هو العامل الأساسى الذى يمكننا مجتمعين من تحقيق رؤية حكومة أبوظبي. وبهذه المناسبة أدعو كافة أفراد المجتمع لتبنى نمط حياة أكثر استدامة واعتبارها فرصة للتعرف على بيئتنا الطبيعية الرائعة وعمل المزيد من أجلها ليتمتعوا ببيئة أفضل وأكثر صحة لهم وللأجيال القادمة.